دعوة نائب رئيس مجلس النواب اللبناني “الفرزلي” لتسلم الجيش رسالة إلى بعبدا على قاعدة الإنقلاب بالإنقلاب؟
النشرة الدولية –
لبنان 24 – نوال الأشقر –
ليس موقفًا عابرًا ما صدر عن نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي في دعوته لـ “استلام الجيش لفترة انتقالية” وذلك في معرض تعليقه على ما وصفه بـ “الحركة الإنقلابية للقاضية غادة عون”. أراد الفرزلي إيصال رسالته بفعل مدوٍّ إلى حيث يجب، فكررها ثلاث مرات على قاعدة “يلي ما سمع يسمع”.
قالها بلا قفّازات “على قيادة الجيش أن ترسل رئيس الجمهورية إلى البيت”، وإن وردت هذه العبارة من ضمن سياق عام حول متطلّبات استلام الجيش. خلال مقابلةٍ له انطلق من إجماع اللبنانيين “على نظافة المؤسسة العسكرية” ليدعوها “إلى تسلّم السلطة وحلّ الدستور وحلّ كل المؤسسات وإعادة تكوين السلطة من جديد”.
لم يكتفِ الفرزلي بالمنصّات الإعلامية لإيصال رسالته، بل توجه في اليوم التالي إلى المؤسسة الدستورية الأم، ليدعو تحت قبّة البرلمان الجيش مجددًا لتسلّم السلطة، وإن خفّف من حدّة بعض العبارات، وحصر مهمة الجيش بتهيئة الأجواء في المستقبل لإجراء الإنتخابات، وبذلك يُكسب دعوته صبغة الشرعيّة، وهو الذي يشغل منصب نائب رئيس المجلس، وفي اختياره المجلس النيابي لتأكيد طرحه أكثر من دلالة ورسالة، وصلت إلى حيث أراد، فكان رد وزير القصر سليم جريصاتي بالمرصاد “خفّف من غلوّك، ولا تُقحم الجيش في ما ليس فيه… جيشنا ليس جيش النظام، بل جيش الشرعيّة الدستوريّة، ودستورنا لا يتمّ تعليقه عند كلّ مفترق أو مفصل قاسٍ من حياتنا العامة، ورئيس الجمهوريّة يبقى طيلة ولايته رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن”.
ردّ جريصاتي وما حمله من عبارات لا سيّما “رئيس الجمهوريّة يبقى طيلة ولايته رئيس الدولة” أتى ليثبت أنّ الفرزلي ومن معه في طرحه، قصدا برسالتهما رئيس الجمهورية. ولو أنّ الفرزلي نفسه راح يخفف من وطأة دعوته في إطلالات تلفزيونية تلت مؤتمره الصحافي، بأنّه لم يتوجه مباشرة إلى الرئيس ميشال عون، بل قدّم اسبابًا موجبة لحلّ عبر تعليق الدستور واستلام الجيش زمام الامور، وبأنّه ضد المطالبة بتقصير ولاية رئيس الجمهورية.
بنظر مصادر مراقبة، فريق في البلد ولو كان ينتمي إلى الصف الواحد، استشعر أنّ تغطية العهد لتمرّد القاضية عون والذهاب إلى الآخر في دعمها ميدانيًا في الشارع، ودورها الحالي والمستقلبي في فتح ملفات فساد غب الطلب، هو مؤشّر لسيناريوهات مماثلة قد يبتكرها فريقها السياسي في المستقبل، وربما مقدّمة لتمرّد أكبر من قبل فريق العهد فيما لو سارت الأمور على غير ما يرغب، وهنا كان لا بدّ من إطلالات الفرزلي الثلاث، للقول إنّنا نملك هذا الخيار القائم على تسليم الجيش، لمواجهة أيّ انقلاب على قاعدة البادي أظلم. “خصوصًا أنّه عند انتهاء ولاية عون وتعذّر إجراء انتخابات رئاسية، سيكون المجلس النيابي بمثابة المؤسسة الوحيدة القائمة على قاعدة المجلس سيّد نفسه، ويصار عندها إلى تسليم السلطة للجيش” وبرأي المصادر يلعب الفرزلي في هذا الإطار دور “ناقل الرسائل”.
دعوة الفرزلي انقلاب
طرح الفرزلي قد يكون جدّيًا، خصوصًا أنّه كرّره ثلاث مرات بغضون أربع وعشرين ساعة، وقد لا يتعدّى لزوم إيصال الرسالة. بنظر العميد المتقاعد خليل الحلو فان دعوة الفرزلي لاستلام الجيش “انقلاب بحدّ ذاته، وقبله جارته أقلام بطرحه، وكتبت عن حكومة عسكريين برئاسة قائد الجيش جوزف عون إلى حين إجراء انتخابات”.
الحلو وفي حديث لـ “لبنان 24” يرى أنّ هذا الطرح غير جدّي “بل مجرد مزايدات وزكزكات لن توصل إلى أيّ مكان. أنا ابن المؤسسة العسكرية، أسأل ماذا بوسع الحكومة العسكرية أن تقوم به؟ هل سيتعامل البنك الدولي والجهات المانحة مع حكومة عسكرية؟ على العكس ستزيد الطين بلّة. من ناحية ثانية لقد جرّبنا سابقًا الحكومات العسكرية من القيادة في الخدمة الفعلية عام 1988، وما زلنا نعيش تداعياتها الكارثية إلى يومنا. هذه الطروحات ستزيد الأمور تعقيدًا، فيما نحن بحاجة لتأليف حكومة وليس لقيام حكومة عسكرية، فليضغط الفرزلي وغيره، كلٌّ من موقعه لتأليف حكومة، تقوم بإصلاحات باتت معروفة كشرط لتدفّق الأموال من صندوق النقد الدولي، وبحسب المعلومات هناك مبلغ مليار دولار جاهز فورًا في حال تألفت الحكومة ونفّذت إصلاحات”.
أمّا إجراء انتخابات نيابية كما ورد في طرح الفرزلي “فلا يصبّ في صالح الإنتفاضة بظل القانون الحالي”، قال الحلو ، اذ “كيف يمكن للجيش أن يصدر قانونًا جديدًا
للإنتخابات؟ أليس مجلس النواب من يصدر القانون ؟ ما يجب أن يحصل، حكومة تنفذ الإصلاحات، والمطالبة بنزع سلاح حزب الله ووقف الإحتلال الإيراني”
وفق مقاربة الحلو فان طرح الفرزلي رسالة لقصر بعبدا، وللإنتفاضة أيضًا “وكأنّه يقول كل ما فعلتوه من 17 تشرين لا قيمة له”. ختم الحلو “لا تزجوا بمؤسسة الجيش بزواريبكم السياسيّة وأوحالها، يكفي ما فعلتموه بها منذ الثمانينات، قيادة الجيش تقوم اليوم بمهمّات متعدّدة في الأمن والدفاع والحفاظ على الإستقرار، ويكفيها المسؤوليات الكبيرة الملقاة على عاتقها. كما أنّ واجب العسكريين في الخدمة الفعلية، الأمن والدفاع وليس السياسة أو الحكم”.