هوكشتاين يستهلّ مُهمّته التفاوضيّة باجتماعات تمهيديّة… تنسيق لبناني تام وموقف مُوحّد… هذا ما سيطرحه لبنان على الوسيط الأميركي… فهل ينزع آموس فتيل التفجير؟

النشرة الدولية –

الديار –  جويل بو يونس –

هو «حبس انفاس» نفطي يخيم على الاجواء اللبنانية فرضته الخطوة الاستفزازية «الاسرائيلية» بتحريك سفينة ENERGEAN اليونانية، تمهيدا للبدء باستخراج الغاز من حقل «كاريش» في المنطقة البحرية المتنازع عليها بين لبنان و «اسرائيل»، فتراجعت كل الاولويات السياسية، وتصدرت ثروة لبنان ومعها ملف النفط والغاز باكمله المشهد، قاذفا بموعد الاستشارات الى ما بعد الزيارة المتوقعة اليوم للوسيط الاميركي اموس هوكشتاين الى لبنان.

 

فكل الانظار تتوجه اليوم الى ما سيحمله هوكشتاين معه الى بيروت، بعدما نجحت الاتصالات التي قادها المتابع الاول للملف نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب بالاتفاق على زيارة لهوكشتاين الى بيروت، لاستئناف النقاش بالوساطة الاميركية والطروحات اللبنانية، على وقع الحراك «الاسرائيلي» الاستفزازي، وهذا ما كان اعلن عنه الرئيس بري قبل ايام، بان الوسيط الاميركي سيكون في لبنان بين الاحد والاثنين.

https://static.addiyar.com/storage/attachments/2013/joelle_426882_large.jpg

ومع الاعلان الرسمي من قبل الخارجية الاميركية عن موعد الزيارة، بات الاهتمام اللبناني ينصب اليوم لما سيحمله معه هوكشتاين، وكذلك لما سيسمعه من لبنان، وسط معلومات من اكثر من مصدر تؤكد بان لبنان سيبلغ اموس بموقف موحد.

 

قبل الحديث عما قد يسمعه هوكشتاين من المسؤولين اللبنانيين، اكدت المعلومات بان الوسيط الاميركي الذي سيصل مساء الاثنين الى بيروت، سيستهل مهمته التفاوضية مساء اليوم من دارة بوصعب في الرابية، وكذلك بلقاء مع مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم، الذي يبدو انه وبوصعب توكلا مهمة التنسيق التام بين الرؤساء الثلاثة تمهيدا لزيارة اموس.

 

وهنا لا بد من الاشارة، الى ان بوصعب وهوكشتاين كانا توافقا خلال اتصالاتهما بالايام الماضية على عدم صياغة اي رد لبناني كتابي على مقترح الوسيط الاميركي، افساحا في المجال لمناقشة الطرح شفهيا، باعتبار ان اي رد خطي سيكون ملزما ويغلق الباب امام اي تفاوض جديد.

 

وبالعودة الى لقاءات هوكشتاين في بيروت، فبعد اجتماعاته التمهيدية المرتقبة مع بوصعب وابراهيم، كل على حدى، سيبدأ محادثاته الرسمية يوم الثلاثاء من قصر بعبدا، حيث سيلتقي رئيس الجمهورية ميشال عون، وينتقل بعدها الى السراي للقاء رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، على ان يجتمع ايضا برئيس مجلس النواب نبيه بري.

 

بالانتظار، فالجانب اللبناني كان قد مهّد لما سيطرحه امام هوكشتاين بلقاء جمع السبت رئيس الجمهورية برئيس حكومة تصريف الاعمال في بعبدا من دون ان ينضم بري، ما طرح اكثر من علامة استفهام عن سبب عدم حضوره لاجتماع بحجم اهمية ملف الترسيم، الا ان مصادر مطلعة على لقاء بعبدا، اكدت ان الدعوة لم تكن موجهة لبري كي يتغيب، لان التفاوض دستوريا هو من حق رئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة، كما ان موقف بري معروف وهو يتمسك باتفاق الاطار، وتشير المصادر الى انه في الاجتماع الاخير بين الرؤساء الثلاثة الذي انعقد في بعبدا في 18 اذار الماضي، كان هناك اتفاق على هذا الموضوع، كما انه اتفق وقتها على دعوة هوكشتاين للمجيء واستئناف المفاوضات.

 

وكشفت المصادر بان بري احيط علما بما تمت مناشقته في اجتماع بعبدا يوم السبت، وافادت المعلومات ان اللواء ابراهيم هو من وضع بري في جو لقاء بعبدا.

 

لكن ماذا سيُسمع المسؤولون اللبنانيون هوكشتاين؟ واي طرح سيتقدمون به؟

 

تجيب مصادر خاصة بان الاجتماع بين عون وميقاتي كان مخصصا حصرا لموضوع الترسيم، وقد تم خلاله عرض لمسار ومراحل المفاوضات التي حصلت سابقا، وكيف توقفت ثم استؤنفت قبل ان تعود وتتوقف، وكذلك دخول هوكشتاين على الخط من خلال اقتراحه بالخط 23 مع تعرجاته. وشهد الاجتماع، بحسب المصادر، على تقييم الوضع بضوء الخرائط الموجودة، جازمة بان النقاش كان ايجابيا، كما ان وجهات النظر متفقة على اسس التفاوض.

