رمضانيات – 6 مع الله في الأرض

النشرة الدولية – كتب الدكتور سمير محمد ايوب

لَمْ يخلق الله الوجود عبثا، بل لمقاصد وأسرار. منها عبادة الخالق وحدَه، والاستخلاف في الارض. العبادةُ الحسَنة، هي أوّل المقاصد وأوضحها وأكثرها تحديدا. يقول سبحانه في الآية 56 من سورة الذاريات: ” وما خَلَقتُ الجِنَّ والإنْسٍ إلاّ لِيَعْبُدُونِ “. المُلاحَظ أنه قال: ليعبدونِ، ولم يقُل لأكونَ معبوداً لهُم أو لأعْبَد. فالله سبحانه، ليس بحاجة لأحد أو لشيء.

واضحٌ، أنّ الأنبياء والمُرسلين، قد أُرْسِلوا لهدايتنا إلى طريق الحق والعبادة النافعة. وواضح أن العبادة كما يأمرنا الله، ليست صلاة وصوما فقط، بَلْ ترقّي في معارج الكمال وتزكية النفس، الملتزمةِ بالمقاصد الربانية, في الاستخلاف، التي تم تشريفُ آدمٍ وذريّتَه به. وواضح أيضا لكل عاقل، أن متطلبات العمارة، تقتضي كثرة وتنوعا واختلافا وتعاونا وتكاملا، بين خلق الله أجمعين.

يوم الحساب، المُحْصي العدْلُ المُبين وحده، هو من سيُفرّقُ بين العابدين وغير العابدين. الرحمن الرّؤوف العَفْوُ وحده، هو منْ سَيُحاسِب المُكلّفين، على قُربِ أعمالهم في الدنيا أو ابتعادها، عن مقاصده المُتجذَرة، في مقصد العبادة. فكلُّ عملٍ خالصٍ لوجه الله هو عبادة.

أيّها المُتَعَنْصِرون الطائفيون والمَذهبيون، لاتُنَصّبوا أنفسكم اربابا على خلق الله، ولا تُضَيّقوا رحمتَة التي وسعت كلّ شيء، رغم عصبياتِكُم الجاهلية، ولا تتاجروا بصكوكِ غفران بائسة .

أتمنى على كل من يعقل رحمة رب كل الناس، تأجيل موضوع تصنيف، من سيدخل الجنة ومن سيدخل النار، من خلق الله إلى يوم القيامة. والعلم عند الله، لن يدخلَها أحدٌ بعمله فقط ، بل برحمتة التي وسعت كل شي، فلا تقنطوا منها، أحسنوا الظن بربكم، فهو غفّار الذنوب جميعا.

واعلموا أنّ الديانات السماوية كلّها، ما جاءت لإدخال المؤمنين المُستخلفين في الأرض الى الجنة مباشرة، بل عبرَ إعمارها، وإدخال الجنة إلى قلوبهم  وحياتهم أولا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى