الشكاوى النسوية في الأدراج المنسية!* سارة المكيمي
النشرة الدولية –
توافقا مع الأحداث المؤسفة الأخيرة التي أسفرت عن مقتل المغدورة فرح حمزة أكبر، دار نقاش دافق في “تويتر” عرضت فيه مجموعة كبيرة من النساء تجاربهن الشخصية مع التحرش والتعرض والتعقب من قبل رجال سواء كانوا أغرابا أو أقارب، وبينت هذه القصص الطريقة التي تتعامل بها المنظومة الأمنية بالكويت مع شكاوى النساء الرسمية أو محاولاتهن تسجيل شكوى بهدف الحماية وفتح تحقيق فيما يتعرضن له من تخويف أو تعنيف.
ردود أفعال بعض المحققين والمعنيين في التسجيل والتوثيق مرعبة بحد ذاتها! حيث يرفض المحقق فتح الدعوى، أو تسجيل الشكوى وفقا لما يراه من منظوره الاجتماعي الخاص، فإن كان يرى أن تعنيف الأب لبناته حق له، فلن يأخذ الشكوى على محمل الجد، بل سيتواصل مع الأب “المعنِّف” المشكو عليه ليأخذ ابنته ولا حماية لطالبة العون والمساعدة! حتى اعتداء الزوج على زوجته، إن كان يراه المحقق تأديبا لها “مذكور بالقرآن” وبالتالي حقه الشرعي، فلن يفتح ملفا بالأمر ولن تحصل المرأة على أي نوع من الحماية، ناهيك عن تخويفها من نظرة المجتمع، وفضيحة اسمها في القضايا والمحاكم، وجلب العار على أسرتها فقط لأنها دخلت مخفرا وطالبت بوقف ضرر واقع عليها!
كتبت سؤالا في “تويتر” للنقاش: “لماذا لا تتعامل الشرطة بجدية مع شكاوى النساء؟”، وانهالت الأجوبة التي تعكس واقعا يدل على فهم ضمني لطغيان التابوهات الاجتماعية على القانون المدني، وهي كارثة لابد من حلها، وإليكم بعض الردود المقاربة للواقع الذي تعيشه المرأة والذي يؤدي الى إيذائها وقتلها أحيانا:
“التركيبة الاجتماعية لأغلب أفراد الداخلية وخصوصا العسكر، حيث لا تتوافق منظومة القيم لديهم مع دولة مدنية دستورية تعمل على حفظ حق المواطن والمقيم، فهم من مكون فكري لا يقبل بمبدأ الإنسان الحر المستقل”.
“قله وعي من مجتمع ذكوري بحت لا يعترف بتجريم تعنيف المرأة بسبب سيادة مبدأ ولاية الرجل على المرأة تجعلهم مراكز غير مهيأة لاستقبال بلاغات العنف الأسري والتحرش وغيره من قضايا النساء”.
“لأنها مؤسسة ذكورية بحتة، يتعاطفون مع الرجال المعنِّفين بل يرون أن تعنيف الرجل للمرأة يحد من خطر تقوية شوكتها وتمردها الذي سيؤدي– وفقا لقناعاتهم– إلى هدم المجتمع الذي لن يدوم إلا وفقا لعلاقة السيد والعبد، القوي والضعيف، القائد والتابع”.
“مع الأسف، يفترضون سوء نوايا البنت وأنها تكيد وتتبلى على خصومها لتصفية حسابات شخصية، غير أن شكلها وهيئتها ولبسها يحدد نزاهة شكواها من كيديتها بنظرهم”.
“هناك إصرار على إقصاء المرأة من قوانين الحماية من العنف الجندري والحجة الدائمة اللي يسوقها المشرع أو الشرطي أن البيوت الخاصة لها حرمة لا ينفع اختراقها، وأن الولي- أي ذكر كان- أدرى بمصلحة المعنفة، وأن سمعة العائلة أهم من الضرر الواقع على المرأة”.
“لأن المرأة كائن ملغى قانونياً ولا يُعرّف إلا بوجود ذكر، فإذا كانت المرأة تابعة له أصلا فمن حقه أن يعنف ويقمع ويسلب حقوقها التي لم تكن لتحظى بها لولاه!”.
مما سبق، نعرف تماما أن المشكلة فكرية من الطراز الأول، وعي اجتماعي وقصور في إدراك مفهوم الدولة المدنية ذات القوانين الوضعية التي شأنها أن تكفل حق المواطن بمسطرة واحدة دون النظر للجنس، وطغيان الأعراف الاجتماعية على القانون، وتفشي الممارسات الفردية والأخذ بها فوق الإجراءات الرسمية والبروتكولات المعنية لحفظ الفرد أيا كان نوعه.
الطريق طويل والشق عود!