المخابرات التركية توظف الإعلام والصحفيين للتجسس الخارجي بموافقة وحماية الرئيس أردوغان
النشرة الدولية –
أظهرت وثائق قضائية تركية مسربة، أن عملية تصنيع وكالات أنباء وهمية، ومواقع إخبارية مزيفة، وتوظيف مراسلين ومصورين في مهمات بعضها استخبارية، هي نهج اعتمدته المخابرات التركية (MIT) منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة مطالع القرن الحالي، حسب ما نشره موقع “إرم نيوز”.
وفي تقرير استقصائي نشرته، اليوم الأربعاء “نورديك مونيتور” الأوروبية المتخصصة بالشأن التركي، عرضت الوكالة وثائق مسربة من ملفات قضية تعود إلى العام 2011، تتضمن اعترافات للمصور الصحفي مصطفى أوزر (47 عامًا) الذي كان عمل في وكالتين أوروبيتين للأنباء، وكيف جندته المخابرات التركية كعميل سري في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا التابع لها؛ لينفذ عمليات بعضها في شمال العراق وأوروبا، ذات طبيعة أمنية واستخبارية.
وفي الاعترافات بالوثيقة أنه تم تجنيد أوزر من قبل عميل في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا تم تحديده فقط بالاسم الأول جيم، في أغسطس 2005؛ حيث بدأ في جمع المعلومات الاستخبارية خلال مهامّه في تركيا والخارج.
وقد ادعى في التحقيق أنه تطوع للعمل مع المخابرات بدافع الشعور بالواجب، على الرغم من أنه كان يتلقى أموالًا ومذكرات استخباراتية سرية ودعمًا لوجستيًا من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
وتتضمن الوثائق المسربة من ملف بـ 46 صفحة أدلى به للشرطة، والبيان المكون من خمس صفحات الذي أدلى به للمدعي العام بلال بيرقدار، تفاصيل من إنشاء المخابرات التركية وسائل إعلام استطلاعية مثل وكالة الأنباء المستقلة (BHA) ووكالة الأنباء الأوروبية المصورة (ENNPhoto) للقيام بأنشطة تجسس.
ووفقًا للتفاصيل الواردة في اعترافاته، فقد تجسس معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا على الصحفيين الأجانب، مستخدمًا موقع المصور أوزير في وكالة الأنباء الأوروبية التي كان يعمل بها، دون علم الوكالة، وذلك للوصول إلى الأشخاص والأماكن الرئيسية بحجة إجراء المقابلات، وتغطية الأحداث للصحافة واستجواب الرعايا الأجانب البارزين الذين زاروا تركيا.
وكان تم نشر وكالة (ENNphoto) باللغة الإنجليزية حيث ركزت على التصوير الفوتوغرافي، بينما تم تشغيل BHA كموقع إخباري باللغة التركية.
وأظهرت تفاصيل ملف الاعترافات، أن عملاء معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا التابع للمخابرات التركية يستخدمون أسماء وعناوين بريد إلكتروني مزيفة ويتواصلون من خلالها مع صحفيين آخرين.
فقد أدرج قسم التصوير في صفحة الويب المصورين والصحفيين الأتراك والأمريكيين واليونانيين والسلوفينيين والبلغاريين ممن كانوا يعتقدون أن معلوماتهم وتعاونهم يتم مع نظراء إعلاميين مهنيين.
ويعرض التقرير نماذج من المهمات الاستخبارية التي يتم تنفيذها تحت الغطاء الصحفي، كالذي حصل العام 2007، عندما رافق “أوزر” مصورا أوروبيا في رحلة برية أقرتها وكالته إلى شمال العراق، حيث التقط صورًا لمعسكر حزب العمال الكردستاني وتخطيطه والمناظر الطبيعية بتعليمات من المشرف عليه في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. وعند عودته قام بتسليم الصور وتسجيلات الفيديو إلى مرجعيته الاستخبارية في المعهد.