 

وكشفت المصادر بان لبنان ما زال على تحفظاته التي كان ابداها على الطرح السابق لهوكشتاين في شباط الماضي، بما عرف بوقتها بالخط المتعرج، والذي يقضي باجراء تبادل بطريقة رسمه، بحيث لا يكون مستقيما بالكامل، ويحصل لبنان على كامل حقل «قانا» الغازي الذي يقع الجزء الاكبر منه ضمن الخط 23 في الجهة اللبنانية، وجزء اصغر في الجانب «الاسرائيلي»، فاذا حصل لبنان على الجزء الصغير الواقع عبر التعرج برسم الخط، تحصل «اسرائيل» على منطقة بديلة بالجزء اللبناني من الخط 23 في البلوك رقم 8 وفي حال الموافقة على طرحه، يقترح الوسيط الدعوة لاجتماع للجانبين في الناقورة لتكريس الاتفاق رسميا، لكنه اشترط اتفاق داخليا لبنانيا حول اقتراحه الذي عاد وارسله خطيا مع خريطة تحدد الخط المتعرج الذي يقدم من احد البلوكات كما كان لبنان قد حدده، والذي يختزن كميات من الغاز، لكنه لم يتلق جوابا خطيا حول اقتراحه.

 

وفيما رفضت اوساط مطلعة على جو بعبدا الحديث عما قد يقدمه لبنان لهوكشتاين، باعتبار انه لا يمكن كشف الاوراق اللبنانية قبل بدء التفاوض، كشفت المعلومات بان الجانب اللبناني سيطلب من هوكشتاين استئناف مفاوضاته ومساعيه وفق الطرح الذي يراه لبنان محورا اساسيا للتفاوض اي الخط 23، مع المحافظة على حقل «قانا» بكامله، مع التشديد على الا يكون اي جزء منه عند «اسرائيل».

 

وجزمت المصادر بان لبنان جاهز لاجراء هذه المفاوضات وقالت: «لبنان لن يتنازل عن حقه بكل ما يتصل بالخط 23، وفي حال اقتضى الامر وجوب توسع النقاش باتجاه امر آخر فعندئذ يتوسع».

 

وفي هذا الاطار، اكدت اوساط موثوقة مطلعة على الملف، بان هناك نوعا من الايجابيات للبحث باي افكار جديدة، لكن ضمن اسس تحفظ حقوق لبنان بمياهه.

 

والجديد الللافت الذي كشفته الاوساط الموثوقة، تمثل بانها المرة الاولى التي يكون فيها التنسيق بين المعنيين عاليا، لا سيما بين الرؤساء الثلاثة عبر اطراف تولت المهمة، وفي مقدمها بوصعب واللواء ابراهيم اللذين تحركا على خطوط بعبدا – عين التينة – السراي بتنسيق تام، ما قد يؤدي بحسب الاوساط، لموقف لبناني موحد جدي هذه المرة.

 

وفيما كان واضحا تراجع العميد ياسين في اطلالته التلفزيونية امس، عما كان صرح به في السابق، عن وجوب توقيع الرسوم 4633 عبر دعوته هذه المرة لايداع الخط الذي يتم التوافق عليه لدى الامم المتحدة، علقت مصادر بارزة على كلام ياسين بالقول: قد لا يكون العميد ياسين تراجع كلاميا، لكن ما قاله يظهر تراجها واضحا عن السقف الذي كان يتحدث به في السابق، لا سيما عند رده على سؤال عما اذا تراجع عن اعتبار الخط 29 حدودي، فرد بالا فرق بين الحدودي والتفاوضي، المهم الوصول للخط الذي يريده لبنان وايداعه لدى الامم المتحدة.

 

وتعليقا على هذه التصريحات الجديدة، بعدما كان السجال قد اشتعل سابقا بين العميد ياسين وبوصعب، رفضت اوساط بوصعب التعليق على الكلام الجديد الذي خرج به امس العميد ياسين، واكتفت بالقول: «لن ادخل باي سجال، ولا داعي اصلا لاي لسجال داخلي بتوقيت حساس يتزامن مع زيارة الوسيط الاميركي، فالاهم هو ان نحرص جميعا على انجاح الزيارة وضمان حقوق لبنان، لا سيما عندما يتعلق الامر بالعمل على ملف بحجم ترسيم الحدود»!

 

بالانتظار هل يتوقع المسؤولون اللبنانيون خرقا ايجابيا تحمله زيارة الوسيط الاميركي؟ ترد اوساط متابعة للملف بالقول: هذا يعود للجو الذي سيأتي به هوكشتيان، وما هو هامش المناورة المعطى له من «الاسرائيليين» او حتى الاميركيين!

 

لكن ماذا لو رفض الوسيط الاميركي ما سيسمعه من طرح لبناني؟ وماذا لو غادر كما اتى؟ هنا تختم المصادر بالقول: لبنان يتمنى الا يتم رفض طرحه، لانه يريد افساح المجال للتوصل لنتيجة، فليس هدفه توتير الاجوء وعرقلة الامور والذهاب باتجاه اي امر من شأنه ان يهدد امنه واسقراره كما امن المنطقة برمتها!

 

فهل تنجح مهمة بوصعب المكوكية باصعب وادق ملف ، لاسيما ان الرجل معروف عنه قدرته على التفاوض وحنكته الديبلوماسية ربطا بعلاقاته الخارجية؟ وهل تنجح مهمة اللواء ابراهيم الذي اعتاد التفاوض والامساك ايضا باصعب وادق الملفات، فيتمكن هوكشتاين بنزع فتيل التفجي

زر الذهاب إلى الأعلى