الشجب والإستنكار أمان للصهيونية وخطر على القدس! صالح الراشد
النشرة الدولية –
سباق محموم بين الدول العربية لشجب واستنكار ما يقوم به الكيان الصهيوني في القدس المحتلة، سباق معيب بكلمات لا ترتقي لمستوى الفعل الحقيقي لدول تملك الجيوش والسياسة القوية والناعمة لكنها لم تحركها، سباق بلا قيمة كون الكلمات لا تصل لآذان العالم ولا تُحدث أي تغير على أرض الواقع، سباق يذكرنا بما حصل في بيروت حين كانت أصوات العرب تصل عنان السماء فيما الفعل “صفر”، ليجد اللبنانيون والفلسطينيون أنفسهم وحيدين في مواجهة الصهيوني الذي إنهزم في النهاية، ولا زلت أتذكر كلمات أغنية فرقة العاشقين “اشهد يا عالم علينا وع بيروت” حين صدحوا “بالصوت كانوا معانا يا بيروت والصورة ذابت في الميه”، وهذا هو الحال فصورة العرب تذوب في المياة الراكدة وتختفي كما كلماتهم التي لا تتجاوز حد سمعهم.
الدول العربية وبدلاً من الوقوف بجانب الشعب الفلسطيني في محنته التي هي محنة المسلمين جميعاً، بل هو من ينوب عنهم في صراع الدين والإسلام، الدول قررت أن ترسل رسائل التطمين للصهاينة بأنهم لن يدعموا الفلسطينين، وأن أقصى ما سيقدموه لسكان حي الجراح وللأقصى الشريف مجرد كلمات لا تُسمن ولا تُغني من جوع على شكل إستنكار هنا وشجب هناك في العلن، فيما الرسائل في السر بأننا لن نقترب من الإتفاقات التي تمنح الصهيوني التفوق على الفلسطينين، كونها إتفاقات تمنح الكيان حرية البقاء والسلطة المطلقة ولا تعترف بالسلطة الفلسطينية كشريك حقيقي مع غالبية الدول العربية، والتي تمنح علاقتها مع الصهاينة أولوية قصوى حتى لو تعارض هذا الوجود مع رغبة الشعوب.
لقد ذكرتنا المواقف الهشة للحكومات العربية بالإعرابي الذي خرج عليه قطاع الطرق ونهبوا إبله، وحين عاد لقومه قال لهم:” أشبعتهم شتماً وفازوا بالإبل”، ولا نريد أن يتكرر الحال بأن تشتم الحكومات الكيان موفرة له الغطاء حتى يظفر بالقدس وأقصاها وحي الشيخ جراح، وهذا أمر لن يحدث ليس بسبب قوة المواقف العربية الكلامية الهلامية، بل بسبب صلابة أهل فلسطين عامة وأهل القدس خاصة في الذود عن المدينة المقدسة رافعين شعار ” على القدس رايحين شهداء بالملايين”، لنجد أن موقف مُرابط في القدس يعادل جميع تصريحات السياسيين العرب والتي لا تعادل قيمة الورق الذي طُبعت عليه ولا تستحق الوقت الضائع في إلقائها، لذا فالحجر المقدس يعادل مليون خطاب سياسي، وشاب يحرس الأقصى بقوة جيوش ضلت الطريق وتقصف الاشقاء العرب.
ان السياسة الناعمة التي يعتقد البعض أنها حل سليم لقضية القدس ما هي إلا كابوس فلسطيني مرعب، كون الصهاينة خبراء في مجال السياسة الناعمة ويحظون بدعم عالمي غير مسبوق، ولن تتراجع أوروبا والولايات المتحدة عن مواقفهم في صناعة التفوق الصهيوني في المنطقة، لذا فإن الحل الوحيد يكون بالقوة الحقيقية من قطع العلاقات مع الصهيوني ومن يدعمه وبالتحضير العسكري وبالدعم المطلق للفلسطينين، وعندها ستتغير حسابات اللعبة السياسية العالمية وسنشهد التفوق العربي في العديد من المجالات، ولن نجد إعتداء صهيوني على القدس من جديد ولا تنمر على دول الجوار، لكن هذا حلم بعيد المنال كونه يتعارض مع سياسة البقاء على سدة الحكم، لذا ستبقى الخُطب العربية هى السلاح الوحيد والشجب والإستنكار هما الصواريخ التي نقصف بها تل الربيع المحتلة لتكون في أمان فيما القدس تبقى في خطر.