كيف أصبح الأردني مهنّد شلبي من عامل بسيط إلى رجل أعمال ناجح ويأسر الصينيين بنكهة الطعام العربي في بلادهم
النشرة الدولية –
قصة الشاب الأردني الذي نجح في بعث مشروع بنكهة عربية في الصين وذاع صيت مطعمه في مدينة ييوو في مقاطعة تشنجيانغ بشرق الصين جعلت الرئيس الصيني شي جين بينغ يشيد بها كإحدى القصص المعبرة عن نجاح العرب في الصين.
“سمعت أن الرئيس شي جين بينغ ذكرني في خطابه. قلت، هذا الأمر مستحيل. أنا شخص عادي. كيف يمكن أن يرد ذكري في خطاب للرئيس شي؟ وبعدها، شاهدت فيديو الخطاب، وبدأت أصدق ذلك”، هكذا قال مهنّد شلبي وهو يتذكر هذه التجربة التي لا تُنسى قبل سبع سنوات، مضيفا “لقد كان أمرا أشبه بالحلم”.
في 5 يونيو 2014، روى الرئيس الصيني في الخطاب الذي ألقاه خلال حفل افتتاح الدورة السادسة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي، قصة شاب عربي استقر في الصين وحقق حلم حياته.
وبطل الرواية هو مهنّد شلبي، صاحب مطعم عربي في مدينة ييوو في مقاطعة تشجيانغ بشرق الصين. وأصبحت هذه القصة إحدى القصص المعبّرة عن قصص نجاح العرب في الصين.
شلبي هو مواطن أردني، سافر في عام 2000 إلى مدينة قوانغتشو بجنوب الصين وعمل في مطعم عمّه ولم يكن راتبه في ذلك الوقت يتعدى 300 دولار. وتعرف على فتاة صينية تدعى ليو وكانت تعمل معه في المطعم نفسه حيث تزوجا.
وسافر مهند إلى مدينة ييوو بنصيحة من صديقه، حيث وجد أن كثيرا من التجار العرب يبيعون السلع هناك. ليؤسس مطعمه العربي الذي سماه “ورد” في هذه المدينة، ليكتب بذلك أول سطور قصته في المدينة التي استقر فيها ويقيم الآن منذ 19 عاما.
ذكر الرئيس قصة شلبي في خطابه، قائلا “أتى (شلبي) بالأطعمة العربية الأصيلة وما تمثله من ثقافة عربية إلى هذه المدينة، كما استفاد من تطور المدينة وازدهارها وحقق نجاحا في أعماله التجارية، وتزوج من فتاة صينية، واستقر في الصين”.
وقال شلبي بلغة صينية ينطقها بكل طلاقة لكنه لا يجيد كتابة رموزها، “كان حلمي حين أتيت إلى الصين أن أبدأ مشروعا تجاريا، ورأيت أن هذا الحلم يمكن أن يتحقق في مدينة ييوو، ومن ثم قررت البقاء فيها”.
وفي ذلك الوقت، كان في ييوو العديد من رجال الأعمال العرب، ولكن لم تكن هناك مطاعم كثيرة تحمل نكهة شرق أوسطية. لذلك اغتنم شلبي الفرصة، وافتتح مطعمه الخاص.
وطوّر مهند مطعمه كثيرا حيث قام بتحديثه في عام 2009 وغير اسمه من مطعم الأقصى إلى ورد، وخصص بداخله قاعات خاصة لكبار الزوار ليصبح مقصدا للزبائن من جميع أنحاء العالم، بفضل طيب الأطعمة العربية التقليدية التي يقدمها وجهود مهند وزوجته رغم ما كان يعانيه في توفير المواد المستخدمة في الطعام العربي، وكان يعتمد على أصدقائه لجلب هذه المواد له من الخارج.
مع توسع المطعم، ازداد الطلب على الطعام العربي المتنوع، وأصبح من الصعب إحضار المواد الأولية مع الأصدقاء من الخارج. لكن الآن، أصبحت تلك المواد والتوابل متوفرة في مدينة ييوو مع انفتاحها المستمر، ليصبح هناك أكثر من 100 ألف نوع من السلع من أنحاء العالم متوفرة في أسواق المدينة.
وقد تطورت أعمال شلبي الذي تجاوز الآن الأربعين عاما من العمر، وها هو الآن يتعاون مع أصدقائه لتشغيل مطعم عربي اسمه “بيتي”.
وقال شلبي “بدأت حياتي المهنية من الصفر، شجعني في ذلك ترحاب أهالي ييوو كثيرا”، لذلك يتوجه في حديثه دائما بالشكر من أعماق قلبه للمدينة وأهلها.
وأضاف “بعد أن امتدحني الرئيس الصيني، صرت على يقين بأنني سأستقر في ييوو، فعقدت العزم على أن أبذل قصارى جهدي لأعبر عن امتناني لأهل هذه المدينة”.
وتابع “من عام 2004 إلى عام 2014، لم أعد إلى الأردن ولم أغادر ييوو”.
لقد شكل عام 2014 نقطة مهمة في حياة شلبي، فحينها كان قد أقام في ييوو لأكثر من عشر سنوات، واعتاد تماما على الحياة فيها، لكنه كان يسأل نفسه أحيانا “هل ما زلت أريد الذهاب إلى أماكن أخرى؟”، خاصة وأن تصريحات الرئيس تركت أثرا عميقا في نفسه، بل جعلته يشعر أيضا بالمسؤولية، وحمّسته لاتخاذ القرار بالاستقرار في ييوو.
ومنذ تلك اللحظة وشلبي في غاية الحماسة، ويقول دائما “أريد أن أفعل المزيد من الأشياء الجيدة”، وأنشأ أيضا شركة ماجيك لاين للاستيراد والتصدير لتوسيع أعماله وتعميق جذوره في الصين.
وبدأ شلبي في مساعدة العديد من رجال الأعمال الأجانب الذين يصلون إلى ييوو، ويعرّفهم على الوضع المحلي وسياسات الأعمال، كما أسس جمعية خيرية ويشارك في مختلف الأنشطة الخيرية.
وكان المطعم السابق لشلبي يحمل اسم مطعم “ورد”. وتحدث عن معنى الاسم قائلا إنه يعبر عن “أننا نفعل أشياء جيدة، ونتفتح كالورد وننشر السعادة في نفوس الآخرين”.
ومع تفشي الوباء يقول شلبي “طلب مني العديد من أقاربي في وطني العودة إليهم، ولكن قلت لهم إن ييوو هي منزلي. لقد عشت هناك لوقت أكثر مما عشت في الأردن وزوجتي وأولادي هنا، وأريد أن أبقى مع عائلتي في هذا المكان الذي أحبه”.
وأضاف شلبي قائلا إنه في الوقت الحالي ليست لديه خطة واضحة للمستقبل، ولكن أهم أمر هو “سأبقى في ييوو لبقية حياتي ولن أغادرها أبدا”.
وظل مطعم شلبي مغلقا لفترة بسبب الوباء واستأنف العمل في شهر أبريل الماضي، واعتمد في البداية على الصينيين لأن الأكل في مطعمه قريب من النكهة الصينية في الطعم. وتابع “بعض الصينيين يحبون أكلنا والكثير من الصينيين المقيمين في ييوو يأتون لنا كل يوم”.
والآن مع تعافي الاقتصاد الصيني تحت السيطرة المنتظمة للوباء، يجذب مطعمه المزيد من الزبائن الصينيين والأجانب كل يوم.