نحّاس يوضح: الكابيتال كونترول لحماية المودع ولا نشرّع وفق رغبة المصارف اللبنانية

النشرة الدولية –

لبنان 24 – نوال الأشقر –

لا يختلف اثنان على وجوب إقرار قانون “الكابيتال كونترول” في المرحلة الراهنة، لحماية ما تبقى من احتياطي مصرف لبنان من العملات الأجنبية وأموال المودعين، ووضع حدٍّ للاستنسابية في التعامل مع المودعين، فضلًا عن كونه مطلب صندوق النقد الدولي.

وفيما تقاعست الحكومة عن القيام بمسؤوليتها في إرسال مشروع القانون إلى المجلس النيابي، بعدما تمّ سحبه من قبل وزارة المال العام الماضي، عمد عدد من النواب إلى صياغة اقتراح قانون درسته لجنة فرعية مصغّرة منبثقة عن لجنة المال والموازنة على مدى أكثر من ستة أشهر، وخلصت إلى وضع مسودة قانون رفعتها إلى لجنة المال والموازنة. هذه الصيغة سُربت إلى وسائل الإعلام، ومنذ ذاك الحين لم تهدأ عاصفة الإنتقادات، بحيث رأى فيه البعض ثغرات عدّة.

بعد أن أفسحنا المجال من خلال منبرنا لإيصال الأصوات المعترضة، قصدنا اللجنة النيابية التي درسته لإستيضاح الأمر.

مقرّر اللجنة عضو “كتلة الوسط المستقل” النائب نقولا نحاس لفت في حديث لـ “لبنان 24” إلى أنّ الصيغة الحالية ليست نهائية، على رغم أنّها أخذت أشهرًا من النقاش والتمحيص “ولكن كل مادة من مواد القانون خاضعة لتعديلات قد تطرأ عليها، خلال دراسة المسوّدة في لجنة المال والموازنة، ثم لاحقًا في لجنة الإدارة والعدل، قبل أن يُحوّل الإقتراح إلى الهيئة العامة، وبالتالي لا زال أمامه مسار تشريعي طويل، قبل إقراره بصيغةٍ نهائية”.

ألم يفت الأوان لإقرار الكابيتال كونترول بعدما هُرّب من هُرّب من دولارات؟

هذا السؤال تكرر كثيرًا بالتزامن مع تسريب المسوّدة “بطبيعة الحال كان من الأجدى أن يقر منذ البداية” يجيب نحاس، ويسأل بدوره ” ما الفائدة من عدم إقراره اليوم؟ بالمقابل الفائدة من إقراره كبيرة، تكمن بوضع حدّ لاستنسابية المصارف في التعامل مع المودعين في موضوع القيود على السحوبات، إذ لا يمكن ترك الأمور متفلّتة من أيّ ضوابط، خصوصًا أنّه لا زال هناك ما يقارب الـ 18 مليار دولار، وهو مبلغ ليس بسيطًا، ويجب بالمحافظة عليه. كما أنّ القانون يمنح المودع حقوقًا، والمصارف ملزمة بتأمينها كون القانون يخضع المصارف غير الملتزمة لاجراءات عقابية. وفي الإيجابيات أيضًا يؤمّن الكابيتال كونترول استقرار سوق العملة نوعًا ما. وهذه خمسة أمور أو فوائد يتيحها إقرار القانون وهي غير موجودة اليوم”.

تمويل التحويلات بالدولار من المصارف

أبرز الملاحظات على المسودة، تكمن في الجهة التي تموّل السحوبات والتحويلات بالدولار إلى الخارج، للمودعين المشمولين بالإستثناءات، خصوصًا أنّ جمعية المصارف تتذرع بعدم قدرة المصارف على تحويل دولار للمودع ليسدّد إلتزاماته الملحّة في الخارج، وتطلب بأنّ تُموّل الإستثناءات من ما تبقى من احتياطي في مصرف لبنان.

