السوبر الأوروبي..ثورة الكبار ضد الكبار*د. محمد مطاوع
النشرة الدولية –
ما بعد بطولة السوبر الأوروبي، لن يكون أبدا مثل ما قبلها، وكرة القدم العالمية ستتغير بشكل تام.
لن نسمع نشيد الأبطال قبل كل مواجهة أوروبية، وقد يختفي نشيد الفيفا الذي حفظناه عن ظهر قلب قبل كل مواجهة دولية، سنشتاق لليالي الأبطال الثلاثاء والأربعاء كل أسبوع خلال المنافسة الكبيرة، وقد يختفي شعار اليويفا للأبد.
ما كان يعتبر قبل أشهر قليلة خيالا، تحول بالأمس إلى حقيقة واقعة، بعد أن فجر رئيس نادي ريال مدريد فلورنتينو بيريز القنبلة، وأعلن بشكل رسمي عن انطلاق البطولة بعد 4 أشهر من الآن، واختار موعدا لا يتناقض مع البطولات الأوروبية، ليكون الموسم الأول لبطولته المستجدة.
المفاجأة الحقيقية تمثلت في هذا العدد من أندية النخبة في أوروبا، والتي رفعت معظمها الكأس ذو الأذنين، وباتت أيقونة عالمية، نظير مشاركات عديدة في البطولات الأوروبية، حيث وضع خصوم الأمس أيديهم معا من أجل الإعلان عن هذه الخطوة العملاقة، يتقدمهم ريال مدريد وبرشلونة وأتلتيكو مدريد في إسبانيا، وكبار إنجلترا مانشستر يونايتد والسيتي، ليفربول، تشيلسي، آرسنال وتوتنهام، وكبار إيطاليا يوفنتوس وإنتر ميلان وجاره ميلانو وستكون الفرصة متاحة لـ 3 أندية أخرى للانضمام لهذه المجموعة لتكمل عقد الـ 15 المؤسسين.
المادة هي أساس هذا التحرك، والحرص على استعادة ما (ينهب) من الأندية في البطولات الأوروبية من أموال، بعد اتهام الاتحاد الأوروبي بالهيمنة على 70% من إيرادات مسابقاته التي أساسها الأندية الكبيرة، ويترك الفتات للبقية، حيث أن جائزة الفائز بدوري الأبطال الحالية تبلغ 35 مليون يورو، تضاف حقوق البث التلفزيوني والرعايات، والتي وصلت بمجملها إلى 130 مليون يورو لآخر الفائزين باللقب بايرن ميونخ الألماني.
ورغم أن المبلغ يبدو كبيرا في نظر البعض، إلا أن كبار أوروبا يعتبرونه مجرد فتات، وقد لا يكفي ثمنا للاعب واحد فقط، حيث تجاوزت تكلفة التعاقد مع البرازيلي نيمار 220 مليون يورو، وتكبد ناد مثل أتلتيكو مدريد 120 مليون يورو للاعبه الشاب فيليكس، ودفع برشلونة أكثر من 160 مليون يورو للتعاقد مع كوتينيو، وقبله ديمبلي مقابل 130 مليون وبعده جريزمان بـ 120 مليون، والعديد من الأمثلة الأخرى.
بيريز أعلن أن كل ناد من الـ 12 المؤسسين للبطولة سيحصل على مبلغ 340 مليون يورو، وهو ما يمثل 3 أضعاف جائزة دوري الأبطال، بمجرد الإعلان عن المشاركة، وستكون جائزة البطل أكثر من هذا المبلغ بكثير، وهو ما يعني أن الكبار سيتقاسمون الكعكة التي كانت تضم باقي الصغار في الماضي.
الحرب التي كانت مجرد تلميحات في السابق، باتت علنية من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، والذي حظي بمساندة كبيرة من الاتحاد الدولي، ومعه رئيس الوزراء البريطاني والرئيس الفرنسي، وذلك بإعلان الحرب على البطولة الوليدة، وتهديد الأندية المشاركة فيها من الإبعاد عن البطولات الأوروبية، وانضمت لهم الاتحادات المنظمة للبطولات المحلية في الدوريات الأربعة الكبرى، والتي أعلنت عن تجريد أي مشارك في السوبر من لقبه.
الأمر الآن أصبح واقعا، وسيتم الإعلان عن كافة التفاصيل تباعا بعد إشهار البطولة، وستكون تهديدات الاتحادات الدولية والمحلية مجرد حبر على ورق، مع انطلاق مباريات البطولة الحلم، حيث أكد بيريز أنه في حال استبعد اللاعبون المشاركون في السوبر من المونديال، سيتم تنظيم مونديالا خاصا على طريقة السوبر.
الأمر الذي يحتاج لتوضيح، هو الكيفية التي سيرد بها الداعمون الجدد وبالمليارات أموالهم؟ والتي ستكون بدون شك من حقوق الرعاية للبطولة وعلى رأسها النقل التلفزيوني، والذي قد تتضاعف تكلفته وبالتالي ستتهدد أيضا اللعبة بأن تكون للمتفرج (السوبر) فقط، وسيتواجد في هذه الأندية (المليارية) اللاعبون السوبر أيضا.
في النهاية، سيخضع الاتحاد الأوروبي لرغبة الكبار، وسيجلس معهم على طاولة المفاوضات في محاولة لإيجاد حل يرضى الجميع، سواء بتغيير طريقة تنظيم بطولاته، ومعها إعادة تقسيم الكعكة بشكل أكثر عدلا، بحيث تأخر الأندية الكبيرة الحصة الأكبر، نظير ما تنفقه من ملايين لشراء لاعبيها وتطوير البنى التحتية والمشاريع الضخمة التي تقوم بها من أجل المنافسة على الألقاب.
قد يكون كل ما أعلن عنه بيريز في بيان الأمس مجرد ورقة ضغط على اليويفا، وقد تتحقق رغبات بيريز التي أعلن عنها أكثر من مرة بضرورة إعادة النظر في احتساب العوائد للأندية ذات الجماهيرية الطاغية، والتي عبر عنها برقم 4 مليار مشجع، وقد تكون نهايتها الانفصال التام لأندية السوبر عن اليويفا، وتأسيس رابطة خاصة لبطولة السوبر، وتحقيق انطلاقة جديدة في عالم كرة القدم، واستنساخ الفكرة في باقي القارات.
بيريز ورفاقه وصلوا إلى نقطة اللاعودة، والكرة الآن بملعب اليويفا للموافقة على إدراج البطولة ضمن أجندته، أو تنفيذ تهديداته، وطرد كل المشاركين في السوبر من الاتحاد الأوروبي، ومثل ذلك من البطولات المحلية.