لبنان بمرآة بلد صديق* حمزة عليان
النشرة الدولية –
في ذاك “الزمن الجميل” وأيام كان #لبنان “رئة” العالم العربي وواجهته المشرقة، كانت أي كلمة بحق هذا البلد أو مقال يتناول رجالات الدولة ونظامه السياسي، تحدث اهتزازاً حقيقياً في علاقته مع الدولة المعنية، تعلن حالة الطوارئ في القصر الجمهوري وتتحرك السفارة اللبنانية بتعليمات من وزارتي الخارجية والإعلام للرد على ما نشر وصولاً إلى “الاعتذار” حتى لا يتسبب هذا المقال “بتعكير” صفو العلاقات الأخوية بين الدول العربية الشقيقة!
هذا كان بالأمس وفي الزمن الغابر، أما اليوم فقد أصبح لبنان بديموقراطيته وحكامه ونظامه السياسي “ممسحة” وبات كالرجل الكسيح لا يقوى على المشي ويحتاج إلى من يمسك به؟
صورة لبنان تغيرت، بفعل المنظومة السياسية الحاكمة، أقصد “العصابة” التي جثمت على صدر هذا البلد وأوصلته إلى ما دون القاع .. وبات مثل “الوباء المعدي” محذرين من الاقتراب منه أو التشبه به، فلا الديموقراطية نفعت ولا الحريات في الإعلام والتعبير أفادت، بل النتائج التي يرونها أمام أعينهم كارثية!
كيف تبدو صورة لبنان اليوم من خلال آراء مجموعة من الكتاب الإعلاميين وهم جزء من مجتمع النخبة في الكويت والاستشهاد بهم يأتي من باب الاستدلال ولمعرفة مكونات الصورة التي يظهر فيها بمرآة بلد صديق تربطه بأهله علاقات حميمة وهناك أوجه من التماثل بينهما تكاد تصل حد التوأمة.
في السبعينات ظهرت مقولة “اللبننة” وكانت مدعاة للتخوف في عواصم الخليج العربي، فهذا الخليط من الطوائف وتركيبة النظام السياسي لم ينتج منه سوى التفاؤل والانفلات وممارسات سياسية بلا سقف.
فالنموذج الذي قدمه لم يجرؤ أحد على الاقتراب منه، لذلك كانت هناك قرارات كبرى استباقية لجأت إليها الكويت في السبعينات تمثلت بحل مجلس الأمة عام 1976 من باب سد الذرائع وحتى لا تعيش الدولة تحت هاجس “اللبننة”.
يبدو أن هذه “اللبننة” وبعد أربعين سنة من بدء الحرب الأهلية ما زالت في طبعتها الأولى، غير قابلة للاستنساخ ولا تملك مقومات التحور وإنتاج طفرات جديدة كما حال فيروس كورونا.
بقيت تتفاعل ضمن دائرة العشرة آلاف كيلومتر مربع لتصل إلى حافة الهاوية، بحيث أصبح بحاجة إلى “قوة دولية تنتشله من المصيبة التي وقع فيها وضرورة فرض الوصاية عليه”، كما رآه الكاتب أحمد الصراف في جريدة “القبس”، وإن كانت التجارب في بعض الدول ما زالت في طور التكوين.
أما حكاية “التأجير” للغير “والولاءات” للآخرين فهي بمثابة جرس إنذار، على الكويت أن تأخذ العبرة منه، فوزير الإعلام السابق والكاتب سامي النصف اعتبر أن تلك “الولاءات البديلة للسياسيين والإعلاميين هي التي دمرت لبنان، وقبولهم بتدخل الدول الأخرى وأموالها في شأنهم الداخلي كما ظهر في مقالة له نشرها في “النهار” الكويتية، وتلك الثقافة السائدة تنسحب على عمليات “تأجير” الساسة والإعلاميين ولخدمة هذا النظام أو ذلك وهذا ما أوصل إليه الحال في بلد قراره “مختطف” من الآخرين.
ماذا بقي بعد؟
الديبلوماسي السابق فيصل الغيص والمحب للبنان يرفع الصوت عالياً… أصلحوا بلدكم أولاً واتركوا عنكم الاستعطاف… أي “الشحاذة” وهذه الكلمة من – عندي- “فأزمة لبنان تكمن في صراعاته الطائفية وتسلط زعامات سياسية وأمنية متوارثة تذكرنا بأمراء الإقطاع الأوروبي في العصور الوسطى. فكيف لبلد يخرج منه “إرهابيون يختطفون طائراتنا” يتسلط عليه “حزب الله” وعلى مقدرات الدولة وقراراتها السيادية أن يطلب العون والمساعدة كما أوضح السفير فيصل الغيص.
دخلنا عصر المكاشفة وجردة الحساب ولم يعد “للمجاملات الأخوية” مطرح في قاموس الإعلام، فالكاتب بدر خالد البحر أعلن صراحة “تحولتم إلى عبء على الخليج، فقد أهدرتم أموالنا وفي دولة متهالكة تحكمها أحزاب متعادية ومتعاونة على الفساد… أما العبء الثاني وكما يراه فيتمثل “بدعم الخلايا الإرهابية المستوطنة في المجتمعات الخليجية” في إشارة بأصابع الاتهام إلى “حزب الله”.
تلك هي الرؤية وبدون تجميل، علّنا نصحو من غفلتنا بعدما أصبحنا “أمثولة” للدول الفاشلة والمفلسة؟
النظام السياسي المركب عام 1943، وما تبعه من تحسينات عبر اتفاقي الطائف والدوحة، لم يعد صالحاً لهذا الشعب وتلك البيئة وهذا ما نأمله بالتغيير القادم، وقد تكون الانتخابات النيابية القادمة واحدة من المداخل المناسبة.