للمرة الثانية سينتخب الشعب السوري رئيسا لبلاده و”الاستحقاق الفعلي هو الخبز والمازوت”
النشرة الدولية –
الحرة –
للمرة الثانية سينتخب الشعب السوري رئيسا لبلاده في ظل أصعب أزمة اقتصادية اجتماعية عرفها في تاريخه الحديث، وسط ارتياح لمؤيدي رئيس النظام الذي من المتوقع أن يبقى في منصبه، وغضب معارضين يعتبرون أن إجراء هذه العملية في هذا التوقيت هو “جريمة” من نوع آخر.
ودعا مجلس الشعب السوري الراغبين بالترشح لمنصب الرئيس التقدم بطلب الترشح للمحكمة الدستورية العليا خلال عشرة أيام، بدءا من يوم الاثنين (اليوم)، وحتى الأربعاء، 28 أبريل، بحسب وكالة الأنباء الرسمية (سانا).
وفي وقت لا يسمح الدستور السوري لمن يقيم في الخارج أو لديه جنسية ثانية المشاركة في المنافسة على منصب الرئاسة، سارع رجل الأعمال السوري، المقيم في فرنسا، محمد عزت خطاب، إلى إعلان ترشحه، على أن تكون أولوية مشروعه الانتخابي “إعادة الإعمار”، بحسب ما قال لموقع “الحرة”.
واكتفى خطاب بالإشارة إلى أنه لديه علاقات دبلوماسية رفيعة المستوى في أوروبا، وتربطه علاقات جيدة مع الرؤساء الأوروبيين، آملا أن يستطيع جلب المساعدات المالية للنهوض بالوطن.
وذكرت وكالة الأنباء الرسمية “سانا” أن رئاسة مجلس الشعب تبلغت من المحكمة الدستورية العليا تقدّم شخصين بطلب ترشحهما إلى منصب رئيس الجمهورية، حتى الآن.
والمرشحان، أحدهما عضو سابق في مجلس الشعب يدعى عبد الله سلوم عبد الله والآخر سبق أن قدم طلب ترشح مماثل خلال الانتخابات الرئاسية الماضية عام 2014.
ولم يعلن رئيس النظام بشار الأسد (55 عاماً)، الذي يحكم البلاد منذ العام 2000، حتى الآن ترشحه رسمياً الى الانتخابات. وقد فاز، في الانتخابات الأخيرة في يونيو 2014، بنسبة تجاوزت 88 في المئة. ونافسه مرشحان مغموران، في خطوة وصفتها المعارضة حينها بأنها “شكلية”.
ويعتبر مستشار مفتي سوريا، المهندس باسل قس نصر الله، في حديث لموقع “الحرة”، أن “سوريا لم تصمد أكثر من عشر سنوات في هذه الحرب المجنونة عليها، إلّا لأنها كانت جاهزة ومستعدة لكل الطروحات المستقبلية، وأعتقد أن الانتخابات الرئاسية هي إحداها”.
ورداً على سؤال حول الرئيس المتوقع أن يفوز بالانتخابات، قال: “المادة الأولى من قرار الأمم المتحدة رقم 2254 المأخوذ بالإجماع والصادر في 18 كانون الأول 2015 نصت على أن الشعب السوري هو من سيقرر مستقبل سوريا”.
وأضاف: “الشعب السوري إن في المناطق التي تُسيطر عليها الحكومة السورية، أو في الخارج، هو من يختار رئيسه”.
وتابع: “حظوظ الرئيس السوري بشار الأسد قوية مهما كانت الآراء المخالفة، لأنه باعتقادي هو احتياج للأمة السورية، وسنكون بعيدين جداً عن الواقعية إنْ كان هناك من يعتقد حالياً غير ذلك”.
وهنا شدد على أن “الرئيس السوري اليوم وأكثر مما مضى، هو شخصية مركزية”، معربا عن خشيته من أن “تكون الانتخابات في الخارج مقعدة بسبب تخوف حقيقي من مشاحنات قد تجري بين الموالين والمعارضة لن تتدخل بها السلطات الدول المستضيفة باعتباره شأنا سوريا”.
وعن نسبة المشاركة في الخارج، لفت إلى أنه “بالإضافة لإمكانية وقوع مشاحنات في المهجر، هناك تضييق للوصول الى مراكز الانتخاب بسبب جائحة كورونا أو بسبب القرارات السياسية”، كاشفاً أنه “يجرى الحديث بين أوساط المغتربين عن ضرورة إجراء عملية الاقتراع إلكترونيا”.
وتابع: “في الداخل السوري، ليس هناك مشكلة في الانتخاب، ومن المؤكد أن الكتل السياسية ستحشد طاقاتها للانتخاب، والكتلة البعثية كتلة مؤثرة إضافة للأحزاب الأخرى”.
