ادي بندلي: مكاني المفضل هو اعتلاء المسارح و تقديم هذا النمط من الفن الذي يحمل بصمة
النشرة الدولية – حاوره طلال السُكّر –
عائلة بندلي، مِنْ منّا لم يسمع بهذا الأسم؟
هي عائلة فنية عريقة لها صولات وجولات، كثيراً ما كُنّا نُطرب لسماعها بمختلف الأغاني الطربية التراثية.
يُعرف عنها من تاريخها العريق، و القصص المتداولة عنها ان انطلاقتها الحقيقية كانت في سبعينيات القرن الماضي بأحد أحياء مدينة طرابلس اللبنانيه، و ذلك عندما تقدّم الجيران بشكوى لمخفر الشرطة، جراء الإزعاج وقلة النوم بسبب الموسيقى الصادره من احد البيوت على مدار الإيام، حضرت دورية من الشرطة لعمل محضر ازعاج واقلاق راحة، في البداية قامت العائلة المشتكى عليها بواجب الضيافة للشرطة وبعد ذلك اسمعوهم شيئا من عزفهم وغنائهم، استمتع الضيوف وانبهروا بما استمعوا اليه من فن وغناء، وبينما كان الضابط المسؤول يهم بمغادرة المنزل بعد وصلة طرب ممتعه ، خاطب العائلة قائلاً: «خليكن عم بتدقوا وتغنوا ولا يهمكن حدا».
هذه الحادثة كانت مؤشرً لانطلاق «عائلة بندلي» في طريق الفن، عائلة فنية من اخوة واخوات جمعهم الحب والغناء، وكون الخلافات الفنية ابعد ما تكون عن أسرة متحابة، حلقت عائلة بندلي في سماء الفن وحققت نجاحا مذهلا، كان من ابرز ملامحه أن مبيعات «كاستيات» عائلة بندلي تفوقت على مبيعات اغاني ام كلثوم، وايضا حققت عائلة بندلي نجاحا كبيرا في وقت فيروز والرحابنة وصباح ووديع الصافي ونجوم غناء كُثر في لبنان والوطن العربي، والى الآن بقيت اغنيات عائلة بندلي مرتبطة بذكريات جميلة لدى الكثيرين لم ولن يطويها النسيان.
النشرة الدولية كان لها هذا الحوار مع الفنان المخضرم ايدي بندلي
– هل لنا ببطاقة تعريف عن ادي بندلي ابن العائلة المعروفة الطرابلسية؟
في البدء اود ان اشكرك سيدي لأنك خصصتني بهذه المقابلة و أود من خلالك أن أحيّ شعب الاردن الغالي.
“بكل بساطة ادي بندلي” اصبح جميع متابعي الفن الذي اقدمه يعلم هذا الشعار، بصمة خاصة في عالم الفن المعاصر.
– اين ادي بندلي الآن؟
انا في المكان الذي لطالما اردته وهو دخول قلوب الناس من خلال الفن الذي اقدمه و من دون فرضه عليهم، فمكاني المفضل هو اعتلاء المسارح و تقديم هذا النمط من الفن الذي يحمل بصمة و هوية خاصة امام الناس والمستمعين مهما كانت هويتهم . فالفن لغة الروح العالمية و الاتكال على الله عز و جل ان يمدني بالقوة و الصحة لكي انشر هذه الرسالة المتعددة الاهداف والتي سأتكلم عنها في الاسئلة القادمة.
– متى بدات الغناء والعمل الفني؟
ان عدنا للوراء بشكل جماعي. مع العائلة الكريمة منذ كان عمري 5 سنوات من خلال العزف و الغناء.
بعد وفاة عمتي، يولا بندلي، اصيبت العائلة بإنتكاسة كبيرة وانعدم عندي الامل في عودتنا جميعاً على الساحة الفنية وطبعاً للأسف، لأن متابعي عائلة البندلي يستحقون فرصة الالتقاء مجدداً بالارث و المدرسة الفنية. حينها قررت الدخول الساحة الفنية منفرداً و ذلك عام 2015 بعد الاقتناع بأنني استطيع الدخول بالميزة العائلية نفسها من خلال الموهبة و الابداع الذي عوّدونا عليه عائلة البندلي . فاخترعت آلة موسيقية و سجلتها برائة اختراع و دخلت الساحة كأول فنان يغني على آلة موسيقية من اختراعه وتصميمه و ذلك مكنني ان اضمن الخلفية الموسيقية الابداعية التي اريد و كانت أولىالحفلات ب عنوان ” الثلاثون دقيقة” و كان عرض قدمته فقط ل ثلاثون دقيقة تماماً و ابتدء المشوار لثلاثة اسباب:
1- استكمالا لمسيرة البندلي من اجل جميع من انتظر عائلة البندلي فترة هذه السنوات.
