شدّ حبال لبنانيًا قبل لقاء بوتين- بايدن.. فهل تطرح موسكو هذا الحل- المّخرَج؟
النشرة الدولية –
لبنان 24 – نوال الأشقر –
تتجه أنظار العالم إلى فيلا “لا غرانج” في جنيف، حيث اللقاء المرتقب بين الرئيسين الأمريكي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين غدًا الأربعاء في 16 حزيران. المباحثات بين الرئيسين لن تكون سهلة، خصوصًا أنّ العلاقة بين البلدين في أسوأ مستوياتها منذ سنوات، ولعلّ رفض بايدن عقدَ مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الروسي عقب اللقاء مؤشرٌ على العلاقات المتوترة بينهما.
ملفات عالمية ستحضر في قمة الرجلين، فهل لبنان من بينها؟ خصوصًا أنّ موسكو أرجأت كلّ المواعيد التي كانت مقررة لمسؤولين لبنانيين إلى ما بعد لقاء بوتين- بايدن، من دون تحديد مواعيد جديدة وفق معلومات “لبنان 24”.
لبنان لن يكون ملفًّا مطروحًا بحدّ ذاته في لقاء القمة، لكن نتائجها ستطاله، وسيتأثّر بتداعيات الصراع الأميركي -الروسي بطريقة غير مباشرة، من خلال تبعات هذا الصراع على دول مؤثّرة في لبنان كإيران وفرنسا وسوريا وإسرائيل، وفق مقاربة المحلل في الشؤون السياسية الإقليمية والدولية جورج بطرس غانم “اللقاء محطّة مفصلية في العالم، بمثابة بداية الحرب الباردة الثانية، من هنا قد تشكّل القمة حافزًا زمنيًّا نفسيًّا لتأليف الحكومة في لبنان لتحصين الساحة الداخلية، خوفًا من أن تتفاقم الأزمة الحكومية بعد اللقاء، خصوصًا أنّ جغرافيا الشرق الأوسط لن تكون بعيدة عن ترجمة تبعات الصدام”.
ساعات حاسمة حكوميًا على وقع اللقاء
في السياق يلفت غانم في حديث لـ “لبنان 24” إلى أنّ موسكو كانت سبّاقة في متابعة تفاصيل الجهود الهادفة إلى معالجة الأزمة السياسية اللبنانية، وضغطت لتشكيل الحكومة وجاهرت بدعم عودة الحريري إلى رئاسة الحكومة “لأنّ روسيا تريد إقفال الملف اللبناني لتستثمر ذلك في مواجهتها مع الأميركيين. من هنا ستشهد الساعات الفاصلة عن اللقاء شدّ حبال لبنانيًّا، وقد تحل معضلة الوزيرين المسيحيين على يد موسكو، عبر الأتيان بشخصيتين استشاريتين على علاقة وطيدة بروسيا ، الاولى الى جانب الرئيس ميشال عون والثانية الى جانب الرئيس سعد الحريري .يمكن أن تحل هذه العقدة في اللحظات الأخيرة قبل اللقاء المرتقب، هذا احتمال قائم قد يحصل وقد لا يحصل. بالمقابل فان الرئيس الفرنسي ينتظر من بايدن تسليمه الملف اللبناني، من هنا امتعضت فرنسا من الحريري بذهابه إلى موسكو، كون ماكرون وبايدن على الموجة نفسها”.
يصنّف بايدن نظيره الروسي بمثابة عدو رقم واحد، بنظر غانم، لأنّه تدخّل في الإنتخابات الرئاسية الأميركية، وبالهجمات السيبرانية بما يشكّل خطرًا على الأمن القومي الأميركي “من هنا الأمور واضحة بذهابها نحو الصدام بينهما. بالشكل استبق بايدن اللقاء بمحاولة تشكيل جبهة واحدة ضد موسكو. وذلك من خلال جمع الحلفاء والذهاب نحو قمة الناتو، فضلًا عن مؤتمره في قمة مجموعة السبع، وما تضمنه من تحذير لموسكو بأنّها ستواجه عواقب وخيمة في حال تورطها بـ”أنشطة ضارّة”.
سعى بايدن لعزل بوتين قبل لقائه، كمؤشر على ذلك يلفت غانم إلى رفع إدارة بايدن عقوبات عن إيران، ليظهرَ لنظيره الروسي أنّ حليفك الإيراني نتحاور معه. “سيكون بايدن حاسمًا بتحذيره بوتين من التدخل في الشؤون الداخلية للولايات المتحدة الأميركية، وبأنّ العواقب ستكون وخيمة. بالمقابل سيسعى بوتين لامتصاص الغضب الأميركي، أو قد يكون حضّر مفاجأة ما في الداخل الأميركي، لاسيّما وأنّ حليفًا قويًا له لا زال موجودًا هو دونالد ترامب الذي يحظى بشعبية تعادل 40% من الشعب الأميركي، وقد تعمّد ترامب إحراج بايدن قبل اللقاء في بيان قال فيه “حظًّا سعيدًا لبايدن في التعامل مع الرئيس بوتين. لا تغفُ أثناء الاجتماع، وأرجو أن تنقل له أحرّ تحياتي!”.
يضيف غانم “اللقاء إنذار بحرب باردة، تستلزم نقاطًا ساخنة أقربها للبنان سوريا، نظرًا للنفوذ الروسي الكبير هناك، وقد نرى تقليصًا للنفوذ الروسي لمصلحة الإيراني في سوريا، في السياق يمكن فهم التصعيد الميداني الأسبوع الماضي، نتج عنه مقتل جنديين روسيين، وقد يستهدف الوجود الروسي بالساحة السورية”.
في مشهدية صراع الجبابرة على الخارطة العالمية، يخوض اللبناني صراعًا من نوع آخر، مسرحُه محطات الوقود والصيدليات، للحصول على “تفويلة” بنزين وعلبة دواء أو حليب لأطفاله. ورغم حقارة المعادلة المخجلة، يصرّ المعنيون بتأليف الحكومة على ربط مصير هذا البلد بكل تعقيدات العالم، بلا خجل أو تأنيب ضمير على الأرجح مغيّب، ليتفوقوا على نيرون في الإستبداد والإمعان بقهر الشعب واشعال النيران في جغرافيا الوطن.