وختم قس نصر الله قائلا: “أنني محكوم بالأمل، يمكنني القول تماماً بأن سوريا ستنهض من جديد”.
ويقول المحلل السياسي والباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، معن طلاع، في حديث لموقع “الحرة”، إن “الحديث عن الانتخابات الرئاسية في سوريا يتطلب النظر في أربع قضايا رئيسية متشابكة: العملية السياسية، الاعتراف بواقع الجغرافية الراهن، الشروط الموضوعية لإجراء الانتخابات، وتحديات النظام”.
وأوضح طلاع أن “الانتخابات وفقاً لآخر مستند قانوني دولي ناظم للعملية السياسية القرار 2254، وتحديدا البند الرابع منه، تأتي كخطوة لاحقة لإقامة حكم ذو مصداقية وغير طائفي، ولكننا أمام موت سريري للقرار الدولي واستعصاء مقصود لمسار العملية السياسية عبر جعلها مفتوحة الأفق وتسير على غير هدى سياسي”.
واعتبر أنه “هناك لا مبالاة دولية تتمثل في عدم جهوزية الدول الكبرى للحل السياسي واكتفائها بالدعم الشكلاني وما بين هذا وذاك تغدو كل الاستحقاقات التي تتطلب لحظة سياسية جديدة خطوة شكلية تعاند فكرة الانفراجة”.
وتُجرى الانتخابات الرئاسية مرة كل سبع سنوات، وتعد الانتخابات المقبلة الثانية منذ بدء النزاع عام 2011، وبعدما استعادت القوات الحكومية بدعم عسكري روسي وإيراني مساحات واسعة من البلاد. وتبقى المناطق الأخرى تحت نفوذ أطراف محلية مدعومة من قوى خارجية، ولن تشملها الانتخابات.
وأشار طلاع إلى أن “خطوة الانتخابات هذه هي اعتراف بمنطق النفوذ طالما أنها ستجري فقط بمناطق نفوذ النظام، وبالتالي فإن استحواذ النظام على سدة القرار السياسي والاقتصادي والأمني في دمشق بهذا السيناريو هي غاية سياسية ليس إلا”.
وحول الشروط الموضوعية، شدد طلاع على أن “هذه الانتخابات وكل عناصر العملية الانتخابية الراهنة داعمة لفكرة الحزب الواحد، الحزب القائد للدولة والمجتمع (حزب البعث)، باعتباره الإطار التنظيمي السياسي الذي من خلاله يتحكم النظام بكل مفاصل الدولة”.
وأشار إلى أن “قائمة الوحدة الوطنية وكل الهيئات المتعلقة بسير الانتخابات وتنظيمها هي تابعة لحزب البعث، فضلاً عن عدم كفاءة القانون ذاته وعدم وجود فعلي لهيئات دستورية تتلقى الطعون، وقبل هذا كله أكثر من نصف الشعب غير مشارك بها”.
وهنا وصف الباحث الانتخابات المقبلة بأنها “رقص على الدم السوري”.
ومن جهة أخرى تتعلق بمنظور النظام وتحدياته، قال طلاع إن “الأسد يجهد دائماً لتنفيذ أجندة الانتخابات بمواعيدها لإظهار تمسكه باستحقاقات الدولة”، لأن الدستور لا يتضمن مادة تسمح بالتمديد، “لكن تلك الاستحقاقات تبدو ترفاً في ظل واقع مأساوي في معدلات ومؤشرات سبل العيش، وما فكرة الانتخابات هنا إلا مشهد كوميدي أمام استحقاق الخبز والمازوت”.
“توحيد أسعار الصرف”.. مصرف سوريا المركزي يتمسك بـ”طوق نجاة دولار المغتربين”
قام مصرف سوريا المركزي بتعديل نشرة “المصارف والصرافة” ليصبح سعر شراء الحوالات الواردة من الخارج، الشخصية والويسترن يونيون”، والواردة لصالح الأمم المتحدة والهيئات التابعة لها والمنظمات والمؤسسات الدولية الإنسانية الواردة معادلاً لـ 2500 ليرة سورية مقابل الدولار الأميركي.
ويحل الاستحقاق الانتخابي فيما تشهد سوريا أزمة اقتصادية خانقة خلّفتها سنوات الحرب، وفاقمتها العقوبات، فضلاً عن الانهيار الاقتصادي المتسارع في لبنان المجاور.
وأسفرت أكثر من عشر سنوات من الحرب عن مقتل أكثر من 388 ألف شخص واعتقال عشرات الآلاف ودمار البنى التحتية واستنزاف الاقتصاد ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان.