لا تقدّم ولا انتصار.. بلا كرامة!… هل للكرامة علاقة بتقدم الفرد أو المجتمع أو الدولة؟
بقلم: أحمد الصراف

النشرة الدولية –

تُعرَّف الكرامة، التي زاد الاهتمام بها مع انتشار مفاهيم الأخلاق مع عصر التنوير، بأنها الصفة الشخصية لكون الإنسان جديراً بالاحترام. وعندما تُسرق منا كرامتنا لا يمكننا الشعور بالأمان ونكره ذاتنا ونصبح سلبيين ومتشائمين تجاه العالم من حولنا. كما يسهل التحكم بالبشر متى ما سلبت كرامتهم نتيجة تعرضهم للإهانة والسخرية المستمرة، خاصة إذا تم ذلك علناً، حينها يشعر الفرد بانخفاض قيمته.

ولهذا وجدنا أن الجماعات المتشددة، وبعض الحكومات، تسعى بمختلف الوسائل إلى إذلال الآخرين بالضرب المتعمّد والسجن وقتل أحبتهم ليسهل عليها التحكم بهم. كما تحرص على حرمان المرأة من التعليم، وهذا يسلبها حتى حق معرفة أنها مهانة أو بلا كرامة. وتصف الأستاذة والصديقة اللبنانية «إلهام حلو» هذا الوضع بطريقة مبهرة حيث تقول:

«تشعر المرأة في مجتمعاتنا الظالمة وكأنها علبة تنك فارغة مربوطة بحبل مثبت بسيارة حديثة تسير بسرعة وثبات، وهي ترتطم بحصى الطريق والأرصفة، وتعاني وتتألم، وعندما تقف السيارة تلعن سنين عمرها، وتتفحص الكدمات التي أصبحت تملأ وجهها وجسدها، وتكتشف أنها في مرحلة ألمها و«ارتطاماتها» لم تتمتع بشيء في الحياة!

لا شيء يمكن أن يشعر المرأة بأهميتها وبحقها في الحياة والاستمتاع بكل لحظاتها، مثل التعليم. ولهذا «حرم» التعليم في بعض المجتمعات. ففي مقابلة مع الشيخ المستنير «عبدالله الجابر»، أول وزير تعليم (معارف) من أسرة الصباح، ذكر بأنه قام باستئجار بيت وجهزه ليكون مناسباً لمدرسة فتيات، وقام بجلب 12 مدرّسة من العراق وفلسطين، وفي يوم الافتتاح لم تحضر فتاة واحدة، لأن «رجال الدين» حينها من أمثال «عبدالعزيز حمادة» و«أحمد الخميس» وغيرهما، حثوا المصلين على عدم إرسال بناتهم لتلقي التعليم، لما فيه من مفسدة.

كما أتذكر جيداً أن قطاعات كبيرة من المواطنين الشيعة، وبعد سنوات من الحادثة أعلاه، كانوا يرفضون إرسال بناتهم لتلقي التعليم.

تغيّر الزمن، وتغيّرت نظرة الناس لأمور كانت يوماً من المسلمات، ولكن أمتنا تميزت بكونها الوحيدة التي «فرملت»، بل وعادت القهقرى، ولهذا سهل الهوان علينا وسهلت هزيمتنا في كل ميادين الحرب والسلم، فأمة بلا تعليم جيد لا يمكن أن تعرف حقوقها. والأمة التي لا تعرف حقوقها هي أمة بلا كرامة.

فكيف تكون هناك كرامة والزوجات ذليلات، والأخوات حزينات والأمهات مهانات والبنات مظلومات؟

لا تكتفوا بالنظر لأسركم، ومن هم حولكم، وتهزون رؤوسكم، رافضين هذا الكلام، واصفيه بالمبالغة، بل انظروا حولكم، وشاهدوا كيف تهان المرأة في العشرات من عواصمنا، والآلاف من مدننا، والملايين من قرانا، بحيث أصبح منظر امرأة تدفن حتى وسطها في التراب وترجم بالحجارة حتى الموت، أو قيام عشرات «الملالي» المتشددين بضرب النساء بالعصي الصلبة وخراطيم المياه، وتفجير القنابل في مدارس الفتيات، وسكب «ماء النار» على وجوههن، أمراً لا يلقى منا كثير اهتمام.

يقول «الحويني» إن الحب «زنى»، فكيف يحب الرجل من «تتبول وتتبرز»! ويقول «الشعراوي» مبرراً اعتداء الرجل على زوجته: كيف ترفض الزوجة اعتداء الزوج باللفظ عليها، وهو الذي رأى عورتها! ويقول ثالث إن ضرب الزوجة جائز إن امتنعت عن الفراش!

هكذا ينظر «علماء الأمة» للمرأة، الأم والمعلمة والمربية والأخت والزوجة والسند، ثم نتوقع بعدها من هذه الأمة أن تنتصر على أعدائها!

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى