هل حَسم مُحافظو إيران.. «معركة» الإنتخابات الرئاسية؟
بقلم: محمد خروب

النشرة الدولية –

وسط توقّعات بانخفاض نسبة المشاركة الشعبية في الإنتخابات الرئاسية/رقم13 والرئيس الثامن, التي تجري في إيران يوم غدٍ، رغم الدعوات التي أطلقها المرشد الروحي خامنئي والرئيس المنتهية ولايته روحاني, كما وزير خارجيته جواد ظريف الذي كاد يكون المرشح «المفضل/الاقوى» المدعوم من «جبهة الإصلاحات»، بما هي الهيئة التي تضم مُختلف التيارات الإصلاحية المؤثرة، لولا تسريب «الشريط السرّي» المُسجّل الذي انتقد فيه ظريف الجنرال قاسم سليماني قائلاً: إن الميدان انتصر على الدبلوماسية, قاصداً تصاعد نفوذ الحرس الثوري/فيلق القدس على حسا? الدبلوماسية التي يتولاها وزير الخارجية، ما أبقاه وحيداً في وجه عاصفة عاتية من الإنتقادات, الأمر الذي دفعه إلى إعلان عدم ترشّحه, ثم لاحقاً خلو قائمة معسكر الإصلاحيين من أي مرشح «قوي» بعد استبعاد مجلس صيانة الدستور معظم المرشحين الإصلاحيين وعلى رأسهم نائب الرئيس الحالي اسحق جهانغيري. ولم يُوافق سوى على سبعة مرشحين خمسة منهم من المحافظين واثنان محسوبان على الإصلاحيين, لكن دون دعم من جبهة الإصلاحات, أحدهما رئيس البنك المركزي السابق…عبدالناصر همّتي.

وسط أجواء كهذه تبدو الساحة الإيرانية مفتوحة على كل الإحتمالات, في ربع الساعة الأخير الذي يسبق فتح صناديق الإقتراع. خاصّة أن الناخبين الإيرانيين سجّلوا مفاجآت خالفت كل التوقعات واستطلاعات الرأي, عندما جاؤوا بالرئيس الإصلاحي محمد خاتمي/1997 وأيضاً خصوصاً عندما انتخبوا الرئيس الحالي الشيخ حسن روحاني/2013 بعد أن كانت هزيمته مؤكدة أمام أبرز رموز المحافظ على أكبر ناطق نوري, ثم جدّدوا له ولاية أخرى/2017 دون إهمال الفوز «المدوّي» لرئيس بلدية طهران الأسبق محمود أحمدي نجاد, الذي كاد أن يأخذ إيران إلى مُربع آخر عندما?«تمرَّد» على المرشد خامنئي, مُنتهِجاً سياسة خارجية بلا ضوابط أو كوابح لا يمكن التنبؤ بها. وها هو نجاد بعد رَفضِ طلب ترشّحه (للمرة الثانية..كانت الأولى عام 2017) يواصل انتقاداته اللاذعة للمؤسسة الحاكمة, مُوزعاً الإتهامات بالتواطؤ لمؤسسات نافذة في البلاد, ويخرج مقابلات على الهواء مع فضائيات لدول تراها طهران خصماً /عدوّاً لها.

استطلاعات تجريها مؤسسات إيرانية تمنح مُرشح المحافظين/رئيس السلطة القضائية..إبراهيم رئيسي, المرتبة الأولى في قائمة المرشحين السبعة (قد ينسحب بعضهم قبل فتح صناديق الإقتراع) وبفارق كبير عن الآخرين، لكن إحتمالاً كهذا قد ينقلب, إذا ما قرَّر الإصلاحيون الوقوف خلف عبدالناصر همتي…ليس بالضرورة كي يفوز على «رئيسي» من الجولة الأولى، لكن مُجرد تأهيله الى جولة ثانية قد تمنحهم فرصة تنظيم أنفسهم وشدِّ عصب جمهورهم, العازف عن المشاركة بعد تبدّد الآمال التي عقدوها على وصول روحاني الإصلاحي إلى رئاسة الجمهورية, وخصوصاً بعد ?نتخابه لفترة أخرى/2017، والتي شهدت انسحاب ترمب من الإتفاق النووي وفرضه عقوبات «الضغوط القصوى» على طهران, ما ساهم في اتساع دائرة البطالة والفقر والتضخم وانهيار العملة الوطنية وشحّ المواد الغذائية والمستلزمات الطبية بعد تفشّي جائحة كورونا.

ثمَّة مسألة أخرى ذات صلة بالداخل الإيراني, وهي عدم توصّل «المتفاوضين» في فينيا (4+1 مع إيران وبشكل غير مباشر مع الوفد الأميركي) إلى صيغة لإحياء الإتفاق النووي، رغم التصريحات المتفائلة عن قرب التوصّل إليه «قبل» الانتخابات الرئاسية, ما دفع البعض للشك بوجود «رغبة» إيرانية/أميركية بـ”تجيير» هذا الإنجاز للرئيس الإيراني الجديد, والذي قد يكون مُرشح المحافظين الأبرز إبراهيم رئيسي, خصوصاً أن انفراجاً اقتصادياً ومالياً وانتعاشاً في الأسواق والإستثمارات وإيرادات النفط والغاز, سيعقب رفع العقوبات الأميركية حتى لو كانت ?ُتدرّجة, ما سيصب في مصلحة المحافظين.

والحال فإن إيران إذا ما فاز إبراهيم رئيسي, ستكون في قبضة المعسكر المحافظ على نحو شبه كامل. فهذا المعسكر يتوفر على أغلبية مقاعد مجلس الشورى(221 من أصل290) كذلك مجلس صيانة الدستور وخصوصاً مجلس خبراء القيادة, صاحب القرار في تعيين وعزل قائد الثورة/المرشد الروحي, وسط حديث متواتر عن إعادة إحياء منصب رئيس الوزراء الذي كان أُلغي عام 1989.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button