مصير ضبابي للانتخابات العراقية بالتزامن مع دعوات للمقاطعة رداً على استهداف الناشطين
النشرة الدولية –
تواجه الانتخابات العراقية مصيرا “ضبابيا” في ظل تصاعد الحملات الداعية إلى مقاطعتها بعد سلسلة حوادث اغتيال طالت ناشطين بارزين كانوا يخططون للترشح في الانتخابات المقررة في أكتوبر المقبل.
وقُتل إيهاب الوزني، الناشط المنسط للاحتجاجات المناهضة للنفوذ الإيراني والجماعات المسلحة في البلاد، وهو في طريقه إلى منزله في مدينة كربلاء جنوبي بغداد، الأحد الماضي.
وبعدها بأربع وعشرين ساعة تعرض أحمد حسين مراسل قناة الفرات لمحاولة اغتيال بالطريقة ذاتها أثناء نزوله من سيارته متوجها إلى منزله القريب من مدينة الديوانية، جنوبي العراق.
ويجمع مراقبون أن الانتخابات ستجري في الوقت المحدد، على الرغم من أن الهجومين أحدثا صدمة كبيرة لدى العراقيين لتزامنهما مع استعدادات القوى السياسية والمرشحين لإطلاق حملاتهم الانتخابية، لكن هناك شكوكا في ما يتعلق بفعالية هذه الانتخابات ومدى قدرتها على إحراز التغيير المنشود الذي تطالب به ساحات الاحتجاج.
يقول أستاذ الفكر السياسي المساعد في كلية العلوم السياسية بجامعة الكوفة، إياد العنبر، إن “الانتخابات ستجري بموعدها لأن أحزاب السلطة ترغب في ذلك”، مضيفا أن هذه القوى تعتبر الانتخابات “المتنفس الوحيد لتبرير بقائها وهيمنتها على مقاليد الحكم”.
ويضيف العنبر لموقع “الحرة” “لكن يبدو أن هناك تحولا حقيقيا على مستوى الرأي العام أو على مستوى الرسائل الدولية يشير إلى أن إجراء الانتخابات في ظل هذه الظروف من انتشار للسلاح المنفلت وغياب التنافس العادل قد يكون أمرا فيه الكثير من الاشكاليات وقد يؤثر على نزاهة العملية الانتخابية”.
“هذه القضايا باتت تطرح ليس فقط من قبل الداخل العراقي أو الناشطين والمراقبين بل من قبل سفراء مهمين يتبعون دول ممثلة في مجلس الأمن الدولي”، وفقا للعنبر.
بدوره يرى المحلل السياسي رعد هاشم أن دعوات مقاطعة الانتخابات لدها ما يبررها، فالقائمون عليها يحاولون عدم اعطاء الشرعية للقوى السياسية الممسكة بزمام السلطة منذ عام 2003 والمتحكمة بمجريات الانتخابات”.
ويضيف هاشم في حديث لموقع “الحرة” أن هذه المعطيات تعني أن “مصير الانتخابات في العراق تشوبه الكثير من “الضبابية، فيما لو قررت قوى الاحتجاج المضي فعليا بقرار مقاطعة الانتخابات”.
وبعد حادثة الاغتيال التي طالت الوزني في كربلاء، أعلن عدد من الأحزاب العراقية، بعضها من المحسوبين على حراك تشرين مقاطعتها للانتخابات، وهي كل من الحزب الشيوعي وحزب البيت الوطني، واتحاد العمل والحقوق إضافة للنائب فائق الشيخ علي.
ودانت عدة دول عظمى عملية الاغتيال التي استهدفت ناشطين، وكان آخرهم إيهاب الوزني.
وقالت السفارة الاميركية في بغداد إن “الولايات المتحدة تدين وبأشد العبارات مقتل إيهاب الوزني”، مضيفة أن “تكميم الأفواه المستقلة من خلال انتهاج العنف هو أمر غير مقبول بالمرة”.
تُدينُ الولايات المتحدة وبأشد العبارات مقتل إيهاب الوزني. إن تكميم الأفواه ألمُستقلة من خلال انتهاج ألعنف هو أمرٌ غيرُ…
Posted by U.S. Embassy Baghdad on Sunday, May 9, 2021
بدوره قال السفير البريطاني في العراق، ستيفن هيكي، في تغريدة على تويتر إنه “يدين وبشدة مقتل الناشط إيهاب الوزني”، مضيفا أن “الإفلات من العقاب على مقتل النشطاء منذ تشرين الأول 2019 لم يؤد إلا إلى مزيد من القتل”.
