صحيفة: إيران تملك الصواريخ والأقمار الصناعية… وتفتقر إلى الخبز
النشرة الدولية –
كتب راي تاكيه، الباحث في مجلس العلاقات الخارجية في صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، أن الانقسام الحزبي في الدوائر السياسية الأميركية كان يطال حتى إيران في بعض الأحيان، وذلك قبل أن يجمع الديموقراطيين والجمهوريين على نطاق واسع على أن الاتفاق النووي في 2015، ، يحتاج إلى إعادة التفاوض عليه وتمتين بنوده، إلا أنه يحذر من تجاهل الانتهاكات لحقوق الإنسان التي يعاني الإيرانيون منها بشكل واسع.
ويعتقد أعضاء من الحزبين أن أي إتفاق محتمل، يجب أن يعالج برنامج إيران للصورايخ الباليستية ونشاطاتها المشبوهة في المنطقة، لكنهم في أحيانٍ كثيرة لا يقيمون أي اعتبار جدي لسجل حقوق الإنسان في هذا البلد، علماً أن أكثر ضحايا النظام الديني هم الإيرانيون أنفسهم، لذلك لا يجب إهمال محنتهم.
ولطالما لعبت حقوق الإنسان دوراً مهماً في الديبلوماسية الأميركية. فخلال الحرب الباردة، كان المسؤولون الأميركيون يثيرون دائماً مع نظرائهم الروس، السياسات القمعية للاتحاد السوفياتي، لمواطنيه. وفي 1975، وفي جزء من اتفاق هلسنكي، وافق الاتحاد السوفياتي “على احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، بما فيها حرية الأفكار والرأي والدين والإعتقاد”.
وبعد ذلك، برزت مجموعات هلسنكي في الكتلة السوفياتية على شكل ناشطين في المجتمع المدني، كانوا يستخدمون تعهدات هلسنكي ضد الكتلة.
وأكثر من اتفاقات الحد من التسلح أو تكديس السلاح، أطلقت اتفاقات هلسنكي تغييرات ساهمت في تخفيف قبضة موسكو. وعززت الاتفاقات المنشقين وسلطت الضوء على الممارسات السوفياتية المحلية السيئة.
ولعل إحدى مفارقات إيران، أن المحادثات حول الجمهورية الإسلامية تكون أحياناً أكثر تعقيداً في طهران منها في واشنطن.
وينخرط إيرانيون في نقاشات مهمة حول أولويات حكومتهم، وحتى عن قابلية النظام للإستمرار. ويثير مسؤولون حكوميون سابقون ومثقفون ورجال دين منشقون وصحف إصلاحية مثل “شرق”، تساؤلات عن جدوى الكثير من مظاهر الحكم الإسلامي.
ومن الممكن أن يكون هؤلاء بعيدين عن السلطة حالياً، لكنهم لا يزالون يتحكمون في منبر وطني.
وتعرضت طريقة إدارة المرشد علي خامنئي للعلاقات الخارجية الإيرانية، لهجوم لاذع. ووقّع نحو 100 ناشط على رسالة مفتوحة في 2018 ينتقدون فيها تخلف الحكومة عن الانخراط في حوار مع الولايات المتحدة وجاء فيها “نحن الموقعون أدناه، نرى أن الحوار المباشر والرسمي والشفاف مع الولايات المتحدة، سيعود بالفائدة على السلام الإقليمي والعالمي وسيحسن رفاهية وحرية إيران والإيرانيين”.
وذهب نائب وزير الخارجية السابق مصطفى تاج زاده، الذي يعتبر من أبرز الأصوات الإصلاحية أبعد من ذلك، عندما غرد في الربيع الماضي قائلاً: “يمكن أن تكون صناعة الأقمار الصناعية والصواريخ شيئاً بديعاً، لكنها إذا لم تكن مترافقة مع اكتساب ثقة الشعب، وتحسين الإقتصاد، فإننا سنكون في الموقع الذي كان فيه للاتحاد السوفياتي الذي غزا الفضاء وشطر الذرة، ولكنه إنهار في نهاية المطاف. وفي أسوأ الحالات، سنكون مثل كوريا الشمالية التي تملك الصواريخ وتفتقر إلى الخبز”.
هذه الأفكار تغلغلت في مخيلة الرأي العام، وظهرت في حركات الاحتجاج في الأعوام الأخيرة.
ولم تنجُ المشاكل الداخلية للنظام الديني من الإنتقاد. فالجمهورية الإسلامية في مأزق، لأنها غير راغبة في إلاصلاح، في الوقت الذي تبدو غير قادرة على تلبية مطالب الشعب الإيراني.
وتجرأ الصحافي الإيراني عباس عبدي الذي يتمتع بقاعدة واسعة من القراء، على مقارنة الجمهورية الإسلامية بحكومة الشاه التي سقطت في 1979. وكتب “كل مجتمع يكون شفافاً ويمنح حرية التعبير، يستطيع أن يكشف مكامن الخلل فيه. وعلى سبيل المثال فإن فقدان الحكم السابق للشفافية والحرية، جعله غير قادر على رؤية العناصر الخطيرة ضده”.
وانتقد آية الله محمد موسوي خوئينها، وهو من الجيل القديم في رسالة مفتوحة في الصيف الماضي المرشد، قائلاً إن “الشعب يفترض أن على عاتق السلطة الأعلى في البلاد منع الفوضى الثقافية والاقتصادية والإجتماعية التي تواجهها البلاد اليوم”.
وفي الأعوام الأخيرة، عبرت كل عناصر المجتمع الإيراني، بما فيها الطبقة العاملة التي كان يعتقد أنها دعامة الجمهورية الإسلامية، عن الاستياء من خلال التظاهرات.
وخلص تاكيه إلى أن القمع السياسي، وسوء إدارة مكافحة وباء كورونا، والركود الإقتصادي والفساد المستشري، كل ذلك، أدى إلى تغريب معظم السكان.
والأقل ظهوراً هم ناشطو المجتمع المدني الذين يوفرون الأساس الثقافي لحركات الإحتجاج. ولكن في مقدور أمريكا حماية وتعزيز أصوات التغيير.