ردًا على هذا اللغط يؤكّد نحّاس “القانون واضح وضوحا كليا، على المصارف أن تجد الحل لتأمين التمويل، ونحن لا نشرّع وفق ما ترغب به المصارف، بل نقول لدى المصارف إيداعات ورأس مال، ويقع على عاتقها تأمين التمويل، كما أنّ الأموال التي تتيحها الإستثناءات ليست مبالغ كبيرة، ومن واجب المصرف أن يؤّمن تغطيتها سنويًا كما هو وارد في نص الإقتراح”

عن تحديد سقف السحوبات بـ 20 مليون شهريًا، يوضح نحاس أنّه يعود للمصرف المركزي أن يحدّد أي سعر صرف سيُعتمد، استنادًا إلى المنصّة التي سينشئها، والتي ستؤمّن الدولار المطلوب في عمليات الإستيراد.

عدد من الخبراء الإقتصاديين وجدوا في الصيغة تمييزًا بين مودعي الداخل الذين لن يحصلوا على الدولار،والمودعين الذين لديهم إلتزامات في الخارج، وسيحصلون بموجب القانون على تحويلات بالدولار. ليس هناك من مودع داخلي وآخر خارجي يوضح نحّاس “بل هناك مودع وضع أمواله في لبنان، ولديه إلتزامات في الخارج، نفقات تعليمية، وإيفاء أقساط القروض الشخصيّة السكنية، وتسديد ضرائب أو رسوم أو إلتزامات مالية متوجّبة لسلطات رسمية أجنبية، وتسديد نفقات في الخارج عائدة للاشتراكات والتطبيقات على الإنترنت عبر استعمال بطاقات الدفع والإئتمان بالعملات الأجنبية. والقانون عمل على حفظ حقوق المودع كي لا يخسر منزله مثلًا أو غيره من الإلتزامات، بالتالي كل الإستثناءات التي لحظها القانون لها أسباب جوهرية، وهناك آلية للتحقق منها، والموافقة على طلبات التحاويل، وذلك ضمن سقف لا يتعدى الـ 50 ألف دولار سنويًا”.

بالنسبة الى تصنيف أصحاب الودائع إلى فئات، قبل 2016 وبعده(البند 4 من المادة الأولى)، وحرمان أصحاب الودائع بالعملة الأجنبية التي تكونت من تحويلات بالليرة اللبنانية بعد 2016، من امكانية تأمين سحوبات نقدية لهم بالعملة الأجنبية، لفت نحاس إلى تعديل سوف يلحق هذه المادة “علمًا أنّ الفكرة الأساسية من وضع هذه المادة، أنّه بعد عام 2016، حُوّلت ودائع بالليرة إلى الدولار دون أن يكون هناك دولار في المركزي يوازي قيمة التحويل”.

ماذا عن التناقض بين الطبيعة الإستثنائية الموقتة للقانون من جهة، ومنح الحكومة امكانية تمديد العمل به بعد انتهاء مهلة السنة من جهة ثانية؟

يجيب نحاس “هذه النقطة واضحة غاية الوضوح، الصيغة تحدثت عن تمديد لمرّة واحدة فقط، على أن يُعلل ذلك بتقرير يبرز الحاجة الى التمديد”. وهذا نص المادة بحرفيته ” يعمل بالقانون فور نشره في الجريدة الرسمية لمدّة سنة فقط من تاريخ نشره، ويعود لمجلس الوزراء بناءً على توصية وزير المالية وحاكم مصرف لبنان، تقصير هذه المدّة او تمديدها لفترة إضافية لا تتجاوز سنة واحدة، وذلك بناء على تقرير يقدم من حاكم مصرف لبنان ووزير المالية كل ستة أشهر تعلل فيه الأسباب لتمديد أو تقصير مهلة هذا القانون”.

صحيح أنّ القانون وُضع خارج إطار خطة إنقاذية شاملة، ولكن وسط الجمود الحاصل علينا أن نبدأ من مكان ما، يقول نحاس “يكفي استنسابية، لا يمكن ترك المودع مجرّدا من الحقوق في تعامله مع المصارف، لا بدّ من إطار قانوني يوصل الناس بأموالها، خصوصًا أن هناك 18 مليار لا زالت موجودة. كما أنّ القانون خاضع لنقاشات لجنة المال وقابل للتعديل، فلننتظر”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button