أمِن مسار جديد للقضية الفلسطينية؟
بقلم: أ.د. غانم النجار

النشرة الدولية –

هل جولة المواجهات على أرض فلسطين تقليدية ومكررة، أم أن هناك فيها مستجدات تنبئ عن مسار جديد للقضية الفلسطينية؟

المنظور التقليدي لرؤية ما يحدث لا جديد فيه، فهو تراكم نضالي فلسطيني، ضد نظام أبارتايد، استيطاني، استعماري، يؤدي إلى سلسلة من المواجهات، ما إن تهدأ حتى تعود للاشتعال.

وهي مواجهات أسبابها موضوعية ضد ممارسات حاضرة على الأرض، فمادامت حالة الظلم الفادحة قائمة، ونظام أبارتايد قائم، فسوف تستمر المواجهات، تخبو حيناً وتشتعل حيناً آخر.

في السياق التقليدي ذاته، تحدث المناوشات العربية – العربية، وربما الفلسطينية، فتصدر بيانات الحد الأدنى، والشجب والاستنكار، وهي أيضاً لا جديد فيها، باستثناء زيادة الدول العربية التي طبّعت مع إسرائيل، مما أضاف بُعداً جديداً للمناوشات، التي لن تؤدي إلى فائدة، ولا تسمن ولا تغني من جوع، بل إن ضررها أكثر من نفعها. وكأنّ الساسة العرب لم يكتشفوا، بمن فيهم الفلسطينيون، أن مناوشاتهم، وتسجيل النقاط على بعضهم البعض، ليست إلا معاول هدم للقضية الفلسطينية، التي اقتات عليها من اقتات، وانتفخت أوداج من انتفخت أوداجه على حسابها. أما خارج النطاق العربي، فالأمور تسير بشكل مختلف تماماً عن سوابق الأمور، وهي تنبئ ببوادر إيجابية، حتى وإن كان الطريق طويلاً.

فكم تعودنا في تاريخ القضية الفلسطينية ألا نرى أمراً إيجابياً، ثم نتخيله، ونحاول فرض ذلك المتخيل على الواقع، فخسرنا الخيال والواقع.

زرت فلسطين مرتين مع أهلي عندما كنت طفلاً في عامي 1964 و1965، وزرنا الكثير من المدن الفلسطينية، من جنين، إلى قلقيلية، إلى نابلس، إلى طولكرم، إلى عنبتة، وبالطبع رام الله والبيرة، وغيرها، ناهيك عن “بيت صفافا”، حيث كان الشبك الحديدي يقسمها لنصفين، وكان أهلها يقيمون مناسباتهم أفراحاً وأتراحاً على جانبي “السلك”، كما يسمّونه، لا تزال تلك الصورة عالقة في ذهني.

لأمر ما، كانت القدس بأزقتها وشوارعها العتيقة محفورة في النفس، المسجد الأقصى المهيب، كما كنت أتخيله، أما قبة “الصخرة” فاكتشفت أنها ملتصقة بالأرض وليست مرتفعة عنها كما كنا نظن، ولكنها “معلّقة” في قلوب المؤمنين، كما قال أحدهم رداً على تساؤلاتي.

ثم صارت القدس الشرقية بمكوناتها الفلسطينية تحت الهيمنة الصهيونية، وبقية القصة معروفة.

قد تتوقف المعارك المحتدمة حالياً قريباً، وتنتهي “الأعمال العدائية”، حسب القانون الدولي، وقد نعود إلى الهدوء النسبي المشوب بالقلق، إلا أننا لن نعود إلى تغيير معادلة، أو إحقاق حق، وسيبقى الوضع على ما هو عليه، بانتظار مواجهات جديدة، فجذور الأزمة لا تزال قائمة.

هذه المرة هناك الكثير من العناصر الجديدة التي قد تفتح للقضية مسارات أكثر اتساعاً، وربما في منظور أكثر واقعية، بعيداً عن أوهام المتوهمين، أو أحلام اليقظة. هي مستجدات تستحق الانتباه، وهو ما سنوضحه لاحقاً.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button