برناديت حديب: لا مثال أعلى عندي وبريجيت ياغي ممثلة جيدة جداً..لكن!
النشرة الدولية –
الديار – جويل عرموني –
خَطَفت سمراء الشاشة النجمة المبدعة برناديت حديب الأنظار هذا العام في السباق الرمضاني 2021 من خلال مسلسل “راحوا” والذي تُجسّد فيه برناديت شخصية “سندس”، اللاجئة العراقية المعذّبة، حيث نراها تتألّم لفراق عائلتها وفقدان الاتصال بها. فكنا نبكي مع كل دمعة، ونضحك مع لهفة الشوق والفرح، والتي تحملها لنا “سندس” مع كل خبر سعيد يأتيها من أسرتها.
طبعت برناديت في أذهان المشاهدين لسنوات عدّة، من خلال أدوارها التي أثرّت فينا وأسرتنا بإبداعها، مُغْنية الدراما اللبنانية بأعمال تلفزيونية ومسرحيّة وسينمائية، ومصرّةً على رفع التحدّي واثبات الذات بكلّ احتراف، حتى أصبحت مرجعاً للعديد من الممثلات.
كان لموقع “الديار” هذا اللقاء الشيّق مع الممثلة برناديت حديب:
*بداية، أخبرينا عن أصداء شخصية “سندس” اللاجئة العراقية المقهورة التي ظلمتها الحياة وباتت بعيدة عن أسرتها ولم تعد تعرف ما هو مصيرها. ما هي المفاجآت التي تنتظر المشاهدين في الحلقات المقبلة؟
إن تقييم المشاهدين لشخصية “سندس” اتّسمت بالإيجابية، لا سيّما ما يتعلّق باللهجة العراقية التي كنت متخوّفةً من عدم تجاوب الناس معها. حتى أنني تفاجأت باتصال الصحافة العراقية والممثلين العراقيين بي معبّرين عن إعجابهم باللهجة التي تكلّمت بها وكذلك بأدائي الدور.
كنت سعيدة جداً بنجاحي في التحدي الذي أخذته على نفسي، وهذا ما أراحني. كما أن طرح قضية اللاجئين أضاف جديداً الى الدراما اللبنانية، مع الإحساس بالوجع الذي جسّدته “سندس”. فهي تعاني من بُعدِها عن وطنها وعائلتها وتنتظر أوراقها الرسمية للحاق بها الى السويد.
ولننتظر ماذا سيحلّ بـ “سندس” في الحلقات المقبلة. وما أستطيع قوله الآن “تفاءلوا بالخير تجدوه”.
*في مسلسل “راحوا”، مرّت حياة “سندس” بمراحل عدّة، بدءاً بوظيفة مُعلّمة أدب عربي في إحدى المدارس، ثمّ ناطورةً في بناية، وبعدها عاملة تنظيفات في المستشفى…
هل إذا مرّت برناديت في الواقع بالظروف نفسها واضطرت لأن تعمل كما عملت “سندس”، تقوم بذلك من دون احراج؟
مرّت “سندس” بمراحل صعبة لا تستطيع أي امرأة أن تتخطاها من دون أن تسبّب لها مشاكل نفسية. بالنسبة إليّ ليس هنالك من عمل محرج، فأنت من تعطين قيمة لعملك وليس العكس. وبالتالي لا أخجل من أي عمل، بل أقوم بكل ما يلزم للحفاظ على كرامتي وكرامة عائلتي.
*أتقنتِ اللهجة العراقية المليئة بالأحاسيس والعنفوان، لدرجة أننا صدّقنا أنك عراقية. كيف تمكّنتِ من التكلّم بهذه اللهجة بطلاقة واتقان؟
أنا تحدّيت نفسي بأداء اللهجة العراقية كونها من أصعب اللهجات العربية. فبعد أن حوّلت النص من اللهجة اللبنانية الى العراقية، كان التركيز على إتقان اللهجة مع إدخال بعض الكلمات اللبنانية التي اكتسبتها “سندس” في فترة لجوئها الى لبنان. من ناحية، لكي يفهمها الجمهور اللبناني أكثر، ومن ناحية ثانية لكي يتمكّن الجمهور العراقي من فهم ما تعانيه في غربتها باللهجة العراقية التي هي لهجته.
*ما هو الدور الذي أدّيته وكان الأقرب إلى قلبك؟ وما هو الدور الذي تطمحين للحصول عليه وتعتبرين أنه سيُبرز طاقاتك التمثيلية أكثر؟
إن وجودي على خشبة المسرح يشعرني بالاكتفاء الذاتي، وكأنني أملك كل ما يرضيني كممثلة.
أما بالنسبة الى الأدوار، فإن كلّ دور أقوم بتأديته أعتبره الدور الأقرب الى قلبي، لأنه يشبه الطفل الذي أقوم بتربيته والاهتمام به وأطمح لأراه كاملاً وناضجاً.
وفيما يخصّ الأدوار التي أطمح لأن أؤديها، فأنا أحب أن أمثل أدواراً كوميدية وأقوم بتمثيل الفوازير مع كل ما تمثله من رقص وأغان ولوحات جميلة.
