قصص قصيرة جدا: الحلم داخل أسوار القدس
النشرة الدولية –
الرأي – كتب : حسين دعسة
1 – سور نهاية الشتاء.
تتنافس جذور الأعشاب، التي تتسلق بين فجوات حجارة أبنية المدينة المقدسة، تتلون، بين الحلم بالازهار والتلويح بقايا تلك الأيادي؛ التي اغتسلت وتعمدت بالحناء والزعتر والريحان والخبيزة واللويبد، وسبل هاجر ارض القمح، يحتمي بالسور، عشب أزلي تصحو عطوره مع فجر الشهداء.
تتنفس قطرات الندى.
كانت عينه ودمه، وانين قلبه مع خيط حليب بكر على رمل عاشق، ترك اثره؛ طعام طفل يحمل الحجر.
امتدت أعشاب السور من داخل باب السلسلة، لفعت الشهيد، غسيل الندى.. والحليب.
2 – طريق المدرسة الصلاحية.
يحكي الراوي، يغسل رموش عينيه بالدمع الصباحي:
-هنا كانت تجلس الحاجة عيشة، تنقل حصيد البارود.. والبيارات وتجعله غلافا لرصاص الثوار، تسند نضالها على أسوار المدرسة الصلاحية إلى جانب باب حطة، تغسل هدب العين بصورة المسجد الأقصى.
غفت ذات يوم، وغاب ثوبها المطرز عن صور باعة داخل أسوار القدس.
يذكرني الراوي:
-كانت تتأمل صور احفادها الشهداء.. بصمت الحجر، قلبها يتفقد جسد مسجى داخل كهوف المدرسة الصلاحية، تجاهد لغيبة داخل ممرات تلك الصور التي تعج بالحكايات.
3 – ..صلاة اخيرة
.. راق له تباين مزاجه، سمع امه تغلق باب البيت، لحق بها، :
-يا امي، انتظريني.
-.. سأتابع طريقي مع النساء، علينا تقديم الطعام والشاي والكعك للمرابطين، الحماة داخل المسجد، نلتقي ونصلي!
هب، لملم حجارة من تربة البيت، لبس كوفيته ولحق يتبع أثر سيدة الزقاق، سمع الناس تردد، تغني وتبكي:
-الشهيد حبيب الله.
عدوى الترويدات انتقلت اليه، انشد:
-الشهيد حبيب الله.
مد يده يحمل الجسد المستور بشالات النساء، المحمول على خص من النخيل، لمست يده ثوباً يعانق زخارف الأرض ونوارها، فتح عينيه، كان الدم الساخن يعطر روحه.
بات ليلته يتأمل حرارة الحرير المطرز، فقد كانت تلبس ثوب عرسها، لتلتحق بحبيب الروح الذي حمل البارودة القديمة، زاحفا من. فراش العرس، نحو ساحة الأقصى، كانت حنايا الحناء ما زالت تئن.