في قمة خلت من أجواء الصداقة.. لقاء بايدن وبوتين يحقق مكاسب محدودة
النشرة الدولية –
اتفق الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في أول قمة “براجماتية” بينهما، اليوم الأربعاء، على استئناف محادثات الحد من التسلح وعودة سفيري البلدين إلى واشنطن وموسكو، لكن الخلافات ظلت قائمة في قضايا أخرى.
واستمرت القمة التي عقدت في فيلا “لا غرانش” المطلة على بحيرة في جنيف أقل من أربع ساعات، وهو وقت أقل بكثير مما قال مستشارو بايدن إنه كان متوقعا.
ووصف بوتين (68 عاما) بايدن (78 عاما) بأنه شريك بناء ومحنك وقال إنهما تحدثا “باللغة ذاتها”، لكنه أضاف أن القمة خلت من أجواء الصداقة وكانت أقرب إلى حوار براغماتي عن مصالح البلدين.
وقال بايدن إنه أبلغ الرئيس بوتين “بالحاجة لبعض القواعد الأساسية التي يمكن أن نلتزم بها جميعا”. وأضاف “فعلت ما جئت هنا لفعله”.
وبسبب تحديد مواعيد منفصلة للمؤتمرات الصحافية، فقد خلت الأجواء من المرح الذي صاحب اجتماع بوتين بالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في 2018.
وقال بوتين، الذي كان أول من تحدث إلى الصحافيين، إن الاجتماع كان بناء وخلا من المشاعر العدائية وأثبت رغبة الزعيمين في فهم بعضهما البعض.
وذكر أن من الصعب القول إن كانت العلاقات مع الولايات المتحدة ستشهد تحسنا، لكن هناك “بصيص أمل” فيما يتعلق بالثقة المتبادلة. ولم تُوجه دعوات لزيارة واشنطن أو موسكو.
وقال بايدن، الذي تحدث بعد ذلك بفترة قصيرة، إنه “لا بديل عن الحوار وجها لوجه” وإنه أبلغ بوتين بأن أجندته “ليست ضد روسيا” لكنها “لصالح الشعب الأمريكي”.
وأضاف أن المناقشات استمرت لفترة طويلة بشأن الحد من التسلح والهجمات الإلكترونية، حيث أبلغ بوتين بأن “البنية التحتية الحيوية ينبغي أن تكون خطا أحمر”.
وفي أشد تصريحاته، قال بايدن إن العواقب “ستكون وخيمة على روسيا” إذا توفي المعارض المسجون أليكسي نافالني.
وقال بايدن إن الأفعال التي أقدم عليها الرئيس الروسي “تضعف” وضع بلاده على الساحة العالمية.
وأضاف في مؤتمر صحافي “كيف سيكون الحال إذا انخرطنا في الأنشطة التي قام بها؟”.
ومضى يقول “هذا يضعف وضع بلد يحاول باستماتة ضمان الاحتفاظ بوضعه كقوة عالمية كبرى”.
وقال الزعيمان إن روسيا والولايات المتحدة تتشاطران المسؤولية عن الاستقرار النووي وستجريان محادثات بشأن التغييرات المحتملة لمعاهدة ستارت الجديدة للحد من التسلح التي جرى تمديدها في الآونة الأخيرة.
لكن بوتين لم يبد رغبة تذكر في تقديم تنازلات بشأن عدد من القضايا، رافضا بواعث القلق التي أبدتها واشنطن بشأن نافالني وتنامي الوجود العسكري الروسي قرب الحدود الشرقية لأوكرانيا، وتلميح واشنطن بأن مجهولين روسا مسؤولون عن سلسلة من الهجمات الإلكترونية في الولايات المتحدة.
وقال بوتين إن نافالني تجاهل القانون وكان يعلم ماذا سيحدث إذا عاد إلى روسيا من ألمانيا، حيث تلقى العلاج من محاولة داخل روسيا لقتله بالسم. كما اتهم كييف بخرق شروط اتفاق وقف إطلاق النار مع المتمردين الموالين لموسكو في شرق أوكرانيا.
وأضاف أن واشنطن وموسكو ستبدآن مشاورات بشأن أمن الإنترنت وقال إن معظم الهجمات الإلكترونية على روسيا جاءت من الولايات المتحدة.
وقال بايدن إنه أثار قضايا حقوق الإنسان وكذلك مصير المواطنين الأمريكيين المسجونين في روسيا. وقال بوتين إنه يعتقد أن بالإمكان التوصل لبعض التسويات لكن لم يبد أي مؤشرات على إبرام صفقات لتبادل السجناء.
لكن الحد من التسلح لا يزال مجالا أثبت التاريخ أن التقدم فيه ممكن رغم الخلافات الأوسع.
وفي فبراير شباط، مددت روسيا والولايات المتحدة لخمس سنوات معاهدة ستارت الجديدة، التي تحدد عدد الرؤوس النووية الاستراتيجية التي يمكن نشرها وتفرض قيودا على الصواريخ الأرضية والتي يمكن إطلاقها من غواصات والقاذفات التي تطلقها.
وتصافح بوتين وبايدن لدى وصولهما قبل دخول القاعة. ورفع بوتين إبهامه في مؤشر على الرضا للصحفيين لدى مغادرته الفيلا التي أجريت فيها المحادثات قبل أن يستقل سيارته الليموزين.
قال بوتين وهو يجلس بجانب بايدن “سيادة الرئيس أود أن أشكرك على مبادرتك باللقاء اليوم…العلاقات الأمريكية الروسية شهدت تراكم الكثير من القضايا التي تتطلب الاجتماع على أعلى المستويات”.
وقال بايدن إنهما سيحاولان تحديد مجالات التعاون والمصالح المشتركة. وقال “من الأفضل دائما أن نلتقي وجها لوجه”.
وذكر مسؤولون أن الجولة الأولى من المحادثات، التي ضمت بايدن وبوتين ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، استمرت قرابة ساعتين.
واستؤنفت المحادثات بعد فترة استراحة نحو الساعة الرابعة عصرا (1400 بتوقيت غرينتش) وانضم إليها عدة مسؤولين منهم سفير موسكو لدى الولايات المتحدة أناتولي أنتونوف، الذي استدعته موسكو في مارس آذار. وانتهت تلك الجولة الساعة 5:05 مساء (1505 بتوقيت غرينتش).
وتتدهور العلاقات بين موسكو وواشنطن منذ سنوات، لا سيما بعد أن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم في عام 2014 من أوكرانيا وتدخلت في سوريا عام 2015 واتهامات الولايات المتحدة، التي نفتها موسكو،بالتدخل في انتخابات 2016 التي أتت بدونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وزاد الوضع سوءا في مارس/ آذار عندما قال بايدن إنه يعتقد أن بوتين “قاتل”، مما دفع روسيا لاستدعاء السفير أنتونوف من واشنطن للتشاور. واستدعت الولايات المتحدة سفيرها في أبريل نيسان.
وقال بوتين اليوم إنه راض عن تفسير بايدن للتصريح.
وتضمنت قمة ترامب مع بوتين في هلسنكي اجتماعا حضره مترجمون فحسب لكن بوتين وبايدن لم يجريا أي محادثات منفردة.
ورفض ترامب، بينما كان يقف بجوار بوتين في هلسنكي في 2018، أن يلقي عليه مسؤولية التدخل في الانتخابات الأمريكية عام 2016، بل وشكك في النتائج التي توصلت إليها وكالات المخابرات الأمريكية، الأمر الذي قوبل بعاصفة من الانتقادات الداخلية.