حي الشيخ جراح.. قضية أردنية بامتياز!* رجا طلب
النشرة الدولية –
ما زال تعاطينا مع قضية حي الشيخ جراح في القدس أقل بكثير مما يجب أن يكون عليه التعاطي من اهتمام ومتابعة بل كان وما زال المطلوب مواجهة سياسية على كل الأصعدة مع سلطات الاحتلال، فالقدس بمقدساتها الإسلامية والمسيحية هي مسؤولية أردنية سياسية وقانونية ودينية أما باقي احياء المدينة فقد كانت في يوم من الأيام جزءاً من المملكة الأردنية الهاشمية منذ إعلان الوحدة بين فلسطين والأردن عام 1950 على إثر انعقاد مؤتمر أريحا عام 1949 الذي تداعى له وجهاء فلسطين والذين طالبوا وقتها بوحدة فلسطينية – أردنية استمرت جغرافيا حتى عام 1967 وقانونيا – وسياسيا حتى قرار فك الارتباط 1988.
وبحكم هذا الواقع كان حي الشيخ جراح أحد احياء مدينة القدس وجزءاً من أراضي المملكة، وعندما لجأت إليه عام 1956 (38) عائلة فلسطينية هُجرت قسرا من أرضها المحتلة عام 1948، قامت الحكومة الأردنية وقتذاك برعاية هذه الأسر وأقامت وبالتعاون مع «الاونروا» ببناء مساكن لها واتفقت مع تلك الاسر تسجيل ملكيتها لتلك المساكن لاحقا باسمائهم بعد انقضاء ثلاث سنوات من إتمام بناء تلك المساكن ولكن ونتيجة لحرب حزيران عام 1967 وما ترتب عليها من تداعيات فإن عملية التفويض وتسجيل الملكية لم تتم، وهو الأمر الذي جعل المنظمات الصهيونية ترى في هذه المنازل لقمة سائغة للاستيلاء عليها تحت حجج واهية منها الادعاء بان الارض التى اقيمت عليها المنازل تعود ملكيتها لأشخاص يهود منذ عام 1883، وهي كذبة لا يوجد أي سند يدعمها لا في الوثائق العثمانية ولا البريطانية بل على العكس فأن تلك الوثائق تؤكد فلسطينية الأرض وفلسطينية ساكنيها.
تزويد الأردن للجانب الفلسطيني بكافة الوثائق المتوفرة لديه يمكن أن تساعد المقدسيين في الحفاظ على حقوقهم كاملة، من عقود إيجار وكشوفات بأسماء المستفيدين إضافة إلى نسخة من الاتفاقية التي عقدت مع «الأونروا» عام 1954 إلا أن الاحتلال الذي هو بالأساس نقيض جوهري وصارخ للقانون بل للسلوك الإنساني لا يمكن أن يعترف بمثل هذه الوثائق مثلما لم يعترف بوثائق «الطابو العثماني» التي جلبها المواطن الفلسطيني سليمان درويش حجازي في العام 1997 من اسطنبول لاثبات ملكيته للارض المقامة عليها تلك المنازل في حى الشيخ جراح والتي قدمها للمحكمة المركزية الإسرائيلية والتي رفضتها عام 2005، معتبرة أن تلك الوثائق لا تثبت ملكيته للأرض.
المعركة بشأن حي الشيخ جراح بل والقدس برمتها لم تنته وربما تزداد اشتعالا وسخونة بعد قرار المحكمة الذي من المتوقع صدوره غدا الاثنين، ولهذا يجب العمل وبكل قوة لنقل المعركة إلى مستوى سياسي وقانوني واعلامي اعلى مما هو عليه الآن، وأقصد هنا نقلها إلى مجلس الأمن الدولي والى محكمة الجنايات الدولية باعتبار ان ما تقوم به حكومة الاحتلال من تواطؤ مع الجمعيات الاستيطانية وتنفيذها للقانون العنصري المسمى «قانون الشؤون القانونية والإدارية في إسرائيل» الصادر عام 1970 والذي بموجبه يتم تمليك قطعان المستوطنيين منازل الفلسطينيين هو جريمة ضد الإنسانية.