وتتضمن اعترافات أوزر أنه صوّر سلسلة اجتماعات مكثفة مع قادة حزب العمال الكردستاني امتدت لثماني سنوات، كما صور أماكن “غير صحفية” في العراق وأماكن مختلفة في أوروبا.
وكانت جهة اتصاله الرئيسية في أوروبا رجلا يُدعى عصمت كيهان، يعمل في وسيلة إعلامية في أوروبا كانت قريبة من حزب العمال الكردستاني.
وفي أبريل/نيسان 2010، ذهب أوزر وعميل لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، إلى جانب وكيل ثالث يدعى إمراه إركوت، إلى مدينة فرانكفورت الألمانية لمقابلة كيهان شخصيًا والتحدث معه حول مشروع وكالة أنباء BHA.
وقد تمكن الفريق من كسب ثقة كيهان، ومنحه المال، وسجل كل المحادثات والتقط الصور. وكان معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا سعيدًا جدًا بالنتيجة. حتى أن يلدريم وصف الأداء بأنه دخول معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إلى مركز الدماغ لعمليات حزب العمال الكردستاني في أوروبا.
وفي أكتوبر 2009، رأى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا فرصة جديدة عندما طلبت الوكالة التي يعمل بها “أوزر” إجراء مقابلة مع قائد حزب العمال الكردستاني مراد قرايلان.
وكما يحدث في المقابلات، رتبت كيهان الاجتماع وذهب فريق الوكالة بما في ذلك “أوزر” إلى قرية ليفجي في جبال قنديل شمال العراق للتحدث مع القائد. وبدوره أبلغ أوزر معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بما لاحظه في مجمع حزب العمال الكردستاني، وموقع قرايلان ومزاجه العام أثناء حديثه إلى المراسلين.
ويوثق التقرير، كيف أن “أوزر” كان يعاير عمله وفقًا لتعليمات محددة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، تطلب منه التقاط صور للمعالم التي لم تكن بالضرورة مرتبطة بمهنة الصحافة.
فقد أراد معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا معلومات استخبارية محددة قد تكون مطلوبة في حال قررت السلطات التركية شن عمليات ضد مخابئ حزب العمال الكردستاني. كما جاء في التقرير.
وفي إحدى مهماته التجسسية في أوروبا تحت غطاء المصور الصحفي، يعرض الملف كيف تمكن أوزر من زرع برنامج قرصنة في أجهزة الكمبيوتر التابعة لوكالة فرات للأنباء (ANF).
وفي الوثائق المسربة من ملف التحقيق مع أوزر، أنه حصل في مارس / آذار 2011، على مهمة جديدة من المخابرات التركية طلبت منه مقابلة بريان كورن، وهو مدافع عن حقوق الإنسان ومحامٍ ساعد في إنشاء لجنة الحقيقة والمصالحة في جنوب أفريقيا.
وكان كورين يزور تركيا بدعوة من جمعية الصناعيين ورجال الأعمال الأتراك (TÜSİAD). وكان معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا يريد معرفة نواياه وأسباب زيارته لتركيا، ولذلك أجرى أوزر مقابلة مع كورين بناءً على تعليمات من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، لكن المقابلة لم تُنشر؛ لأن الهدف منها كان استخباريا.
وتتضمن الوثائق المسربة بيانا كتبه “أوزر” للمدعي العام في إسطنبول في 8 أبريل 2015، عرض فيه كيف أنه استطاع العام 2011، أن يكشف هوية رئيس محطة المخابرات الفرنسية في تركيا “تشي فايرون”.
ويعرض التقرير، كيف أن حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان كانت تعرف وترعى نهج توظيف الإعلام للقضايا الاستخبارية، رغم عدم قانونية ذلك.
مشيرًا إلى أنه عندما طلب المدعي العام التركي في 23 فبراير 2012 توجيه تهم لاثنين من ضباط المخابرات، هما يسار حقان يلدريم وحسين إمري كوزوغلو، بجناية خرق القانون وتوظيف الصحفيين، لم يسمح أردوغان للادعاء بالمضي قدمًا في الدعوى.