إبراهيم الدوسري: صاحب تجربة إبداعية تنوعت بين السّير الشعبية والقصة والرواية… وفي رصيده 17 فيلماً
النشرة الدولية –
الجريدة الكويتية –
استطاع الأديب البحريني إبراهيم راشد الدوسري، أن يلفت الأنظار إلى تجربته الإبداعية المميزة، نظراً لغزارة إنتاجه، الذي يتنوع بين كتابة القصة القصيرة والرواية، بجانب إثرائه المكتبة العربية بموسوعة عن تراث الأغنية الشعبية في بلاده. وفي حوار أجرته معه “الجريدة” من القاهرة، تحدّث الدوسري عن نشأته في قرية البديع، وتأثره بجده، أحد رواد الغناء الشعبي في البحرين. وتطرّق إلى كتابه التوثيقي عن الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، الذي جرى الاحتفاء به في معرض القاهرة الدولي للكتاب العام الماضي. وفيما يلي نص الحوار:
- حدثنا عن سنوات النشأة الأولى، وكيف أسهمت في ثراء تجربتك مع الكتابة والفن لاحقاً؟
– نشأت في قرية البديع، وهي إحدى قرى البحرين العريقة بتراثها الثقافي والفني، وكان جدي لأمي له الدور الكبير في اكتشاف مواهبي الفنية في الموسيقى والفن التشكيلي والأدب، حيث كان الجد محمد بن عمران بن خلف الدوسري من أهم رواد الغناء الشعبي في البديع والبحرين عموماً، خصوصاً فيما يتعلق بفنون غناء البحر والعرضة، كما كان يتميز بجمال الصوت، وحفظ وتأليف القصائد العامية، ورواية السير الشعبية، والإلمام بالفنون الشعبية. كانت البيئة الاجتماعية في الأسرة والقرية عموماً حاضنة لثقافة التراث الفني الشعبي بتنويعاته، فضلاً عن الأجواء الروحانية، حيث كان الجد منشداً للقصائد الدينية في المناسبات الدينية المختلفة، وأهمها ذكرى المولد النبوي الشريف، كما عمل مؤذناً في جامع القرية، واشتهرت قرية البديع بالغناء الشعبي والفرق الغنائية الشعبية النسائية الخاصة باحتفالات الزواج، وساعد على صقل مواهبي الكثير من العوامل، مثل: المدرسة في المراحل الدراسية المختلفة، وتشجيع معلمي مواد اللغة العربية والرسم والموسيقى، وكذلك “نادي البديع”، وأنشطته الفنية والمسرحية والأدبية والموسيقية.
- يتنوع إبداعك بين الأدب والمسرح والموسيقى والفن التشكيلي، على أي أساس تحدد هوية العمل الذي تنخرط فيه؟
– في بداية حياتي برزت لديَّ موهبة الرسم أثناء دراستي في المرحلة الابتدائية، ثم تلتها بالمرحلة الإعدادية مواهب أخرى، كالتمثيل والموسيقى والتلحين والغناء. وفي المرحلة الثانوية برزت موهبة كتابة القصص القصيرة، ثم تعددت الوسائل التي أعبّر من خلالها عمَّا يجيش بوجداني، مثل: الإبداعي الروائي وإخراج الأفلام الوثائقية والروائية القصيرة، ولي تجارب عديدة في هذا المجال، وأمارس التلحين والفن التشكيلي من حين لآخر، وقد أخرجت حتى الآن 17 فيلماً، حصل بعضها على جوائز متقدمة، كما أصدرت 17 كتاباً، منها كتب خاصة بالسير والثقافة الشعبية والقصص القصيرة، وروايتان هما: “غزالة” و”مقهى الفراشة”.
