نصير يقدم كتاب “العشائر والولاء السياسي في الأردن” صورة موثقة عنها والولاء
النشرة الدولية –
يقدم عماد نصير في كتابه “العشائر والولاء السياسي في الأردن” صورة موثقة لموقف العشائر من الإمارة الناشئة في شرق الأردن في العام 1921، ويتتبع ولاءها السياسي خلال ربع قرن تلا تأسيس الإمارة حتى استقلالها عن بريطانيا في العام 1946.
ويُطلق الكتاب بالتزامن مع الذكرى المئوية الأولى للدولة الأردنية؛ إذ تأسست إمارة شرق الأردن في الحادي عشر من أبريل/نيسان عام 1921 قبل أن تتحول إلى المملكة الأردنية الهاشمية بعد استقلالها عن بريطانيا في العام 1946. ويحرص العمل بمجمله على تقديم صورة واضحة ودقيقة لمجمل الأوضاع السـياسـية في شـرقي الأردن منذ قدوم الأمير عبدالله، ويبيِّن موقف العشائر منه، وكيف تعامل الأمير مع هذه العشائر، ثم علاقة بريطانيا بالأمير والإمارة وموقف العشائر من بريطانيا والحركة الصهيونية. ثم العلاقة بين فرنسا وبريطانيا في ما يختص بالجانب المتعلق بالحكم الفيصلي في سوريا وعلاقته بالأمير عبدالله الذي كان يدعو لعدم تجزئة سوريا.
ويأتي الكتاب الصادر عن “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن في 234 صفحة من القطع الكبير، وفيه يعتمد المؤلف على عدد كبير من المصادر والمراجع المكتوبة باللغة العربية واللغات الأجنبية. ويشير في مقدمته إلى أنه مهَّد لموضوعه بتناول تاريخ الإمارة وأوضاعها خلال العهد العثماني، ثم حلل التغيرات التي حدثت بعد التأسيس في حياة العشائر الأردنية، وكيف تطور الوعي السـياسـي لديها، مبرزًا دوافع كل موقف اتخذه البدو من تأسـيس الإمارة أو الانتداب والحركة الصهيونية، والثورات الفلسطينية والسورية.
ويهدف المؤلف من خلال عمله إلى معرفة ما أحدثته العشائر في السـياسة الأردنية من تأثير، ومدى الوعي السياسي، وتقييم مدى الانسجام بين موقف العشائر وموقف الحكومة الأردنية من القضايا المحلية والعربية، ثم تحليل الأساليب المتبادلة في التعامل بين الطرفين عبر استيعاب كل منهما للآخر، والطرق التي اتبعتها العشائر، خاصة المعارضة منها، لإيصال مطالبها للحكومة.
ويتألف الكتاب في أربعة فصول وخاتمة، يتناول الفصل الأول التاريخ الإداري والسـياسـي لمنطقة شـرقي الأردن في الفترة 1864- 1921 من ناحية التقسـيمات الإدارية العثمانية والزعامات المحلية، والأوضاع السـياسـية أثناء الحرب العالمية الأولى، ثم الأوضاع السائدة في شـرقي الأردن في عهد الحكم الفيصلي في الفترة 1918- 1920.
ويتناول الفصل الثاني مواقف العشائر منذ قدوم الأمير عبدالله إلى معان وتأسـيس إمارة شـرق الأردن، وموقف العشائر من هذه السلطة الناشئة.
ويتناول الفصل الثالث دور العشائر في الحياة السـياسـية في الأردن في عهد الإمارة في الفترة 1921- 1946، وموقفها من الأحزاب السـياسـية التي تشكلت خلال هذه الفترة، ثم المؤتمرات الوطنية من الأول حتى الخامس، والتنظيمات السـياسـية الأخرى التي تشكلت خلال الفترة نفسها.
أما الفصل الرابع، فيتحدث عن مواقف العشائر الأردنية من القضـية الفلسطينية، ويبرز خلاله الموقف الشعبي مقرونًا بالموقف الرسمي، ويوضح موقف العشائر من الوجود اليهودي في فلسطين، واللجان الأنجلو أميركية التي أرادت تهدئة للعرب، مع بيان ما إذا كان الموقفان الرسمي والشعبي متفقين أم لا.
ويخلص نصير في خاتمة بحثه إلى أن منطقة شرق الأردن عانت قبل تأسيس الإمارة من عدم الاستقرار السـياسـي والاقتصادي والاجتماعي، بسبب الممارسات العثمانية التي أهملت المنطقة، وفرضت عليها عزلة جعلتها – أسوة بباقي الولايات العربية – في حالة من التخلف والضعف الشديدين.
ويشير إلى أن المعارضة الأردنية انتهجت منهج النضال السـياسـي في التعبير عن رفضها للانتداب البريطاني ولسـياسة الحكومات. ولجأت المعارضة داخل الإمارة إلى تشكيل الأحزاب، فأثبتت حسًّا وطنيًّا وسـياسـيًّا عاليًا مكنها من التخفيف من حدة النزعة العصبية، وساعد في دمج البدو في مؤسسات الدولة الناشئة.
وبالمحصلة شكل الوعي السـياسـي والفكري عند البدو العامل الرئيس في نقلهم من دائرة الوعي القبلي المغلقة إلى دائرة أخرى أكثر انفتاحًا تمثلت بالمجتمع المدني ومؤسساته الاجتماعية والثقافية، ونجحوا مع الأمير عبدالله بن الحسـين في وضع القواعد الأساسـية لإنشاء الدولة الأردنية الحديثة. وبالرغم من الخلافات التي كانت تطفو على السطح بعد ترسـيخ قواعد الدولة – بين المواقف الشعبية والرسمية – فأن هذه الخلافات لم تصل إلى حد التصادم بين النظام والشعب بشكل مباشـر، فقد كانت سبل التعبير عن الرأي متوفرة، ومارست العشائر دورها بشكل فعال تجاه بعض القضايا، خاصة القضـية الفلسطينية والثورة السورية.
يُذكر أن عماد نصير إعلامي أردني يعمل مذيعًا في التلفزيون الأردني، وسبق له أن أعدَّ وقدَّم مجموعة من البرامج الثقافية والإخبارية، من بينها برنامج “شارع الثقافة” بين العامين 2011 و2016. وهو حاصل على شهادة الماجستير في التاريخ الحديث والمعاصر من الجامعة اللبنانية، وهذا الإصدار هو الأول له.