ودعا هيكي إلى “اتخاذ تدابير ملموسة لمحاسبة الجناة وحماية المواطنين العراقيين أثناء استعدادهم للانتخابات في أكتوبر”.
أدين وبشدة مقتل الناشط #ايهاب_الوزني. لم يؤد الإفلات من العقاب على مقتل النشطاء منذ تشرين الأول 2019 إلا إلى المزيد من القتل. هناك حاجة ملحة لاتخاذ تدابير ملموسة لمحاسبة الجناة وحماية المواطنين العراقيين أثناء استعدادهم للانتخابات في أكتوبر.
— Stephen Hickey (@sblhickey) May 9, 2021
وتوعد رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي بملاحقة قتلة الوزني “الموغلون في الجريمة”، مضيفا أن “المجرمين أفلسوا من محاولات خلق الفوضى واتجهوا الى استهداف النشطاء العزل”.
رئيس مجلس الوزراء @MAKadhimi : قتلة الناشط الوزني موغلون في الجريمة، وواهم من يتصور أنهم سيفلتون من قبضة العدالة، سنلاحق القتلة ونقتص من كل مجرم سولت له نفسه العبث بالامن العام. pic.twitter.com/UAscrPTNVk
— المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء 🇮🇶 (@IraqiPMO) May 9, 2021
وتعد الانتخابات المبكرة مطلبا أساسيا للمحتجين المناهضين للحكومة، الذين نظموا مظاهرات بدأت في أكتوبر 2019، وقُتل خلالها مئات على أيدي قوات الأمن ومسلحين يشتبه في صلاتهم بفصائل مسلحة.
وتسعى هذه الفصائل التي لها ممثلون في البرلمان، إلى إبراز عضلاتها مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة.
وستجري الانتخابات وفق قانون جديد بدلا من التصويت على اللوائح، إذ سيتم التصويت على الأفراد وتقليص نطاق الدوائر الانتخابية.
لكن مراقبين يرون أن هذه الانتخابات يمكن أن تغير إدارة الحكم، من دون أن تنجح في تغيير النظام السياسي القائم الذي خرج مئات إلى الشوارع مطالبين بتغييره.
ويقول المحلل السياسي هيثم التميمي في حديثه لموقع “الحرة” إن “النظام السياسي هو الذي يولد الحكومة وليس الانتخابات”، مضيفا أن “العملية الانتخابية يمكن أن تأتي بأسماء جديدة، لكن النظام السياسي القائم لن يسمح بجلب قوى جديدة أو جهات يرغب بها الشارع”.
ويتابع الهيتي “لن يحصل تغيير إلا عبر إصلاح أو تغيير هذا النظام برمته كما طالب المحتجون في شعاراتهم التي رفعوها في ساحات الاحتجاج منذ أكتوبر 2019”.
ويتفق رعد هاشم مع هذا الطرح، مشيرا إلى أنه حتى لو تمكنت القوى المناهضة للأحزاب الممسكة بالسلطة بالفوز، إلا أنها لن تتمكن سوى من الفوز بمقاعد قليلة في البرلمان طالما هذه الأحزاب تتحكم بمقاليد السلطة، وبالتالي ستفشل في تحقيق التغيير المنشود”.
وكانت بعثة الأمم المتحدة في العراق قالت الثلاثاء إن “الفشل في تنظيم انتخابات ذات مصداقية من شأنه أن يولد غضبا وخيبة أمل كبيرين ودائمين وواسعي النطاق، الأمر الذي ربما يتسبب بمزيد من عدم الاستقرار في البلاد”.
ودعت رئيسة البعثة جنين هينيس-بلاسخارت في إحاطة قدمتها لمجلس الأمن الجهات المعنية العراقية إلى “الالتزام بنزاهة العملية الانتخابية”، مشددة على أن “العالم يراقب”.
وأكدت بلاسخارت أن “الضغط والتدخل السياسيين والتخويف والتمويل غير المشروع جميعها من أشد العوامل إضرارا بمصداقية الانتخابات، وبالتالي في الإقبال على المشاركة فيها”.
لكنها أشارت أيضا إلى أن “مقاطعة الانتخابات، والبقاء خارج العملية الانتخابية، هي مجازفة ويمكن أن يكون ثمنها باهظا”.