- “البحرين في زمن جمال عبدالناصر”، ما الذي حرصت على تقديمه في هذا الكتاب التأريخي؟
– صدر هذا الكتاب في البحرين عام 2019، وجرى الاحتفاء به في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته السابقة عام 2020، وهو يسلط الضوء على العلاقة التاريخية والثقافية والاجتماعية والسياسية بين البحرين ومصر في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ودعمه للشعب البحريني في مقاومته ومناهضته للاحتلال البريطاني، وكذلك دور عبدالناصر في حصول البحرين على الاستقلال عام 1971. كما يلقي الكتاب الضوء على دعم البحرين للجيش المصري بعد هزيمة 1967، وكذلك دعم مصر للبحرين في مجال التعليم والنهضة الثقافية التي تحققت في عهد الرئيس المصري الراحل، والعلاقات الوثيقة التي تربط البلدين حتى الآن.
- الأعمال التوثيقية تتطلب جهداً كبيراً في البحث والتنقيب، حدثنا عن ذلك.
– لقد استغرق كتابي “ذاكرة الأغنية البحرينية 1896-2011″، ست سنوات كنت خلالها أجمع مادة الكتاب من مختلف المصادر التي كان أكثرها من الرواة الذين عاصروا تطور الأغنية البحرينية، حيث إن المصادر المكتوبة كانت محدودة جدا، لكن الأهم هو أن الكتاب صدر في عام 2011، حيث طُبِع بدعم من هيئة الثقافة والتراث الوطني، وهي جهة رسمية، ويُعد الآن هذا الكتاب موسوعة مفصلة حول تاريخ الأغنية في البحرين.
- أعلم أنك أيضاً من عشاق صوت “كوكب الشرق” أم كلثوم، فهل في خطتك تأليف كتاب عنها؟ وماذا سيكون محتواه؟
– بالفعل أقوم حالياً بتأليف كتاب بعنوان “البحرين والخليج العربي في زمن كوكب الشرق أم كلثوم”، يسلّط الضوء على شخصية “سيدة الغناء العربي” أم كلثوم، وتأثر وإعجاب وشغف شعب البحرين وشعوب دول الخليج عموماً وفنانيها على وجه الخصوص بصوت وشخصية أم كلثوم وأغنياتها العاطفية والوطنية والدينية، وكذلك الأفلام الستة التي قدمتها في بداية انطلاقها، فضلاً عن ارتباط أغاني أم كلثوم بدعم القومية العربية في زمن هيمنة الاستعمار البريطاني في الخليج العربي، ودورها المؤثر في دعم الجيش المصري بعد النكسة، من خلال الحفلات التي أحيتها في الكويت وأبوظبي.
- بعيداً عن كتبك التأريخية والتوثيقية، ماذا عن أبرز محطاتك مع السرد القصصي والروائي؟
– أصدرت ثلاثة كتب أدبية حتى الآن؛ مجموعة قصصية بعنوان “مرايا القصور”، ورواية “غزالة”، ورواية “مقهى الفراشة”، ويدور العملان الأول والثاني في أجواء تاريخية، وتغلب عليهما الإسقاطات التاريخية، أما الرواية الأخيرة، فتدور في أجواء معاصرة.
- لك تجارب أيضاً في مجال الإخراج (مسرحياً وسينمائياً)، ما أبرز ملامح منهجك في فن الإخراج؟
– أهتم بالقصص الواقعية، لذا أسلوبي في الإخراج يعتمد على الواقعية، مع مراعاة الجوانب الفنية المختلفة، مثل: الموسيقى والمؤثرات. وتدور أفلامي الروائية حول الشخصيات المهمشة في المجتمع، التي رغم الضغوط التي تواجهها تظل مخلصة ومتشبثة بأحلامها.
- ما المشروع الأدبي أو الفني الذي تعكف عليه حالياً؟
– لي كتاب جديد ينتظر الطباعة في القريب العاجل بعنوان “تاريخ نادي البديع الرياضي والثقافي 1955-2021″، يسلط الضوء على تاريخ نادي القرية الجميلة التي نشأت وترعرعت فيها، فبفضل أنشطته الفنية والثقافية كان بمنزلة الانطلاقة الأولى لي ولزملائي من كتاب وشعراء وفنانين خرجوا من قرية البديع. أما الكتاب الذي أعمل عليه حالياً، فهو “البحرين والخليج العربي في زمن كوكب الشرق أم كلثوم”.