الهوية والبوصلة والانتماء… القدس الريحانة العربية في قلب كل عربي* د. دانيلا القرعان
النشرة الدولية –
أنا القدس عاصمة كل فلسطيني مسلم ومسيحي، أنا من أسرى إليها النبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، ومشى على ترابها السيد المسيح، أنا قدس الأقداس بمساجدها بكنائسها، أنا الصامدة عاصمة فلسطين الأزلية، أنا الجريح ولن تضمد جراحي حتى يصيح الديك، أنا ابنة فلسطين العروبة، والعروبة أصبحت فيما بعضها منهجها التجريح والتذبيح.
إن القدس هي أرضنا، وهي أرض كل العرب ومهما زوروا التاريخ ولعبوا الألاعيب لا يصح الا الصحيح، وستعود القدس لنا، قدسنا هي أرضنا ومسؤوليتنا، وهي أمانة أودعها الله لدينا وسنسأل يوم الحساب عنها هل حفظناها أم ضيعناها؟ فمن واجبنا وعلى كل عربي مسلم أن يدافع عنها وعن المسجد الأقصى وحرمته ومكانته التي حفظها الله على مر العصور والأزمان. القدس ريحانة البلاد العربية وهي جوهرتها الثمينة أو لنقل هي واسطة العقد التي تزينه وتتلألأ في وسطه مباهية بنفسها وقد حق لها التباهي وهي أرض الله المباركة وفيها المسجد الأقصى ثالث الحرمين، سيأتي يوم وتعود القدس لأهلها وهذا أمر الله وقدره المحتوم، فعلينا ن نكون من الذين بذلوا الغالي والنفيس دفاعا عن القدس، كي لا نخجل عندما يتحقق نصر الله للمدافعين عنها وعن المسجد الأقصى، القدس عاصمة فلسطين، ولا عاصمة لفلسطين إلا القدس، ولا يمكن أن تكون القدس عاصمة لدولة أخرى، فكيف يقولون إن القدس عاصمة لمن يظنون أنهم دولة وهم أضعف حتى من النملة، هم مجرد ظلام يستبدون وبأمر الله سيبيدون.
علينا أن نربي أبناؤنا على أن القدس عاصمة أبدية أزلية لفلسطين، فليحفظوا أبناؤنا على الخريطة وفي مادة الجغرافيا أن هذا الشكل الذي يشبه الخنجر هو فلسطين وليس إسرائيل، نعم نعلمهم ونقولها إن القدس عاصمة فلسطين وهي خنجر في قلب كل ظالم وباغ ومستبد. وعلينا أن نربي أبناؤنا على الشجاعة وشدة البأس، وعلى حب فلسطين ونقول لهم أنتم هم من سيحرر فلسطين، وأنتم من سيعيد القدس عاصمة عربية أصيلة، فبهؤلاء الرجال ستبنى الأمة وتحيا الغمة وتزول الغمة.
” شهداء أردنيون على أسوار القدس ” تزدحم القصص في المدينة المحتلة فوق الأرض وأسفلها، ومن القصص التي تأبى مغادرة ذاكرة المسنين المقدسيين رغم دفن أبطالها منذ عقود، هي شجاعة واستبسال الجنود الأردنيين في دفاعهم عن الأرض في حربي عام 1948 و1967 رغم تلقيهم الأوامر بالانسحاب، وقصص الاستبسال التي تلاها استشهاد 364 جنديا أردنيا في حرب عام 1948 و587 في حرب عام 1967 تركت أثرا خاصا في نفوس من شارك في البحث عن جثث الجنود وبادر في مواراتهم الثرى.
طوبى لهم هؤلاء الذين ظاهروا على الحق، وجاهدوا على أسوار القدس واكناف القدس، طوبى لهم أهلنا فقد خرجوا من بيوتهم قاصدين الشهادة في أرض الرباط التي بارك الله فيها وحولها، استظلوا رايات الجيش العربي المصطفوي وسجلوا في تاريخ هذه الأمة فصولا من الضياء والغضب الساطع، منهم من فاز بالشهادة ومنهم من ينتظر ويحدثنا اليوم عن رحلته تلك الى الجنة. لقد كان تاريخنا الذي نعتز به معبدا بالشهادة منذ البدايات في سعينا نحو الحرية والاستقلال، اننا لن ننسى شهدائنا الذين قضوا على أسوار القدس وفي باب الواد واللطرون والجولان.
ليس من دم يمتزج تاريخيا كدم الأردنيين والفلسطينيين، إنها علاقة موقعة بالدم في الأرض والسماء، موقعة على أسوار القدس، في سهول جنين وأريحا وجبال نابلس والخليل علاقة وحدها نهر الأردن ودم الشهداء لن يفرقها بشر، لقد علمنا أجدادنا بإن دماء الشهداء هي التي ترسم حدود الوطن وفلسطين، جزء منا ومن عقيدة الأردنيين الدينية والسياسية والاجتماعية الى يوم الدين.
أجل أنهم رجال أردنيون دكوا بنعالهم مستوطنات ومستعمرات الغزاة، وجثت قيادات الطغاة عند نعالهم أسرى، ووقعوا صكوك الاستسلام لهؤلاء الابطال الغر الميامين، وقد اعترفت ببطولاتهم أعرق الاكاديميات العسكرية فدرست بطولاتهم في مدارس قياداتها الكبرى، واعترف بهم العدو قبل الصديق، فنصب لبطولاتهم النصب التذكارية وكتب عليها هنا قاتل جنود ومناضلون اردنيون ببسالة. ولم تتوقف التضحيات الأردنية مع توقف القتال بل استمرت الى يومنا هذا، وصفحات التاريخ المنسية يتداولها الآباء والاجداد في مجالس السمر ومجالس الشتاء القارس.