الفلسطينيات يواجهن الاعتقال.. بابتسامة صمود وثبات
عدي غزاوي –
يتداول الناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي صوراً لشابات فلسطينيات يبتسمن أثناء اعتقالهن، وتثير هذه الصور انبهار مشاهديها لثبات الفتيات العُزّل أثناء اعتقالهن، وعدم اكتراثهن لما سيحصل بعد دخول زنازين الاحتلال للتحقيق والحبس والعَزلِ والتعذيب.
هي ابنة الشهيدة وأخت الأسيرة، جدتها مُهَجرة وخالتها فدائية، كيف لا تضحك وهي تسير على نهج النضال؟ كيف لا تبتسم وهي تقول كلمتها في كتاب النضال الفلسطيني الذي كانت فيه الكلمة الأولى؟، فهي الأم التي ربت والمعلمة التي غرست حب الوطن في تلاميذها، والمناضلة التي أثبتت أن الدفاع عن الوطن لا يحتاج جيوشا بل مجرد مواجهة وابتسامة تقض مضاجع جيش مدجج بالسلاح.
هذه الابتسامة ليست جديدة العهد على بنات وأبناء فلسطين، فالاعتقال بالنسبة لهم هو ثمن بسيط في سبيل الدفاع عن أرضٍ مسلوبة، كما أن طبيعة حياتهم وتربيتهم زرعت فيهم اعتياد الاعتقال، فليس هناك من طفلة أو طفل فلسطيني لم يشهد عملية اعتقال لأحد أقاربه أو أصدقائه وحتى شخص غريب لا يعرفه في الشارع.
تقدير الشعب الفلسطيني للأسرى وعائلاتهم واعتبارهم خطاً أحمر في أي خطوة نحو المفاوضات أو الحل، زرع في الفلسطيني اعتبار مسمى «الأسيرة أو الأسير» رتبة شرف يقدرها المجتمع لما بذل من تضحية داخل زنازين الاحتلال وغرفه المظلمة المليئة بالظلم ومحاولة كسر العزيمة.
وكما دافع الأسير والأسيرة عن الشعب يوماً فإن الشعب يرد له الجميل بالدفاع عنه دائماً، وكمثال بسيط، كان أحد أسباب الأزمة المالية الأخيرة في فلسطين هو منع الاحتلال الصهيوني أموال الضرائب المستحقة للسطلة الفلسطينية، بدعوى أن جرء منها سيدفع لعائلات الشهداء والأسرى، وحاول الاحتلال الصهيوني مراراً منع وصول المساعدات للشعب الفلسطيني بدعوى أنها ستمول الإرهاب الفلسطيني المتمثل في الدفاع عن حق مسلوب!.
لن يفهم سر هذه الابتسامة إلاّ شخص يقدر معنى الحرية ويعرف أن هذه الحُرّة تربت على الكرامة لا الخنوع وعلى المواجهة لا الانسحاب، لن يفهمها إلاّ من يعرف قيمة المسجد الأقصى وقداسة دم الشهداء وثبات حق اللاجئ في العودة إلى أرضه.
من يشاهد الاحتفاء الشعبي بأي أسيرة تخرج من سجون الاحتلال، والاحتفالات التي تقام لها يعرف أهمية الأسيرة في المجتمع الفلسطيني، ويفهم سبب تبسم الشبابات أثناء الاعتقال، فلولا أنها حُرّة ما دخلت زنزانة الاحتلال المأسور بخوفه من شابة تصرخ في وجهه قائلةً له ارحل.
نقلا عن القبس