*من هو/هي مثالك الأعلى في التمثيل؟
لا أعتبر أنّ هنالك من مثال أعلى في التمثيل. إلا أنني تربّيت على أسماء كوفاء طربيه ومنى واصف وسميحة أيوب وسهير البابلي وأمينة رزق وفاتن حمامة وسعاد يونس ومارسيل مارينا والفيرا يونس وهند أبي اللمع.
منذ صغري، كنت أتابعهنّ وأشعر بالرغبة الكبيرة لأكون مثلهنّ. فكنت أضحك وأبكي وأفرح وأرقص معهنّ. فتركن فيّ أثراً وبصمة، ما جعلني أتمنّى أن يأتي يومٌ أكون مثلهنّ.
*برعتِ باللعب أمام الكبار سواء أكان ذلك على المسرح أم على الشاشة، وتقمّصتِ الشخصيات بمهارة وعفوية بالغتين، ما أدّى الى حفرها في ذاكرة الفن المعاصر.لِمَ لَمْ نركِ في بطولة مطلقة بعد؟
أنا لا أؤمن بوجود دور بطولة مطلقة. ما يهمّني هو الدور، من وجهة نظري ليس هنالك دور كبير أو صغير، هناك دور يترك بصمة إيجابية أو سلبية ويخلق حالة بلبلة عند النقّاد والمشاهدين، ومشاعر وأراء متناقضة تجاهه. قد يقوم الممثل بأدوار كبيرة كل يوم على الشاشة دون أن يترك بصمة اذ يعتبره المشاهدون أنه لا يقدم شيئاً جديداً.
الدور الذي يحمل قضية هو ما يعنيني. فأدوار البطولة تأتي اليوم معلّبة فهي تُكتب أساساً لأسماء محددة. وبالنسبة لي أنا أتحكم بكيفية ظهوري أمام الجمهور، وأختار ما يناسب ثقافتي وحياتي الإجتماعية والبعد الدرامي للأدوار.
*كيف كان تعاونك مع الممثلتين كارين رزق الله وبريجيت ياغي؟
التعاون كان رائعاً مع كارين رزق الله وبريجيت ياغي، خصوصاً أنها المرة الأولى التي أتعاون فيها معهما. فكنّ إيجابيات جداً، نمزح ونضحك ونتشارك في كل الأمور، ولا زالت هذه العلاقة مستمرة. أنا كنت مرتاحة جداً بكل هذه التجربة وتعرفت على العديد من الوجوه التي لم أكن أعرفها سابقاً، ولا مانع لدي من تكرار هذه التجربة بكل رحابة صدر.
*برأيك، أين لمعت بريجيت أكثر، في التمثيل أم في الغناء؟
برعت بريجيت في المجالين، صوتها أكثر من رائع “بياخد العقل”، وتمثيلها جيد جداً. لكن في بعض الأحيان، يحتاج الممثل الى عين خارجية تعطيه الملاحظات وتساعده على تحسين أدائه وتطويره. وهو يحتاج أيضاً الى ممثل أمامه يستطيع أن يستوحي منه. كما يحتاج الى نص يستطيع من خلاله تفجير طاقاته التي لم يستطع اظهارها من قبل. وبرأيي ستفاجئنا برجيت ياغي بالطاقات التي تمتلكها كونها ممثلة متميزة. وأتمنى أن تحصل على فرصتها لتفاجئنا وتفاجئ جمهورها بدور استثنائي.
*أحدث مشهد العلاقة الحميمة بين “حسيب” و”لمى” جدلاً كبيراً وانتقادات حادّة، ما رأيك؟
لو أننا شاهدنا المشهد نفسه في أيّ عمل أجنبي لكُنّ تقبّلناه واعتبرناه عادياً.لا بل أكثر، كنّ مدحنا الممثلين والمشاهد. كما أن من الضروري أن ننظر الى هذا المشهد من منطلق الاضافة التي قدّمها الى العمل ومجرى الاحداث والحالة النفسية التي تعيشها “لمى”، أي التركيز يجب أن يكون على ردة فعلها وعلى وجهها وعلى الاشمئزاز الذي تشعر به تجاه هذا الانسان الذي حاولت بزواجها منه، وهي تكرره، إخفاء حملها من حبيبها السابق.
إن ردّة فعل المشاهدين في هذا الموضوع قاسية قليلاً خصوصاً وأنه لا يأخذ في الاعتبار الرؤية الاخراجية، وهي أن الممثل مجبر على الالتزام بتعليمات المخرج لتأدية العمل بالشكل المطلوب. وفي هذا الإطار، يجب عدم محاسبة الممثل فقط وانتقاده، بل ينطبق أيضاً وربما أكثر على المخرج. في رأيي، المشهد كان من الأفضل أن يكون المشهد أقصر، ودون أن تترافق معه هذه الحالة التي سادت والانتقادات التي وجّهت اليه.
وأريد التوضيح أنني لست ضد النقد، لكن يجب التنبه الى الطريقة التي نستخدمها في ابداء الملاحظات بدون تجريح، بحيث يكون النقد موضوعياً وقول ما نريد بطريقة لبقة وسلسة دون الاساءة الى مشاعر الآخرين.