الكويت
بقلم: عبد الهادي راجي المجالي

النشرة الدولية –

الرأي الأردنية –

… أريد تعريفا واضحا ومحددا للكويت؟..منذ أسبوع وأنا أحاول ذلك وأسأل نفسي لماذا مثلا لم يأخذ مرزوق الغانم موقفا متماهيا مع ما يحدث في المنطقة ويمارس التطبيع قليلا؟..لماذا مثلا لا يمضي سكان العاصمة وقتهم في (الكسدرة)..والتنعم بالماركات في (الأفنيو)، ويقولون بملء الفم: (لايعنينا ما يحدث في غزة فنحن وطن تعرض للإحتلال أيضا وهجر أهله ودفعنا المئات من الشهداء)…لماذا مثلا لاتصمت الحكومة الكويتية؟ فقط تصمت…دون أن تصدر قانونا يجرم كل من يتعامل مع إسرائيل…

أعود إلى السؤال بماذا تعرفون الكويت؟ مع أن لديهم كل أشكال الرفاه، ولديهم الفائض المالي الأكبر في العالم، ولديهم ناطحات السحاب والبنى التحتية الضخمة..ولديهم الفلل والقصور..وكل ما تشتهيه النفس…

باعتقادي أن القصة بسيطة جدا وهي: الكويتي إن استفز دمه..يقدم الدم على النفط والدينار والدولار وكل شيء، والكويتي هو أول من احتضن حركات التحرر العربي..هو من احتضن ناجي العلي، واحتضن بدر شاكر السياب..ومن على ترابه نشأت (فتح) كحركة تحرير ..هو من أصدر مجلة العربي التي قاومت ودافعت عن التاريخ، هو من عرى مجتمعات الرفاه حين قدم عبدالحسين عبدالرضا..وأنتج (باي باي لندن)…هو من استضاف اليسار العربي في بلده..وهو لم يضيق على أحد ولم يقم بإقصاء أحد…وفتح أبواب بلاده..للأقلام والأفواه والقصائد والبنادق…

باختصار تعريف الكويت بسيط جدا، هي وطن صغير على الخليج..في ذات الوقت هي الضمير الحي، هل قلت الضمير؟…نعم فحين يأخذ الضمير العربي إجازة من الموقف..يصعد الكويتي بجبهته السمراء..وبالزند البدوي الأسمر..يصعد النخل والبحر والرمل، ويعلن عن عروبته ولا يغطي الوجه برداء المصالح أو المجاملات الدولية…وحين ينزف الدم الفلسطيني..ينحاز الكويتي لهذا الدم…لأنه يشعر بأن وريده الذي ينزف، والكويت تدرك جيدا أن هذه المواقف لها حساباتها ولها أثمانها…ومع ذلك ليكن هنالك ثمن …وهل يوجد أقسى على الكويتي من ثمن التهجير والإحتلا?، وقد دفعه وتجاوز الجرح…لكنه علم التاريخ مسألة مهمة وهي أن قطرة الدم العربية..أغلى من كل بحور النفط…واغلى من العلاقات مع أوروبا ومن الحسابات، ومن الذي يدور تحت الطاولة ومن الذي يدور فوقها..

انتبهوا للكويت، لهذا الوطن الصغير جدا على الخارطة…صحيح أنه صغير بالجغرافيا والبحر يحاصره والصحراء: مثل غطاء عباءة استقرت على كتفيه..لكن هذا الوطن الصغير الجميل الحنون الطيب….اختصر الضمير العربي كله بمواقفه، وعبر عنا كلنا…وكان الكويتي وحدة القياس في النبل والأخلاق والضمير القومي..

حمى الله الكويت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى