ارخميدس و الناس التافهه من الداخل

النشرة الدولية –

كتب صموئيل نبيل اديب –

لو  تسألت  مرة  لماذا  ينجح التافهون في الحياة أكثر منك؟   .. فدعني   أقول لك ” ارخميدس” اكتشف الإجابة  قبلك…

في سنة ٢٤٥ قبل الميلاد  قرر الملك اليوناني أن يصنع  تاجاً لنفسه من الذهب الخالص.. . فأمر بصرف ٢كلغ من الذهب للصائغ،  و في  خلال  شهر كان التاج الملكي على رأس الملك..

و لكن  لأن ربك مع المؤمن و الملك كان رجلاً مؤمناً .. قلبه لم يكن مطمئناً للصائغ.. فالملك كان قد أمر ب ٢ كلغ ذهب و التاج وزنه ٢ كلغ و أكثر.. .. و لكن  الملك كان يشعر  أنه ليس من  الذهب الصافي و أن الصائغ قد خدعه ..

ولأن اليونان دولة قامت على العلم والفلسفة لا  على دعاء الوالدين… أمر الملك كبار علماء المملكة “ارخميدس” أن يحدد ما  إذا كان التاج من الذهب الصافي أم مخلوطاً بمعادن أُخرى دون أن  يكسر  التاج .. انتبه  عزيزي القارئ  أن الذهب و التاج  وزنهم واحد ( ٢ك) …

ارخميدس ظل فتره طويله لا  يعرف ماذا يفعل .. و في يوم قرر أن  (يطرى) على نفسه  بحمام مياه دافئة.. . و لأن وقتها كان الاستحمام في برميل أشبه ب (البانيو) المليء بالمياه الساخنة …  فبمجرد أن غطس  “أرخميدس” في (البرميل)… تدفقت المياه من الأجناب.

عندها صرخ  ارخميدس  «يوريكا يوريكا» وجدتها وجدتها.. و خرج  يجري  (ملط) عارياً من الحمام إلى الشارع نحو قصر  الملك.. و أحضر  التاج و  ٢ كلغ من الذهب.. فوضع التاج في برميل مليء  بالماء  و جمع  كمية المياه التي تساقطت  من البرميل.. و بعدها  وضع الذهب و جمع كمية المياه التي تساقطت  … فوجد أن كمية المياه مختلفة بين الأثنين.. واكتشف بالتالي  أن التاج ليس  من الذهب الصافي…

“ارخميدس” وضع أساس قانون الطفو وعلاقته بالكتلة والكثافة . الذي ببساطة يقول بأن الماء يدفع بالأجسام نحو الأعلى بقوة تساوي كمية الماء التي تزيحها هذه الأجسام ، وتختلف نسبة غطسها في الماء وفقاً لكثافة الكتلة ،  فمسمار الحديد  يغرق في البحر وكيلو خشب يطفوا لأن كتلة و كثافة الخشب أقل من كتلة وكثافة الحديد..

و في الحياة  الأشخاص  ليسوا  بمظهرهم ..إنما هم  بكتلتهم وثقافتهم وفكرهم..

والمواقف  والتجارب  في بحر الحياة هي التي تبين دواخل وجوهر كل شخص.. فالنحاس  عندما  غطس في ماء التجارب ظهرت  حقيقته…  و  المظاهر خداعة ..

إذا   كان نصيبك في الحياه أن تكون مثل  “أرخميدس”.. مُطالب بأن  تفصل بين الحق و الباطل.. بين الصواب  والخطأ (معلم – وكيل نيابة – ضابط – مصحح امتحانات – مُراقب – مدير إدارة- رجل دين – أب لأطفال يتعلمون منه) فلا تغضب  من نصيبك..

انا أعلم  أنه صعبٌ وقاسٍ..

في الوقت الذي كان ارخميدس محروقاً دمه لأنه مطالب أن يثبت  سرقة (حرامي) ..

الحرامي نفسه كان يعيش حياته (باشا) ومعه  (الفلوس) والسلطه بصفته صائغ الملك الخاص..

و أنت أيضا  دمك محروق  .. أنا أعرف ذلك ..

و لكن تذكر   (أن لكل مجتهد نصيب) ( والله لا يضيّع أجر من أحسن عملا)

و التاريخ بعد ٢٣٠٠ سنه لا يعرف غير اسم ارخميدس و حتى اسم الملك نفسه كثيرون لا يعرفونه   .

أن تكون عادلاً و أميناً و مُحترماً.. شئ لم يكن ابدا سهلاً.

و لكن أرجوك تذكّر   أن الطريق الصعب آخره الجنة

حتى لو كان الثمن أن تجري في الطريق  ملط (عارياً)

 

*المستشار الأعلامي لجريدة كنوز عربيه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى