صانعو السياسة الروس يعوقون الحد من التسلح!
بقلم: لوس أنجلس تايمز
النشرة الدولية –
تواجه الولايات المتحدة مشكلة كبرى على مستوى إطلاق النار الجماعي، لكنها ليست الدولة الوحيدة التي تجد صعوبة في تجنّب هذه الحوادث، فقد شهدت روسيا منذ أيام واحدة من أخطر حوادث إطلاق النار في آخر ثلاث سنوات، وأعلنت السلطات أن رجلاً مسلحاً عمره 19 عاماً فتح النار في إحدى مدارس مدينة “كازان” الواقعة على بُعد 450 ميلاً شرق موسكو، مما أسفر عن مقتل تسعة أشخاص، منهم سبعة طلاب في الصف الثامن، وإصابة أكثر من عشرين آخرين.
بعد حادثة إطلاق النار، أَمَر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحرس الوطني بتشديد قوانين التسلح وطالب تحديداً بزيادة الضوابط على أنواع الأسلحة التي يستطيع المدنيون استعمالها، كذلك، أوضح المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أن الروس يشترون بنادق هجومية ويسجلونها كبنادق صيد، لكنه تصرف غير مناسب برأيه ويُفترض أن يتغير.
ورداً على المأساة الأخيرة، اقترح مسؤولون حكوميون ونواب في البرلمان رفع الحد الأدنى للعمر الذي يسمح بشراء الأسلحة إلى 21 عاماً ومنع المدانين بتُهَم جنائية متعددة من الوصول إلى الأسلحة.
قد توحي هذه المواقف بأن المشرّعين سيبذلون قصارى جهدهم الآن لإصلاح قوانين التسلح، لكن حصلت النقاشات نفسها عام 2018، بعدما قتل الشاب فلاديسلاف روسلياكوف البالغ من العمر 18 عاماً 20 شخصاً في إحدى جامعات شبه جزيرة القرم مستعملاً نوع المسدس الذي استخدمه إيلناز غاليايفيف، منفذ الهجوم الأخير. لم تتغير سياسات اقتناء الأسلحة منذ ذلك الحين، فقد رُفِضت جميع القوانين التي تهدف إلى تشديد قواعد التسلح.
في الولايات المتحدة، اقترح المشرّعون حوالي ألفَي قانون للحد من التسلح سنوياً، لكن معظمها فشل ولم تحصل أي تغيرات بارزة حتى الآن، فقد قُتِل أكثر من 500 شخص خلال حوادث إطلاق النار الجماعي في السنة الماضية في الولايات المتحدة، وسُجّل خلال هذه السنة أكثر من 200 حادث مماثل (حيث قُتل أو جُرِح أربعة أشخاص على الأقل باستثناء مطلق النار)، وبعد كل حادثة إطلاق نار، يرتفع الطلب على الأسلحة، ولهذا السبب، لا شيء يدعو إلى التفاؤل حول تحسّن الوضع من تلقاء نفسه، وبدل تأجيل عملية تنظيم التسلح إلى الأبد، يجب أن تستخلص الحكومات المترددة الدروس من الدول التي اعترفت بأن التعديلات الجذرية هي الطريقة الوحيدة لوقف حوادث إطلاق النار الجماعي.
يمكن اعتبار نيوزيلندا نموذجاً يُحتذى به في هذا المجال، فقد منع البرلمان في هذا البلد الأسلحة الآلية وشبه الآلية التي تحمل طابعاً عسكرياً في العام 2019 بعدما أقدم رجل مسلّح اسمه برينتون تارانت على قتل أكثر من 50 مصلياً في مسجدَين في “كرايستشيرش”، كذلك، أطلقت السلطات برنامجاً لإعادة الشراء كي يتمكن أصحاب الأسلحة من إرجاعها وتلقي التعويضات، وجمعت الحكومة حوالي 60 ألف سلاح، وبما أن الدولة استرجعت ثلث أسلحة السكان فقط، انقسمت آراء الخبراء حول نجاح هذا التدبير، وسمعت السلطات هذه التعليقات وأطلقت برنامجاً مشابهاً هذه السنة امتد بين فبراير ومايو، ولم يتم الكشف عن نتائجه بعد، لكن لم تصدر حتى الآن أي تقارير من نيوزيلندا حول وقوع حوادث إطلاق نار جديدة.
لم تُحقق برامج إعادة شراء الأسلحة نجاحاً كبيراً وحدها، لكن تكشف الأبحاث أنها قد تكون خطوة فاعلة في إطار مبادرة أوسع للحد من التسلح، وإذا فرضت روسيا أو الولايات المتحدة هذا النوع من الحظر وطبّقت برامج مماثلة، فقد تتأثر ملايين الأسلحة (يملك الروس 7 ملايين سلاح والأميركيون حوالي 390 مليون سلاح). لن تُحقق الدول إنجازاً كبيراً من حيث سرعة التجاوب مع هذا الملف بقدر نيوزيلندا (احتاج البرلمان هناك إلى 26 يوماً فقط لتمرير قانون حظر الأسلحة) لأن النقاشات المرتبطة بالحد من التسلح تدوم سنوات، لكن الأوان لا يفوت مطلقاً على محاولة إنهاء المجازر المسلحة، ولا داعي لانتظار وقوع مأساة أخرى من هذا النوع!