«حماس» لم تُهزم وإسرائيل لم تنتصر!
بقلم: حمزة عليان

النشرة الدولية –

ثلاث حروب وقعت بين حماس وإسرائيل قبل حرب الـ11 يوماً الأخيرة، الأولى عام 2008 والثانية عام 2012 والثالثة عام 2014 فماذا نتج عنها؟

“حماس” لم تنهزم ولم تتوقف، وفي ميزان القوى العسكرية إسرائيل تملك قوة رادعة غير وارد المقارنة مع قوة حماس والجهاد معاً! حروب متنقلة خاضتها إسرائيل بهدف القضاء على “إرهاب حماس” والصواريخ التي تمتلكها، لكن هذه الحركة ومعها القطاع كانت تخرج من كل جولة أكثر قوة وتماسكاً!

ماذا يريد الفلسطينيون إذاً؟

بعد الاعتراف الرسمي من منظمة التحرير بدولة إسرائيل، وبحدود الرابع من يونيو 1967 على أن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة المرتقبة، وتوقيع اتفاقية أوسلو عام 1993 التي انتهت بإقامة “دولة من ورق” على الأرض، انفصلت “غزة” عن “الضفة” عام 2007 وبات هناك فريقان يتنازعان على السلطة والتمثيل، فريق يجنح إلى السلم وآخر يرفع راية المقاومة المسلحة وبسقف عال من شروط القبول بالاعتراف.

الفلسطينيون ليسوا بأفضل حال من العرب الذين أعلنوا قبولهم “بالسلام” في قمة بيروت العربية عام 2002، ثم خرج منهم من يعلن التطبيع والسعي ليعم “السلام” المنطقة بأكملها!

خيار القبول بإسرائيل كدولة تعيش جنباً إلى جنب في المحيط العربي، أصبح مقبولاً عند غالبية الدول والشعوب العربية.. وهذا ما استقوت به تل أبيب على الفلسطينيين واعتبرته “إنجازاً تاريخيا” غير مسبوق منذ إنشاء الكيان عام 1948.

جزء من الشعب الفلسطيني وقيادته الممثلة “بالسلطة الوطنية” أذعن للأمر الواقع، رمى البندقية جانباً، ورفع راية “التعايش” أملاً في الحصول على شيء من الحقوق، ودخل في شراكات كاملة مع إسرائيل، أمنياً واقتصادياً لعله في ذلك يحافظ على وجوده وما تبقى منه ويحمي “شعبه” القابع تحت الاحتلال.

الجزء الآخر من الشعب الفلسطيني رفض هذا النهج وقرر المضي بحمل السلاح والمقاومة العسكرية مهما كانت الخسائر والتضحيات والحروب المتواصلة وراح يعقد التحالفات مع دول إقليمية لمده بالمال والسلاح والصواريخ!

وها هو اليوم يعلن “انتصاره” على حملة “حارس الأسواق” العسكرية التي قادها نتنياهو.. وجوبه “بسيف الأقصى” الذي “سرق” وهج انتفاضة المقدسيين وخطفها بحرب الصواريخ والأنفاق كما رآها بعض السياسيين والإعلاميين العرب.

الصراع الفلسطيني– الإسرائيلي تعدى حسابات الربح والخسارة، فالحروب لها كلفة مالية وضحايا بشرية، وهذا أمر بدهي كما يقول خبراء الاستراتيجيا، إنما السؤال هو: هل حقق شيئاً من الأهداف والطموحات الوطنية واستعاد جزء من الأرض؟

ميزان القوى العسكري والسياسي على المستوى الفلسطيني والعربي والدولي ليس في مصلحة أصحاب القضية، والكثير من الدارسين يقولون إن العرب والفلسطينيين هم السبب فيما وصلوا إليه، لأنهم لم يحسنوا إدارة المعركة، ولم يمتلكوا الرؤية ولا القرار الصائب، ولم يعرفوا متى يتنازلون وكيف يواجهون. كانوا على الدوام من “قبيلة الرفض واللاءات” ورمي إسرائيل في البحر!

منذ تسعينيات القرن الماضي، تغيَر مستوى الصراع والمواجهة فثلاثة أرباع العرب وقعوا اتفاقيات “التطبيع والسلام” والممثلون الشرعيون للفلسطينيين ذهبوا نحو “التعايش السلمي”، وفي المحصلة سكتت المدافع وعلت أصوات المنادين بالسلام مع إسرائيل.

خيار السلم من العرب والفلسطينيين اصطدم بالجدار الإسرائيلي الذي لم يتقدم بوصلة واحدة باتجاه إعطاء أصحاب الأرض شيئاً من حقوقهم، فلا حل الدولتين رأى النور ولا الدخول “كمواطنين” في دولة إسرائيل قابل للتطبيق، لأن “يهودية الدولة” يعلو فوق أي اعتبار وصولاً إلى القدس الشرقية، التي يزحف إليها المستوطنون ويقضمونها على مراحل للاستيلاء على المدينة بأكملها وجعلها “عاصمة موحدة” لهم!

أقصى نقطة وصل إليها الإسرائيلي اليوم هي القبول “بكانتون فلسطيني” منزوع السلاح يقبع تحت سيادة وعلم الدولة اليهودية.. ومزروع بالمستوطنات وغير قابل للحياة!! فهل هذا يكفي لطي صفحات الحروب والمآسي والتشريد وبالتالي العيش بسلام ورخاء؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى