ضحك* ريم القمري
النشرة الدولية –
ضحكت اليوم صباحا كثيرا، ضحكت الى درجة أني أحسست أن صوت ضحكتي تحول و أصبح غريبا جدا، بل كان يخرج من حنجرتي في شكل نشاز ، للحظات انكرته و لم أتعرف عليه كان يشبه صوتا مستعارا لامرأة لا أعرفها و لم ألتقي بها سابقا، أما سبب هستيريا الضحك التى أصابتني فتلك حكاية اخرى.
كان صباح اليوم ماطرا بشدة، في الواقع لم يتوقف المطر عن الهطول منذ الفجر، و كنت أتلمس طريقي داخل السيارة بصعوبة بعد ما تعذرت الرؤية ، فتحت النافذة ليدخل الهواء و يزول غبش البلور.
كنت لا أزال أقود على مهل و اتبادل الحديث مع صديقتي الجالسة في المقعد المجاور قربي، حين فجأة هطلت فوق رؤسنا أمطار غزيرة من المياه و الوحل، شاحنة عملاقة مرت قربي و لم ينتبه سائقها لا للحفرة العميقة المليئة ماء و وحلً أمامه و لا لسيارتي الشبيهة بالدعسوقة و التى كانت تسير في أمان قربه، غاصت الشاحنة في الحفرة و خرجت سالمة بعد ان قذفت بكل المياه القذرة على سيارتي، فتسرب الفيضان من النوافذ المفتوحة.
تبللنا من رؤسنا حتى اغمص قدمينا، و لم أعد أرى أمامي، و من هول المفاجأة صمتنا لثواني، ثم نظرنا الى بعض و انفجرنا ضحكا، ركنت السيارة و غرقنا في هستيريا من الضحك.
حين وصلت للعمل كنت أشبه فرخ دجاج، التصقت ملابسي بي و بدأت أشعر بالبرد، ركنت السيارة و أسرعت إلى غرفة عاملات النظافة ، هناك الدفئ و النظافة، غيرت ملابسي و ارتديت زي العاملات، و تركت لهن مهمة تجفيف ملابسي، ضحكت معهن طبعا و التقحت بالمكتب.
لا أعرف لماذا لم أغضب او أصرخ او حتى اشتم سائق الشاحنة الارعن، لم أشعر مطلقا بكل هذه المشاعر، صدقا ضحكت من قلبي و لم اتذمر او أفكر أن هذا يوم سيئ، على العكس تماما، اختفت كل رغبة داخلي للغضب، فقط تذكرت عبثية هذه الحياة خاصة في هذه الفترة التى أصبح الموت يحاصرنا فيها من كل جانب، يوميا نفقد أصدقاء و معارف يحصدوهم الموت بقناع كوفيد الكريه، فهل هناك ما يستحق الغضب بعد هذا؟.
اقرأ رسالة صديقي على الواتس اب، أجيبه أني أصبحت خائفة من معول الموت يعمل هدما في أرواحنا، يقول لي لا تخافي سيحفظك الله، اقول له ” يعيشك” وجدتها مناسبة أكثر من شكرا.