حاصبيا أيقونة لبنان ولؤلؤة الشرق وترانيم العيد* اكرم كمال سريوي

النشرة الدولية –

موقع الثائر –

من نبع الشفاء والمعجزات غرباً إلى محراب التجلي الإلهي شرقاً في قمة جبل حرمون،  راية بلاد الشام ، والعين الساهرة أبداً على ؛ دمشق  ، وبغداد ، وعمان،  وفلسطين،  ولبنان،  رسمت يد الخالق أيقونة طبيعية، تمازجت فيها ألوان الإيمان والحكمة والمحبة، لتصبح لؤلؤة هذا الشرق ، ودرة تاجه الماسي.

إنها حاصبيا ! بقُراها الرافلة بالإلفة والسلام،  رمز التنوع والتآخي ، من حدود فلسطين جنوباً،  إلى مرج الزهور شمالاً ، بوابة الجنوب الأبي،  أرض البطولة وتيم القداسة والعنفوان.

في حاصبيا اجتمعت كل طوائف لبنان ، لكنهم هنا لم  ينقسموا، ولم يقتتلوا، ولا تفرّقوا  ، ولا رفعوا المتاريس والحواجز في وجه بعضهم البعض،  بل اتحدوا على بيادر الفرح،  وتشاركوا البسمة واللقمة معاً ، وكل عيد يكون عيد الكل . فهنا تناسقت تراتيل الصلاة وصدح النواقيس وأصوات المآذن، وطيلة سنوات الحرب، بقيت حاصبيا رمز الوئام والسلام .

إنها أرض الأنبياء والنساك والطُهر!

فهنا  بعل – غال  إله المطر  والخصب كما آمن به الكنعانيون والفينيقيون، وحرمون الذي أطلقوا عليه اسم «كرسي الرب» ، كما جاء في العهد القديم.

وهنا مكث السيد المسيح في هذه الأرض،  وبارك؛  أهلها وزيتونها وتينها وثمارها ومياهها التي ما زالت مزاراً لطالبي الشفاء حتى اليوم .

وهنا تنسّك النبي شيث (هبة الله) ابن آدم وجد نوح  جد البشرية جمعاء، على سفح جبل الشيخ، قرب خلوات الكفير ، حيث يحج المؤمنون إليه طلباً للشفاعة والهداية ، وووفاءً لنذورهم المستجابة.

وهنا أرض رأوببن ابن يعقوب النبي ، وهي تحتضن رفاته في مزارٍ يأمّه المؤمنون من كل طائفة ودين.

هنا أرض النبي شعيب صلوات  الله عليه،  العرفاني الموحّد ، والمعلم المرشد، والحكيم العالم، والناصح الورع.  فهنا أثمرت تعاليمه وعظاته، شيوخاً أطهاراً، ونساكاً عفافاً،  يجللهم الورع والتقوى ، في خلوات المعرفة والإيمان، خلوات البياضة الشريفة، التي كرمها الله على مر الزمان، بالعبّاد والشيوخ الصالحين .

الميلاد ، الفصح،  الفطر، الأضحى، في حاصبيا لها عنوان واحد «اليوم عيد»

فلا تسأل عن صاحب العيد هنا الكل واحد ، وعيد أي منهم عيد للجميع لا تفرّقهم العصبيات ولا الطائفية بل توحّدهم المحبة والتعاون والأخلاق .

ولو سألت التاريخ عنهم ستعلم أنهم كانوا دائماً متّحدين،  فواجهوا المغول والتتار والصليبين والعثمانيين والفرنسيين وكل الغزاة، وها هي ساحة حاصبيا تشهد محتضنةً نُصب رجال أشداء، وقفوا في وجه المحتل الإسرائيلي، ودافعوا عن ترابها مقدمين أرواحهم فداءً للوطن .

فصح مجيد وكل عام وانتم بالف خير .

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button