ما العمل بعد أن «تصمت المدافع»؟
بقلم: عريب الرنتاوي
النشرة الدولية –
ثمة مؤشرات موحيه بقرب انتهاء الجانب العسكري من المواجهة الفلسطينية – الإسرائيلية، وقد لا يرى هذا المقال النور، إلا و»التهدئة» قد أعلنت، في كل الأحوال، المسافة باتت تقاس بالساعات والأيام القليلة، فإسرائيل وحماتها ورعاتها، لم يعودوا قادرين على مواصلة هذا المسلسل الإجرامي، أقله في جولته الراهنة، سيما بعد أن أفرغت وزارة الحرب الإسرائيلية «بنك أهدافها»، ولم يعد لديها سوى القتل والتدمير، والمزيد من منهما، لإعادة ترميم صورتها الردعية التي أصيبت بشرخ عميق.
لا نعرف كيف سيكون شكل ومضمون الاتفاق الجديد حول التهدئة، وهل سيقتصر على الفاعليات العسكرية على ضفتي المعادلة بين إسرائيل والقطاع، هل سيقتصر على القطاع المحاصر، هل سيشمل القدس ولو بإشارات عمومية، هل سيطاول مسألة الحصار والمعابر وحال غزة الإنساني المؤلم؟…لا ندري عن أيٍ من هذه التفاصيل أو غيرها.
كما أننا لا ندري كيف ستكون علاقة السلطة و»الممثل الوحيد» بهذا الاتفاق، طالما أنها خارج دائرة الاتصالات الأكثر جدية، للتهدئة، من سيبرم الاتفاق، وهل سيكون خطياً أم شفهياً، وهل سيقبل طرفا الاتفاق بوضع تواقيعهما عليه، أحدهما إلى جانب الآخر، وهو أمرٌ مستبعد على أية حال، ومن الطرفين على حد سواء، بالأرجح أننا سنكون «تفاهمات» شفهية، برعاية إقليمية – دولية، طالما أن التفاوض تم بطرق غير مباشرة، وعبر وسطاء، ولم يكن هنا اتصال مباشر بين حماس وإسرائيل، وليس هناك اعتراف متبادل في الأصل.
أياً تكن هذه التفاصيل، التي ستتكشف الكثير من المعلومات والمعطيات حولها، قريباً، وبعضها ربما سيظل «طي الكتمان» لفترة من الوقت…لكن طوفان الأسئلة الذي سيعقب ليلة «صمت المدافع»، بحاجة إلى إجابات واضحة وتوافقية تشمل «الكل الفلسطيني»:
من سيعيد إعمار ما خربته حرب إسرائيل على غزة، ومن سيعوّض عن العائلات المنكوبة والثكلى؟…هذه ليست مسؤولية الضحايا «قلع شوكك بإيدك»، وهي ليست مسؤولية حماس وحدها، حتى وإن كانت صاحبة قرار الحرب والسلم…هذه مسؤولية وطنية فلسطينية، مسؤولية قومية، ومسؤولية إنسانية بامتياز.
ماذا عن الشعب المنتفض في مناطق الاحتلالين الأول والثاني؟…سؤال ربما يكون الأكثر أهمية، هل تهدأ غضبة الضفة والقدس والمناطق المحتلة عام 1948، أم أن الحاجة تقتضي وضع برنامج انتفاضي للمرحلة المقبل، تشترك في صياغته كافة القوى الفلسطينية، في كافة أماكن الانتشار والشتات وعلى عموم الأرض الفلسطينية…غزة دفعت القسط الأوفر من الثمن في انتفاضة القدس وسيفها، ولا ينبغي لتضحياتها وتضحيات بقية الفلسطينيين، أن تذهب هباء.
ماذا عن الاستحقاقات الفلسطينية الداخلية، وأهمها الانتخابات العامة؟…هل ستبقى السلطة على عنتها ورفضها إجراء الانتخابات، هل زادت مخاوفها من إجرائها بعد أن تكشف أداؤها عارياً في المواجهة الأخيرة؟ هل يجوز إبقاء حق النقض «الفيتو» على إجراء الانتخابات بيد طرف واحد؟…هذا الوضع بحاجة لنقاش وحوار عميقيين، فلا يجوز أن تبقى حالة «اللاشرعية» سمةً لمؤسسات المنظمة والسلطة.
هل يمكن التفكير، بإعادة ترتيب حلقات مسلسل الانتخابات، كأن نتحدث عن إعطاء الأولوية لمنظمة التحرير ومجلسها الوطني، بعد أن تبين تهافت السلطة وتواضع أدوارها، بل واضطلاعها بأدوار لا تصب في خدمة الصالح الفلسطيني العام…وفي حال الفشل في فرض استحقاق الانتخابات، أو إعادة بعث وإحياء المنظمة، ما الذي يتعين على بقية القوى الراغبة في إنجاز الأمرين معاً، أن تفعله؟…هل ستظل تنتظر حتى تبلور إرادة من لا يبدو مكترثاً، لا بتجديد الشرعية ولا «تشبيب» الحركة ولا بتصعيد المقاومة حتى بأشكالها الشعبية السلمية، هذا الوضع، يمكن أن يقود بمرور الزمن، إلى بقاء القديم على قدمه، وتلكم أسوأ نتيجة للمعركة البطولية التي خاضها شعب فلسطين.