“صلاحيات مجلس النواب الأردني في إصدار العقوبات بحق أعضائه”
بقلم: د. دانيلا القرعان
النشرة الدولية –
شهدنا في الآونة الأخيرة جهلا كبيرا في فهم نصوص النظام الداخلي لمجلس النواب، مما ينعكس سلبا على أداء السلطة التشريعية وعلى سن التشريعات والقوانين وإصدار العقوبات بحق أعضاءه، فوظيفة مجلس النواب تشريعية في المقام الأول. أما بخصوص الأعمال الأخرى التي تصدر عن البرلمان والتي تسمى «بالأعمال البرلمانية» فهي تعتبر معيارا شكليا كالقوانين أعمالاً تشريعية لا يختص القضاء الإداري بالطعن فيها، وهي تنقسم إلى القرارات التي تتعلق بالتنظيم الداخلي للبرلمان مثل القرار الصادر بوضع النظام الداخلي لمجلس النواب والقرارات الصادرة بتشكيل لجان المجلس المختلفة، أو لإسقاط عضوية أحد النواب عن خطأ مسلكي، أو القرار الصادر عن البرلمان برفع الحصانة البرلمانية عن أحد النواب، بمعنى أن مثل هذه القرارات لا تقبل الطعن أمام القضاء الإداري بالإلغاء أو التعويض»..
«الصلاحيات الممنوحة لمجلس النواب بحق أعضاءه فيما يتعلق بإصدار العقوبات « تجميد العضوية « عند مخالفة نصوص النظام الداخلي للمجلس»، النائب الذي أصدر بحقه قرار تجميد عضويته يبقى محتفظا بمقعده النيابي، فهذا النائب لا يفقد مقعده وإنما يحرم من حضور الجلسات داخل المجلس واستمرارية عمله النيابي، وبتالي ستتوقف مخصصاته المالية، ولا يستطيع النائب المخالف أن يتمسك بالدفوع المتعلقة بالحصانة النيابية عند مواجهة أي عقوبة جزائية تتخذ بحقه.
نطرح السؤال الآتي: هل صلاحية المجلس بإصدار عقوبة تجميد العضوية دستورية بطبيعة الحال «مخالفة أو متفقة» مع أحكام الدستور؟ قرار التجميد الذي حصل مؤخرا جعل الكثير يتساءل حول دستورية هذا الإجراء بإنه مخالف للدستور وتحديدا نص المادة ( 90)/ دستور والتي تنحصر فقط بفصل النائب ولم يتم ذكر تجميد العضوية في نص هذه المادة، والرأي الآخر وهو الأصوب أن قرار التجميد لا يعد مخالفة لإحكام الدستور؛ لأنها عبارة عن عقوبة برلمانية صريحة وردت في نص المادة ( 160) من النظام الداخلي لمجلس النواب والتي تنص على أنه؛ «مع مراعاة المادة (٩٠) من الدستور يحق للمجلس تجميد عضوية كل من يسيء بالقول أو الفعل أو يحمل السلاح تحت القبة أو في أروقة المجلس بالمدة التي يراها مناسبة…». أما عن موقف القضاء الإداري الأردني فقد درج على أن أعمال السلطة التشريعية كقرار فصل النائب أو تجميد عضويته تخرج عن اختصاص القضاء فالمجلس سيد قراره وقد ردّت المحكمة الادارية دعوى اقامها النائبان السابقان محمد الرياطي وعلي السنيد ضد رئيس مجلس النواب السابق عاطف الطراونة والمكتب التنفيذي لمجلس النواب السابق وبينت المحكمة في حكمها الصادر برئاسة رئيس المحكمة القاضي جهاد العتيبي ان القضاء لا يتدخل بالأعمال البرلمانية وفقاً لمبدأ الفصل بين السلطات، مشيراً أن الاعمال التي تدخل في صلب عمل مجلس النواب (الأعمال البرلمانية) لا يقبل الطعن بها امام المحكمة الادارية. كما أكدت محكمة العدل العليا على أن: «رقابة القضاء رقابة مشروعية فحسب ولا يجوز ان تنصب رقابته على أعمال السلطة التشريعية» حكم لمحكمة العدل العليا رقم ١٩٩٥/٢٩٨.
نطرح السؤال الآتي: لماذا حول مجلس النواب قرار تجميد العضوية الى لجنة قانونية وليس لجنة السلوك؟ لأن وفق التعديلات الأخيرة للنظام الداخلي لمجلس النواب تم إلغاء لجنة السلوك والاستعانة عنها باللجنة القانونية حيث أن جميع صلاحيات لجنة السلوك سابقا أصبحت مناطة باللجنة القانونية، وصلاحيات اللجنة القانونية تتمثل ب دراسة القوانين والاقتراحات التي تتعلق بالدستور، ودراسة نظام للمجلس واقتراحات تعديله، حصانة النواب، مساعدة لجان المجلس في صياغة النصوص التشريعية والنظر في الشكاوى التي تقدم من النواب ضد أي جهة، النظر في أي تصرف يسئ إلى سمعة المجلس وهيبته وأعضائه سواء أكان تحت القبة أم خارجها.
المسار القانوني واضح المعالم في النظام الداخلي الذي صدر عن المجلس حيث نصت المادة (١٧٣/أ). على انه: «لا يجوز تعديل أحكام هذا النظام إلا بناء على اقــتراح خطي موقع من عشرة نواب على الأقل»، يتم تقديم اقتراح بتعديل المادة (١٦٠) بالمدة التي يراها مناسبًة، وبالنظر لجسامة كل فعل على حدة بعد الاستئناس برأي اللجنة القانونية، والاستعاضة عنها بنص يتفق مع الدستور وينسجم مع أسس الديمقراطيات الحديثة على أن يسري النص من تاريخ بدء عمل المجلس الحالي.