بلـدات وأحيـاء القـدس تنـتـفـض ردا عــلـى استـفــزازات المسـتــوطـنـيـــن
النشرة الدولية –
شهدت ليلة أمس الأول وحتى ساعات فجر أمس السبت مواجهات ميدانية بين المقدسيين وقوات الاحتلال والمستوطنين، في محيط البلدة القديمة بالقدس المحتلة، لليوم الحادي عشر على التوالي، في مشهد مشابه لهبات باب الأسباط وباب الرحمة، يظهر من خلاله المقدسيون، الهوية الراسخة لمدينتهم، وصمودهم في وجه محاولات طمس الهوية الدينية للقدس وتغيير معالمها.
وانتفضت بلدات وأحياء مدينة القدس منتصف ليلة السبت – الأحد، ردا على استفزازات المستوطنين والتهديدات بتنفيذ اعتداءات على المقدسيين وممتلكاتهم، في حين أفادت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بأنه تم تسجيل 20 إصابة بالرصاص المطاطي وقنابل الصوت والغاز، خلال المواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلية في محيط البلدة القديمة في القدس، حتى ساعات فجر أمس.
الأحداث في القدس تتصاعد يوما بعد يوم، وتطورت إلى مواجهات في كل أحياء مدينة القدس، على غير ما كان يتوقعه الاحتلال، الذي يمارس الضغط والبطش والقمع بحق المقدسيين بشكل متكرر.
وشهدت بلدات العيسوية وسلوان والصوانة ووادي الجوز والشيخ جراح والطور، مواجهات بين قوات الاحتلال الإسرائيلية المقتحمة للبلدات والشبان الغاضبين، وأغلقت بعض الشوارع في الأماكن المذكورة بالحاويات المحترقة، ورد الشبان بإلقاء الحجارة والمفرقعات على جنود جيش الاحتلال.
وفي بلدة سلوان، اشتعلت النيران في محيط أحد البؤر الاستيطانية خلال تبادل إطلاق المفرقعات والقنابل في حي بطن الهوى، كما أطلق الشبان المفرقعات باتجاه البنايات التي سربت للمستوطنين مطلع الشهر الجاري.
وفي حي الشيخ جراح، هاجم مستوطنون، فجر أمس السبت، منازل وممتلكات المقدسيين. وألقى عشرات المستوطنين الحجارة والزجاجات الحارقة على مركبات أهالي الحي، وحاولوا اقتحام منازلهم، تحت حماية شرطة الاحتلال، قبل أن يتصدى لهم الشبان، وفقا لشهود عيان.
ومساء الجمعة، اعتدت شرطة الاحتلال الإسرائيلي، على المقدسيين في محيط البلدة القديمة، بعد خروجهم من المسجد الأقصى، عقب انتهاء صلاتي العشاء والتراويح؛ ما أدى إلى إصابة 8 فلسطينيين بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، والضرب من قبل جنود الاحتلال الإسرائيلي.
كما شهدت عدة مدن بالضفة الغربية المحتلة، مساء الجمعة، مسيرات ووقفات تضامنية مع المتظاهرين في القدس، ورفضا لمحاولة تهويد المدينة وتهجير سكانها.
من جهتها، قالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في بيان مقتضب، فجر أمس السبت، إن 13 فلسطينيا أصيبوا خلال مواجهات مع قوات الاحتلال على حاجز قلنديا، وقرب حاجز «بيت إيل» شمالي مدينة البيرة في محافظة رام الله.
وفي قطاع غزة، أصيب الليلة قبل الماضية ثلاثة مواطنين برصاص قوات الاحتلال، فيما قصف الطيران الحربي والمدفعية الإسرائيلية عدة مناطق ومواقع في قطاع غزة، والحقت دمارا وخرابا بممتلكات المواطنين.
وتشير تقديرات جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى أن حركة «حماس» غير معنية بالتصعيد، وأن إطلاق القذائف الصاروخية من قطاع غزة المحاصر باتجاه المستوطنات الإسرائيلية المحيطة، الليلة قبل الماضية، بعد تسعة أشهر من الهدوء النسبي، جاء ردا على «الاشتباكات العنيفة التي وقعت في القدس في الأيام الأخيرة»، و»نصرة» للمقدسيين.
وذكرت القناة العامة الإسرائيلية («كان 11»)، أن الجهات الدولية (لم تحددها) تجرى اتصالات منذ ساعات الصباح مع حركة حماس لاحتواء الموقف والعودة إلى الوضع السابق.
ونقلت القناة عن مصدر عسكري رفيع، أن التقدير السائد لدى الجيش الإسرائيلي يفيد بأن حماس لا تريد توسيع دائرة التصعيد، وأن الدافع وراء إطلاق الصواريخ هو إظهار دعمها وتضامنها مع أهل القدس.
وعلى الرغم من تقديرات الجيش الإسرائيلي، أعلنت كتائب «أبو علي مصطفى»، الجناح المسلح للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، مسؤوليتها عن إطلاق الصواريخ. وقالت في بيان وزعته على وسائل الإعلام: «نعلن مسؤوليتنا عن إطلاق رشقات صاروخية باتجاه مستوطنات غلاف غزة ردا على جرائم الاحتلال المستمرة وقصفه لغزة هذه الليلة».
وفي ردود الفعل، قال منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينيسلاند، إن الامم المتحدة تعمل مع جميع الاطراف المعنية لتهدئة الوضع في القدس ومحيط غزة.
وأعرب وينيسلاند في بيان صحفي أمس السبت، عن قلقه من التصعيد في القدس ومحيط غزة، على مدار الـ48 ساعة الماضية. وقال: «يجب أن تتوقف هذه الأعمال الاستفزازية في أنحاء القدس». ودعا جميع الأطراف إلى «ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتجنب المزيد من التصعيد، سيما خلال شهر رمضان المبارك».
وأبدت الولايات المتّحدة «قلقها العميق» إزاء «تصعيد العنف في القدس»، مؤكّدة إدانتها خطاب «الكراهية» بعد أن أطلق يهود متشدّدون هتافات مناهضة للفلسطينيين.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس في تغريدة على تويتر «نشعر بقلق عميق إزاء تصعيد العنف في القدس»، داعياً إلى «رفض خطاب المتظاهرين المتطرّفين الذين يردّدون شعارات تنمّ عن كراهية وعنف». وأضاف «ندعو إلى الهدوء والوحدة، ونحضّ السلطات على ضمان سلامة الجميع في القدس وأمنهم وحقوقهم“.
كما أعرب الاتحاد الأوروبي عن «قلقه العميق» إزاء الاشتباكات العنيفة التي وقعت في مدينة القدس، داعيا الجميع في بيان، إلى رفض التحريض والعنف وضبط النفس. ولفت الاتحاد في بيان نقلته وكالة «آكي» الإيطالية، إلى أن «هذه الأحداث الأخيرة تأتي بعد عدة ليال من التوتر والعنف في القدس، وكذلك في يافا في وقت سابق من هذا الأسبوع»، داعيا إلى «الهدوء والتخفيف الفوري للتوترات وضبط النفس وإلى المسؤولية التي يجب أن يبديها الجميع، ولا سيما من قبل قادة المجتمع والمسؤولين، في هذا الوقت الحساس». وجاء في البيان: «يتعين على الجميع رفض التحريض والعنف».