بعد تسلّمه “الطعون” بالانتخابات اللبنانية… المجلس الدستوري تحت مجهر المصداقية
بقلم: غادة حلاوي
النشرة الدولية –
نداء الوطن –
انتهت امس المهلة القانونية لتقديم طلبات الطعون بالانتخابات النيابية اللبنانية، وأعلن رئيس المجلس الدستوري، القاضي طنوس مشلب، أن الطعون الانتخابية لدورة الانتخابات النيابية لشهر أيار عام 2022، والتي وردت الى المجلس قد بلغ عددها خمسة عشر طعناً.
والطعون المقدمة هي في دوائر بيروت الأولى، وطرابلس، وزحلة (البقاع الأوسط)، وبعلبك – الهرمل (البقاع الشمالي)، والجنوب الأولى والجنوب الثالثة، والمتن (جبل لبنان)، وعكار.
أبرزها تلك المقدمة من النائب السابق فيصل كرامي ضد كل من النواب رامي فنج، ايهاب مطر، فراس السلوم ، مروان خير الدين الى جانب لائحة الأمل والوفاء ضد النائب فراس حمدان الفائز عن المقعد الدرزي في حاصبيا، جوزيفين زغيب ضد النائب فريد الخازن الفائز عن المقعد الماروني في كسروان، ايلي خليل شربشي ضد النائب سينتيا زرازير الفائزة عن مقعد الاقليات في بيروت الأولى، جاد غصن ضد النائب رازي الحاج الفائز عن المقعد الماروني في المتن والنائب اغوب بقرادونيان الفائز عن المقعد الارمني في المتن، وسيمون صفير ضد نعمة أفرام وفريد هيكل الخازن في كسروان جبيل عن المقعد الماروني.
وفق المادة 47 من نظامه الداخلي «على رئيس المجلس الدستوري فور ورود الطعن، أن يعين مقرراً أو أكثر عند الاقتضاء، من بين الأعضاء، لوضع تقرير في القضية». وحددت المادة 29 المعدلة من قانون إنشاء المجلس الدستوري المهلة التي يتوجب خلالها على المقرر رفع تقريره «مهلة ثلاثة أشهر على الأكثر من تكليفه ويحيله إلى رئاسة المجلس الدستوري». وبعد تسلمه التقرير فان النظام الداخلي حدد مهلة شهر كي يصدر المجلس قراره على ان تبقى جلساته مفتوحة لحين صدور القرار غير ان مهلة الشهر عادة ما تكون عرضة للتمديد.
في قراءة سريعة يتحدث الخبير الانتخابي محمد شمس الدين عن طعون جدية وأخرى غير جدية. قاصداً بذلك امكانية ان تعيد بعض الطعون في حال قبولها تشكيل المشهد الانتخابي بصورة مغايرة. يقول شمس الدين «للمجلس الدستوري الحق في اعلان فوز المتقدم بالطعن على النائب الرابح أو الدعوة الى انتخابات فرعية.
وقبول المجلس الدستوري للطعن سيكون مرتبطاً بطبيعة الطعن فاذا كان الخطأ مادياً مرتبطاً بتعداد الاصوات فحينها يمكن ان يصحح من دون الدعوة الى اعادة الانتخاب اما اذا ارتبط بطعن مبني على اساس تزوير او تهديد او تشكيك في نزاهة الانتخابات فحينها يستوجب اعادة العملية الانتخابية.
ليست المرة الاولى التي يتقدم بها المرشحون الخاسرون بطعون امام المجلس الدستوري، فاعتاد المجلس مع انتهاء كل انتخابات تسلم اعداد من الطعون بلغ اقصاها 17 طعناً ما يعني ان طعون هذه الدورة اتت اقل من الدورة الماضية. عادة لا يأخذ المجلس بغالبيتها ويقبل طعناً او طعنين يكون اللغط في نتيجتهما واضحاً وموثقاً. الموضوع غالباً ما يكون خاضعاً ايضاً للاوضاع السياسية في البلد وان كان المجلس الدستوري يحاول قدر الامكان النأي بنفسه عن التأثيرات السياسية لكنه حكماً سيخضع لها بالنظر لتركيبته الطائفية الموزعة كوتا سياسية بما ينسجم وطبيعة البلد وموازين القوى السياسية فيه. لا يستبعد شمس الدين عامل التأثير السياسي على الطعون مشيراً الى خصوصية كل طعن من الطعون والذي يحتاج الى قراءة معمقة في الاسباب والوقائع للبناء عليه وتحديد امكانية كونه طعناً مقبولاً او قابلاً للرد. فهناك طعن مبني على خطأ في احتساب الاصوات كالطعن المقدم من كرامي وآخر مبني على تهمة انتخاب عدد من المتوفين لا يتعدى عدد اصابع اليد الواحدة بينما الفرق بين الطاعن والمطعون بنيابته يتجاوز الالف صوت. ولعل الطعنين الاقرب للقبول هما الطعن المقدم من كرامي والثاني المقدم من الصحافي جاد غصن والمتعلقان باحتساب الاصوات وخسارتهما بفارق بسيط عن الرابح بمقعد نيابي.
بعد انتخابات العام 1996، تلقى المجلس الدستوري 13 طعناً من مرشحين خاسرين، قبل أربعة منها.
وفي العام 2002، وعلى اثر الخلاف الذي نشب بين ميرنا المر وعمها غبريال المر بسبب تقارب الاصوات بينهما وفوز غبريال رسمياً، اضطر المجلس الدستوري الى الطعن بنتيجتهما واعلان فوز مرشح ثالث هو غسان مخيبر.
وفي انتخابات 2005، لم يتسن للمجلس الدستوري النظر بالطعون الانتخابية بسبب تجميد عمله.
وفي انتخابات العام 2009 تسلم المجلس الدستوري عشرة طعون ولم يؤخذ بأي واحد منها.
في 6 حزيران 2018، تم تسجيل 17 طعناً أمام المجلس الدستوري قبل من بينها الطعن المقدم من طه ناجي بحق نيابة ديما جمالي وافضى الى اعادة الانتخابات ففازت جمالي مجدداً.
بالنظر الى ما شاب الانتخابات الماضية من عمليات رشوى وصرف انتخابي جاهرت بوجوده هيئة الاشراف على الانتخاب فان الطعون المقدمة ستكون موضع دراسة وتمحيص وسيكون عمل المجلس الدستوري على محك المصداقية على امل البت بالطعون خلال فترة وجيزة بمعزل عن اي تأثير سياسي قد يطيح بما تبقة من سمعة الهيئات الدستورية.