2- تعريف الاجيال الجديدة على الارث البندلي لأنهم لم يُسمح لهم التعرّف عليه بسبب الاحتكار الاعلامي
3- ايصال بصمة جديدة و رسالة الى من لديه موهبه ان لا يستسلم . يتكل على الله و يثابر فينجح
– ما اول اغنية لك أو عمل فني؟
أغنية “نحنا ما اعتدينا” و كانت لذكرى عيد الجيش اللبناني الوطني. دمجت اغنيتين لعملاق الطرب الراحل الكبير وديع الصافي (بكرا صفوف الجيش و ارضي عم تقاسي) اخذت المطلع الثاني و حولته للمذهب الاول و طبعا حذت على موافقة الاستاذ جورج وديع الصافي نجل الفنان وديع الصافي صاحب الأخلاق الطيبة و كان الاصدار الأول في 2018.
– من هو القدوة لإيدي؟
ذكرتها في كل مناسبة ومقابلة و أكررها دائماً الموسيقار الراحل ملحم بركات.
– من هو صاحب الصوت الذي يطربك بصوته الشجي؟
كذلك الامر الموسيقار الراحل ملحم بركات.
– حدثنا عن عائلتك العريقة والمكونة من 12 فرداً، وهل كلهم احترفوا الغناء؟
هذه العائلة. هذه المدرسة. ولدوا 12 فردا من الولادة محترفي الغناء بالفطرة وذلك بنعمه من رب العالمين اما بما يتعلق بالعزفمن خلال التمرس والدراسة اصبح جزء كبير من العائلة محترفين و اساتذة في العزف.
– عائلتك الفنية صاحبة التاريخ العريق كانت، كما تداولها الإعلام، أنها عبّرت عن بساطة أحلامها، في اول ما تغنت به «عيلتنا عيلة…مثل كل عيلة… فلوس وبلا فلوس»، اخبرنا عن تلك الأحلام؟ وماذا تحقق منها؟
الحلم البندلي تحقق من خلال انتاج العديد والعديد من الاغاني التي لا تموت و يذكرها معظم الجيل المعاصر للسنوات 1970 ، 1980 و حتى 1990 و كما لمع نجم ريمي بندلي ابنة عمي المبدع الراحل رينيه بندلي رحمها الله.
الجملة التي حضرتك لفظتها “صاحبة التاريخ العريق” اعطت العائلة حقها وحققت هذا الحلم بالذات فوصلوا الى الوطن العربي كما غنو ايضاً في بلاد الاغتراب ك استراليا و اميركا الخ.
– فرقة بندلي لم يكن هدفها الربح المادي بقدر ما كان عندهم رسالة غايتها تقديم الغناء الحديث مع الحفاظ على اصالة الموسيقى الشرقية، هل نجحت بذلك؟
طبعاً نجحت و لذلك انا الآن اجيب على اسئلتك الكريمة سيدي، ولكن الذي فشلت فيه هذه العائلة هي انها لم تواكب عصر الانحطاط الفني و الاستغلال لكيّ تبقى هذه المدرسة بحالة انتاج دائم. فضّلت التنحي على ان تلطّخ ارثها بما لا يليق بالاصالة الفنية التي اعتادت العائلة ان تكون من روادها.
– أخبرنا عن حادثة شكوى جيران عائلتك في طرابلس للأمن، وهل كان هي بداية طريقة العائلة نحو عالم الفن؟
يوما ما من هذا الزمن الجميل، كانت العائلة تجري بعض التمارين الفنية. كما تبيّن ان احد الجيران قد اشتكى لبلدية طرابلس ان هناك ضجيج مزعج لمعالجة الأمر . ما ان اتى شرطي البلدية الى سكن العائلة و دخل بهدف تحرير محضر ضبط. فجلس في صالون المنزل مكان وجود التمارين الفنية و سمع جزء من التمارين فمزق المحضر و قال لهم: رجاء استمروا. فما لبث ان حوّلت العائلة هذا الموقف الى مسرحية غنائية فنية ومن خلالها انطلقت العائلة 12 عضو. 9 بنات و 3 شباب يعزفون و يغنون على مسرح واحد و ابتدء الحلم البندليّ.
– كيف ترى مستقبل الفن في ظل الظروف الحالية لا سيما في لبنان؟
بخير ونحن قادمين الى ما هو افضل وعلى الطريقة اللبنانية اقول “ما بصح الا الصحيح”.
– ما هو سبب سفرك وابتعادك عن لبنان وعائلتك؟
بعد ما تعرضنا لأسوء الظروف في لبنان و كما حاولت جاهداً البقاء في ارض الوطن، فحين يكون لديك مسؤولية تجاه 3 اولاد وزوجة، وجدت نفسي مجبراً ان ابحث عن الامل لكيّ انظر في وجه اطفالي و اقول لهم ان الحياة ما زالت بخير.
انا حالياً متواجد في اربيل العراق التي احتضنتني احتضان الاهل كما احتضنت فني.
سيدي الكريم، دعني اشرح لك ان كل فنان هو سفير لوطنه اينما وجد لتقديم وطنه بأجمل الصور.
أخيراً وليس آخراً، دعني اشكرك جزيل الشكر لتخصيص مقابلة تسلط الضوء على العائلة الكريمة كما على بصمتي وهويتي التي اقدم.
شكر ايضاً للأردن التي لا زالت من رواد الفن الاصيل و تسلط الضوء وتبحث عن الاصالة الفنية. لا يمكنني الا ان انحني تجاه تلك المسؤولية التي من خلالها تُبنى الأجيال على الصح.