لا بد من هدف واضح للفلسطينيين
بقلم: د. حامد الحمود

النشرة الدولية –

بعد سنوات من إهمال لتطلعات الفلسطينيين، ونسيان لحل الدولتين، وازدياد في معدل الاستيطان الصهيوني في الضفة الغربية، ومنع لفلسطينيي القدس من المشاركة في الانتخابات الفلسطينية وتأجيل للانتخابات وبعد سلب حقوق المواطنة الكاملة للعرب الإسرائيليين، وذلك بعد إصدار الكنيست الإسرائيلي تشريعا يعتبر إسرائيل دولة لليهود في يوليو 2018، جاء قرار المحكمة الإسرائيلية السالب لمواطني الشيخ جراح من بيوتهم مفجرا غضبا لم تتوقعه دوائر قرار حكومة نتانياهو. وكانت مشاهد قوات الشرطة الإسرائيلية تطارد المصلين داخل المسجد الأقصى القشة التي قصمت ظهر البعير، مولدة غضبا امتد من القدس إلى الضفة وإلى الداخل العربي الإسرائيلي.

فكان أن ولد هذا الغضب تظاهرات ليست في نابلس وطولكرم وباقي أنحاء الضفة، وإنما امتدت إلى مدن الداخل العربي الإسرائيلي مثل عكا وحيفا ويافا واللد. وأسعدني كثيرا أن أعرف أن مدينة اللد التي طرد لواء إسرائيلي معظم سكانها في يوليو 1948 وقتل أكثر من مئة منهم، ولم يترك منهم إلا ألفا، ارتفع عدد سكانها من العرب إلى ثلث سكان المدينة البالغ 70 ألفا. وقد تضمن كتاب أري شافيت «وطني الموعود» فصلا كاملا يصور معاناة أهل اللد، الذين طردوا مع أنهم لم يشاركوا في قتال، لذا كان أن اعتبر اللد الصندوق الأسود للصهيونية.

وروى أحد الضباط الصهاينة الذين قابلهم شافيت أنه في 11 يوليو 1948 دخلت قافلة عسكرية مكونة من لواء، مدينة اللد مطلقة النار على كل المارة. وخلال 47 دقيقة قتل أكثر من مئة من أهالي المدينة، بعدها طلب من الأهالي التجمع، ومن ثم تم توجيه قاذفة مضادة للدبابات إلى المسجد الكبير مما تسبب في قتل جميع الذين لجأوا إليه، وبعد ذلك طلب من ثمانية من الفلسطينيين حفر حفرة لدفن الضحايا. وبعد إتمام عملية الحفر أطلق الرصاص على هؤلاء الثمانية ليدفنوا مع البقية.

وعلى المستوى العربي، وعلى أبواب العيد، وجد العرب أنفسهم أمام انتفاضة فلسطينية جديدة، تعيد تقرير موقع القضية الفلسطينية في الضمير العربي، بعد سنوات الإهمال وبعد سنة من فرض خطة سلام فوقية، قام بهندستها جاريد كوشنر – صهر الرئيس ترامب وجد الرأي العام العربي بإطلاق الصواريخ من غزة على إسرائيل تعبيرا عن رفض لخطط وسياسات دولية لا تأخذ بعين الاعتبار الحقوق الوطنية للفلسطينيين. والكثير يرى أن إطلاق هذه الصواريخ هو الرد الأمثل على التعنت الصهيوني. هذا ومع عدم تناسب قوة القصف الإسرائيلي مع تأثير صواريخ حماس، إلا أن الرأي العام العربي يرى أن معاناة أهل غزة كانت موجودة قبل هذه الحرب الأخيرة. هذا مع أننا لا نستطيع أن نعتبر أن هذا الرأي يعكس الرأي الحقيقي لأهل غزة، أو أنه يعكس رأي ومشاعر أهل الشهداء. وعندما أشاهد أن أضرار صواريخ حماس على عسقلان وأشدود وتل أبيب تنظف بالمكانس، بينما أشاهد جثث الأطفال والنساء والرجال من الفلسطينيين ترفع من تحت أطنان من الكونكريت، أتساءل إن كان دم الفلسطينيين أرخص من دم اليهود؟

ولكن يبقى أن ما حدث في الأيام الأخيرة في القدس والضفة وفلسطين 1948، يعتبر ثورة تمسح إهمال سنوات أضرت بالقضية. لكن القضية لابد أن يكون لها هدف واضح يحدد مطالب الفلسطينيين بشكل واضح وعقلاني. أن يحدد بتأسيس دولة فلسطينية مجاورة لإسرائيل أو أن يحدد بإنشاء وطن واحد يضم العرب واليهود.

ولحسن الحظ، فقد أظهرت الأحداث الأخيرة تحولا نوعيا في رؤية الإدارة الأميركية للصراع العربي الإسرائيلي. فهناك إصرار من إدارة بايدن على المضي بحل الدولتين الذي أهمله ترامب. وقد صرح أنتوني بلينكن – وزير الخارجية الأميركي – مؤخرا من كوبنهاغن قائلا: «نحن نعمل بجدية وبهدوء لإنهاء هذا النزاع الذي يؤدي في النهاية إلى تأسيس دولة فلسطينية تعيش بسلام مع إسرائيل». كما أظهرت الأحداث الأخيرة تحولا ملحوظا في رؤية أعضاء الحزب الديموقراطي للقضية الفلسطينية شملت الأعضاء اليهود الشباب في الحزب، أمثال جون أوسوف من ولاية جورجيا. كما أظهرت الأحداث تحولا ملحوظا على الرأي العام اليهودي في أميركا. فقد أعلنت الحاخامة شارون بروس: «إن ما نريده هو أن نرى الفلسطينيين واليهود يعيشون بمساواة وكرامة مع بعضهما البعض».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى