التنمية السعودية.. والمطبخ الكويتي!* أسرار جوهر حيات

النشرة الدولية –

لا يختلف اثنان على أن لقاء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان كان مبهراً للعالم، وليس لدول المنطقة فقط، فمهما كانت ملاحظاتنا على بعض السياسات، إلا أن في التنمية يجب أن نعترف أن المملكة تخطو بثقة، وبالأرقام، تؤكد وما زالت، أنها لا تطمح أن تسبق دول المنطقة فحسب، بل أن تسابق الدول المتقدمة في العالم، الأمر الذي يجب أن يكون مشروعاً لكل دول المنطقة النفطية.

لم يكن اللقاء كلاماً مرسلاً وعشوائياً وتصريحات معدة سلفاً، فكل ما ذكره الأمير محمد بن سلمان كان مدعماً بالأرقام، مصحوباً بخطة وتخطيط، ومحدداً بفترة زمنية، الأمر الذي يؤكد أن رؤية السعودية 2030 تحولت من خطة على ورق إلى أرض الواقع، في حين انها لم تهمل أياً من الجوانب الاقتصادية، الاجتماعية، التنموية، التعليمية، والسياحية، وحتى السياسية، محملة برسائل مبطنة، كما استشعرتها، لدول متقدمة، لتجذبهم للاستثمار في العملاق الاقتصادي السعودي الذي بدأ يظهر.

ولست بصدد مناقشة ما قاله الأمير محمد بن سلمان في لقائه، بقدر ما أود أن أشير إلى نقاط جوهرية تحدّث عنها، فبدا الرجل مؤمناً أولاً بالمواطن السعودي، بينما أعلنها صراحة، رغم أن اللقاء يبث على قنوات فضائية، أن هناك وزراء لم يكونوا على قدر الطموح، بينما طموحه يبحث عن شغف الإنجاز في فريق العمل، وكشف بأن الموظفين ليسوا جميعهم أكفاء، الأمر الذي يؤكد أن أولى خطوات سلّم النجاح أن تضع يدك على مكمن الخلل، فتصلحه، أو تخلعه وتستبدله بمن ينجز.

وكان الأمير محمد بن سلمان طموحاً بالتقدم، ومؤمناً بالهوية السعودية أيضاً، فعلى سبيل المثال لا الحصر، أكد مراراً على التنمية السياحية، مع الحفاظ على الموروث الشعبي والفولكلور السعودي، وهو ما ترجمه بالفعل في فعاليات عديدة العام الماضي، بينما بدا مهتماً بالتنمية التعليمية، التي هي أساس بناء الإنسان.

وكان وقع تنوّع مصادر الدخل واضحاً للغاية في حديثه، حيث لم تبق خطط التنمية في السعودية مجرّد تحذيرات بأن الطلب على النفط سينخفض، فتنبه المخطط السعودي إلى الأمر ليحوّل مخاوفه إلى دافع لأن تكون هناك استثمارات غير نفطية تدخل ضمن إيرادات الدولة.

وبينما أشعر كأي مواطن خليجي وعربي بالفخر، بأن أصبحت لدينا دولة طموحة لأن تضع خطة تنموية وتنفذها على أرض الواقع، وأن تعلن عن إنجازات اقتصادية وتنموية، في وقت كورونا الذي بدت فيه أغلب الدول حائرة اقتصادياً، وفي الكويت على الأقل، بينما تغيب الخطط لمواجهة الأزمات الاقتصادية المحتملة، وشح السيولة، أتساءل، ترى ما الذي نحتاجه لتحويل رؤية الكويت 2035 إلى أرقام واقعية، لا يسمعها المواطن الكويتي فقط، بل يراها واقعاً ملموساً؟

وإلى متى تبقى تنميتنا اسمنتية فقط، تهتم بالبنيان، وتنسى الكادر البشري؟ وإلى متى تبقى تحذيراتنا الاقتصادية مجرّد دراسات ومخاوف وتصريحات، بينما لم نخطُ خطوة واحدة تجاه تنويع مصادر الدخل، الذي نسمع عن ضرورته منذ عقود؟

وكان لي تساؤل، بدا مشروعاً، لو أراد مسؤولونا الحكوميون الحديث عن خطة التنمية الكويتية، ورؤية 2035، هل ستكون لدى أحدهم الجرأة في أن يضع يده على الخلل والعيوب، وفي الوقت ذاته يقول أنجزنا هنا ويدلل على حديثه بأرقام؟!

ولا أدري لماذا تذكرت فجأة تصريح الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية د. خالد مهدي حين قال: لأن الكويت غير، حتى المطبخ الكويتي غير! وليتنا لم نكن «غير» فربما لحقنا بركب التنمية الخليجي، فهنيئا للخليج، وفخورون بأشقائنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button