حقد وقلق.. نتنياهو والأردن* رجا طلب
النشرة الدولية –
اتسمت علاقة نتانياهو بالأردن وحتى قبل توليه منصب رئاسة الحكومة الإسرائيلية لأول مرة عام 1996 بنوع من العدائية العقائدية الناتجة عن فكره الصهيوني العنصري والذي لخصه في كتابه (مكان تحت الشمس) الصادر عام 1993، ويمكنني القول إن اتفاق السلام بين الأردن وإسرائيل الموقع عام 1994 كان أحد أكبر التحديات التي فُرضت على نتانياهو وحزب الليكود، وأقول تحد لكون نتانياهو لا يعترف أساسا بالجغرافيا الأردنية ولا بالدولة الأردنية كونه وكما قال في كتابه المشار إليه أن شرق الأردن هو جزء من أرض إسرائيل التاريخية، وأن وعد بلفور شم?ها كما شمل الأرض الواقعة غرب النهر، وأن بريطانيا فرطت بهذا الحق واستسلمت لطموحات الملك عبد الله الأول ورعت قيام الإمارة ثم المملكة لاحقا.
الإشارة السابقة كانت ضرورية للتعرف على طبيعة العقيدة التي حكمت سلوك نتانياهو تجاه الأردن، الأردن كوطن والأردن كتاريخ والأردن كهوية سياسية بلورها الهاشميون، ولذلك كان «هم» نتانياهو عندما تسلم رئاسة الحكومة عام 1996 هو كيفية تخريب السلام مع الأردن والعودة بالعلاقة معه إلى نقطة العداء الساخن أو على أقل تقدير إدخال الاتفاقية في «غرفة الإنعاش» توطئة لدفنها لاحقا، وكانت البداية بمحاولة اغتيال خالد مشعل بعمان وما ترتب عليها من أزمة كادت أن تنسف المعاهدة والتى أدارها الراحل الكبير الملك الحسين بمنتهى الشجاعة والاق?دار والتي كانت خلاصتها توجيه صفعة لنتانياهو بإجباره على دفع ثمن باهظ تمثل بإرسال «الترياق» لإنقاذ مشعل، وإطلاق سراح مؤسس ‘حماس» الشهيد الشيخ أحمد ياسين، وكانت هذه الصفقة التى رعاها وقتذاك الرئيس بيل كلينتون بمثابة صفعة لنتانياهو وتسببت بشرخ عميق في العلاقة بين نتانياهو والرئيس كلينتون وإدارته، كما كانت سببا من بين عدة أسباب لهزيمته وهزيمة حزبه أمام حزب العمل ورئيسه وقتذاك أيهود باراك عام 1999.
على عكس ما توقعه الكثير من المحللين للشان الإسرائيلي، فقد جذرت هذه القضية من مشاعر الحقد والعداء لنتانياهو تجاه الأردن بدلا من تخفيفها أو إزالتها، وعندما تسلم رئاسة الحكومة عام 2009 للمرة الثانية وضع نصب عينيه استكمال برنامجه العدائي تجاه الأردن وهو برنامج امتزجت فيه الخلفية العقائدية بالعقدة النفسية بالهدف السياسي المتمثل بتخريب السلام مع الأردن، ولا حاجة هنا إلى إعادة سرد الأحداث المتتالية منذ ذلك التاريخ إلى اليوم والتى تؤكد وبشكل حاسم عدائية نتانياهو للأردن.
جلالة الملك أدرك مبكرا عمق الحقد الدفين لنتانياهو تجاه الأردن لذلك تعامل و يتعامل معه ومع سياساته بمنتهى القوة والحزم، وما حادثة الغاء زيارة ولي العهد الأمير الحسين للقدس وما تبعها من تطورات ومن أبرزها رفض السماح له لاتخاذ الأردن محطة ترانزيت للسفر للإمارات واجباره التراجع عن إغلاق الاجواء الإسرائيلية أمام الطيران الأردني وكذلك التراجع عن قراره رفض تزويد الاردن بحصته المائية من بحيرة طبريا، كلها صفعات متلاحقة تلقاها نتانياهو ستعمق حقده وعقدته تجاه الأردن.