الدم الرخيص!* أسرار جوهر حيات
النشرة الدولية –
بكل أسف أقولها، نعم، أصبح دمنا رخيصا، فأرواحنا تتعرض للخطر يومياً، ولا نرى أي تحرك جاد لحمايتنا، وبرغم أن جرائم القتل، والشروع به، والمشاجرات الدامية، ارتفعت مؤخراً، ويروح ضحيتها الإناث والذكور، فإن الأنثى ما زالت هي الحلقة الأضعف في الجرائم، أليس قانون الجزاء لدينا يتساهل مع قتل المرأة عملياً في مادته المعيبة الـ153!
إلى الأمس القريب، كنا نطالب بإلغاء المادة سيئة الذكر، لنفاجأ اليوم، بأننا عرضة للملاحقة، الخطف والقتل في وضح النهار، وأمام مرأى المارة، من دون أن يردع الفاعل أو أن يخشى من شيء، فهل أصبحنا بهذا الرخص لدى حكومتنا الرشيدة ولدى البعض في المجتمع كذلك؟ فحتى لو قتلت المرأة، تكون بنظر ممن يحمل أفكاراً مريضة، هي الملامة، فبدل الإشارة إلى قاتلها، يبحث البعض عن الأسباب، ويحاول دائماً إلصاق التهم بالمرأة حتى ولو كان بسؤال عابر عند سماعه خبر قتلها: «شوفوا شمسوية؟!».
فرح، التي ملأت الكويت حزناً، فرح المغدورة التي صرخت كثيراً أنها بخطر، ولجأت للقانون لحمايتها، قتلت بدم بارد، بلا رأفة جفن من قاتلها، وبلا أي إجابة لنا كمجتمع أولاً وكنساء على وجه الخصوص، عن سؤالنا: لماذا كان الجاني حراً طليقاً، رغم أن حياة فرح كانت في خطر؟ وكم فرح أخرى قد تكون بذات الخطر من أب أو أخ أو زوج، أو حتى غريب يطاردها، وتصده؟ ومتى نتحرك فعليا؟
رحلت فرح، ولا يكفي أن نندبها ونبكيها، بقدر ما يجب أن نتحرك، حتى تصبح قصة فرح عبرة لكل من تسول له نفسه التعدي على أرواح البشر عامة وأرواح النساء بوجه الخصوص، لاعتبارات بيولوجية بحتة! فالمسؤولية اليوم مشتركة، بين مجتمع يجب أن يتكاتف لنعيد صياغة قانون الجزاء بحيث لا يبدو كما لو كان محرضاً على قتل النساء، من جهة، وبحيث يكون رادعاً قوياً للجرائم بشكل عام ولجريمة القتل بشكل خاص، فضلاً عن أن على نوابنا التزاما أخلاقيا اليوم بأن يجعلوا هذه القصة أولوية قصوى، تعيد ترتيب القوانين المعنية بذلك.
وإذ نطالب وزارة الداخلية اليوم، بأن تبين لنا، كيف انعدم الأمن لدرجة أن الجرائم ترتكب بوضح النهار، نطالب كذلك، بضرورة تنفيذ العقوبات، على وجه السرعة، فضلاً عن ضرورة وضع تشريعات تضمن سرعة التقاضي، فلا يعقل أن ترتكب جريمة ولا نجد حكماً يدين أو يبرئ المتهم إلا بعد مرور مدة طويلة!
وزارة التربية كذلك، تقع عليها مسؤولية تعزيز التسامح ونبذ الجريمة وغرسها في نفوس النشء، فارتفاع معدلات الجريمة ينذر بخطر فعلي، هذا فضلاً عن أن المسؤولية الكبرى تقع على الأسرة التي يجب أن تربي أبناءها، حتى لا يتعرض أبناء الآخرين لخطر على أيديهم.
وحتى لا نستمر في خسارة الأرواح، وتعريضها للاعتداء، نريد أن يسود القانون، وأن ترسخ هيبته لدى الجميع، وأن تحارب الجهات المعنية مبدأ «من أمن العقوبة أساء الأدب» عبر محاربة الواسطة والمحاباة، فيبدو أن البعض يرى نفسه فوق القانون حتى لو أزهق روحاً!