القادة ووسائل التواصل الاجتماعي
بقلم: فاطمة العازمي
النشرة الدولية
تشهد قوة مواقع التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة حراكا كبيرا، فقد اتجه العديد من قادة العالم للإعلام الاجتماعي ممثلا بوسائل التواصل الاجتماعي من تويتر وفيسبوك وانستغرام وغيرها.
وهو شكل من أشكال التقارب مع الشعوب والتواصل الدائم بطريقة سهلة وبسيطة عبر رسائل قصيرة ومفهومة تتخطى كل الحواجر لتصل للشعوب بكل يسر.
ويدرك قادة العالم أن هذا السلوك الاتصالي باستخدام الإعلام الاجتماعي وسيطا اتصاليا فعالا يلبي حاجة الجيل الجديد من الشباب وصغار السن على وجه الخصوص ممن يفضلون الرسائل القصيرة على الخطابات الطويلة ذات التفاصيل الكثيرة، مما يسهل عليهم التفاعل معها عبر التعليقات أو الردود.
وتحتوي هذه الرسائل على العديد من المواضيع المهمة التي تشد انتباههم واهتمامهم في كل الأوقات، سلما أو حربا وفي الأزمات المختلفة.
لن نتطرق هنا عن استخدام الإعلام الاجتماعي بما يعرف بـ «الربيع العربي» أو قلب الأنظمة رأسا على عقب أو بث روح الكراهية والإرهاب، بل سنتحدث عن دور هذه الوسائل واستخدامها من قبل العديد من قادة العالم بغرض التقارب مع شعوبهم.
ولعل الكثير منا يتذكرون تماما الرئيس الأميركي السابق (رونالد ترامب) واستخدامه الكبير جدا لتويتر، مما جعله يتمكن من الوصول للملايين من شعبه وربما المليارات من شعوب العالم، وجعل منه أيقونة قد تكون سلبية أحيانا وإيجابية أحيانا أخرى وأصبح يتربع على عرش الشهرة والإثارة وأحيانا الفكاهة، فقد هزت تغريداته العالم سياسيا واجتماعيا وأثرت على أسواق المال العالمية.
وسبقة «باراك أوباما» الملقب بـ «رئيس التواصل الاجتماعي» مبينا ذلك التأثير القوي لوسائل التواصل الاجتماعي.
أصبح تويتر في وطننا العربي على علاقة وثيقة بالقيادة السياسية، واستخدم العديد من القادة والزعماء هذه المنصات للتواصل مع الشعوب، كالملك عبدالله بن الحسين وعقيلته الملكة رانيا العبدالله الملقبة بـ «ملكة الإعلام الاجتماعي» والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وغيرهم.
واستدرك قادة دول مجلس التعاون الخليجي الدور الفائق الذي يؤديه الإعلام الاجتماعي ونفوذه القوي فأنشأوا حساباتهم بمنصات التواصل الاجتماعي وأبرزها تويتر لتكون أداة تواصل وتقارب مع شعوبهم والحصول على تأييدهم في العديد من القضايا التي يطرحونها، فهذه المنصات هي المصانع الجديدة للرأي العام وتوجيهه وورش لصناعته، على الرغم من عدم انتظام البعض باستخدام هذه المنصات.
ويأتي اهتمام قادة دول مجلس التعاون دلالة على العلاقة الوطيدة التي تربط الحاكم بالمحكوم منذ الأزل.
فقد دشن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي حسابه على تويتر في عام 2009 ليصبح أول حاكم في الشرق الأوسط يمتلك منصة إعلامية تستقي منها وكالات الأنباء العالمية أخبارها برصيد متابعين أكثر من عشرة ملايين، ويأتي بعده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي انضم إلى تويتر عام 2013 ويعتبر من أكثر القادة تفاعلا برصيد متابعين يبلغ عشرة ملايين تقريبا. كما يحظى أمير قطر سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بقاعدة كبيرة من المتابعين، إضافة إلى باقي قادة دول مجلس التعاون الخليجي كمملكة البحرين والكويت وسلطنة عُمان التي تدار حساباتهم بواسطة وكالات الأنباء الرسمية أو مركز التواصل الحكومي أو مختصين في هذا المجال.
إن صناعة الإعلام لم تتوقف عند وسائل الإعلام التقليدية، بل تجاوزتها وبقوة لوسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت سلطة بحد ذاتها وقوة تأثيرية في صنع القرار.
فهل نجح استخدام الإعلام الاجتماعي بقلب موازين العلاقة بين الحاكم والمحكوم؟