سعوديات: أخيرا نستطيع استئجار بيوت بأسمائنا

النشرة الدولية –

قبل نحو عام تداول مغردون وسم بعنوان “#القضاء_يسقط_التغيب” في موقع تويتر، حيث رحب كثير من السعوديين فيه بقرار قضائي يرفض دعوى أب ضد ابنته التي قررت أن تعيش في سكنٍ مستقل.

وبالرغم من معارضة البعض لقرار المحكمة آنذاك، كانت تلك القضية الشرارة الأولى التي سبقت إلغاء ما يعرف بـ “بلاغ التغيب” الذي يسمح لأولياء الأمور الذكور في السعودية بالشكوى لدى الجهات المختصة ضد أبنائهم الذين يرغبون بالسكن بشكل منفصل عن منازل أهاليهم.

في وقت سابق من الشهر الحالي، أفادت وسائل إعلام سعودية بإجراء تعديل في نظام المرافعات الشرعية يمنح المرأة الراشدة حق الاستقلال بنفسها في مسكنها بصرف النظر عن حالتها الاجتماعية.

ويمنع التعديل الجديد إجبار المرأة بقوة القانون على الإقامة مع محرمها ضد رغبتها، وفقا للمادة 169 الفقرة (ب) من نظام المرافعات الشرعية، ما يشير إلى أن المحاكم السعودية لن تعترف بدعاوى “بلاغ التغيب” مستقبلا، طبقا لما نقلته صحيفة “مكة”.

ولدى حديثهن لموقع قناة “الحرة”، رحبت نساء سعوديات بأحدث قرارات المملكة التي تأتي ضمن حزمة الإصلاحات الاجتماعية خلال السنوات الأخيرة، مما مكن المرأة من العمل وقيادة السيارة والسفر دون إذن من وليها.

وأشادت هؤلاء الفتيات بالإصلاحات التي عمل عليها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان منذ توليه منصبه العام 2017، خاصة الحقوق الجديدة التي منحت للمرأة.

“بهجة وأمل”

في الماضي، كانت النساء السعودية يواجهن صعوبات في استئجار مساكن خاصة، حتى بعد الحصول على إذن أسرهم.

تقول السعودية تغريد بندر، 38 سنة: “أعيش بمفردي منذ 10 سنوات لظروف عملي بمدينة مختلفة عن المدينة التي يسكن فيها أهلي”.

وتشير تغريد خلال حديثها لموقع “الحرة” إلى أن المعاناة سابقا تتمثل في “عدم استقبال امرأة ترغب بالعيش لوحدها إلا ببطاقة العائلة أو وجود محرم (أحد الأقارب الذكور الذين لا يجوز شرعا الزواج منهم)”.

وتلجأ السعوديات في مثل هذه الظروف إلى استئجار شقق بأسماء أقاربهم أو محارمهم للتحايل على رفض الملاك والعقبات القانونية.

“بعد القرارات الجديدة أمتلك الآن سكني الخاص باسمي وأعيش بكامل استقلاليتي”، كما تقول تغريد بسعادة غامرة،
فيما تحدثت المواطنة السعودية روان أحمد البالغة من العمر (29 عاما) عن مشكلة مماثلة تتمثل في عدم السماح لها باستئجار سكن باعتبار أنها امرأة ليس لها محرم.

وقالت روان لموقع “الحرة” إن القرار الجديد “سينهي إشكالية عدم تأجير النساء لمنازل خاصة، مردفة: “كانت مكاتب العقار ترفض تأجير النساء اللائي يرغبن بالعيش لوحدهن، حيث يلجأن لطرق غير قانونية للحصول سكن مؤجر”.

روان التي تعمل كمهندسة معمارية في العاصمة الرياض، انتقلت من مدينة جدة (غرب السعودية) بعد حصولها على فرصة وظيفية أفضل كما هو الحال بالنسبة لتغريد التي تعمل في القطاع المصرفي.

وبعد القرار الجديد، تقول تغريد إنها استقبلت الخبر “بكل بهجة وأمل”، مضيفة: “علمت تماما أننا نسير في الطريق الصحيح خاصة بعد سلسلة القرارات السابقة التي لا تقل أهمية عنه مثل قيادة المرأة وإمكانية استخراجها لأوراقها الرسمية دون وجود محرم”.

وأشارت إلى أن “تلك القرارات القاطعة تماشت أيضا مع حفظ حقها من التعدي لفظيا أو جسديا من أي قريب وهذا يعزز موقف أي قانون جديد”.

“الزواج دون وجود محرم”

التعديل الصادر مؤخرا لا يمس مباشرة الفتيات اللواتي يرغبن بالانتقال لسكن بعيدا عن منازل أهاليهم، بل يؤثر أيضا في حياة الفتيات الذين ينهون أحكاما قضائية ويرفض أولياء أمورهم استلامهن.

وفي هذا الصدد، قالت الإعلامية المهتمة بقضايا المرأة، مها أحمد، إن “القرار الجديد ينهي معاناة كبيرة للنساء ليس فقط للواتي يرغبن بالاستقلال في السكن، بل حتى للفتيات اللائي يخرجن من السجن ويرفض ذوييهم استقبالهم”.

تشير أحمد خلال حديثها لموقع قناة “الحرة” إلى أن تلك الفتيات يتم تحويلهن لدور الرعاية سيئة السمعة التي تعتبر بمثابة سجون فعلية بحسب وصفها.

ودار الرعاية هي مؤسسة حكومية مخصصة لإيواء الفتيات اللواتي يرفض أهاليهن وجودهن ضمن نطاق الأسرة لأسباب تتعلق بـ “العار والشرف” وذلك بحسب أعمارهن، علاوة على صدور أحكام قضائية ضد فتيات “منحرفة” أو “قابلة للانحراف بسبب ظروف معينة”.

وتابعت أحمد: “يتيح القرار أيضا للأرامل والمنفصلات عن أزواجهن الاستقلال بمنزل مع أبناءهن دون الحاجة إلى العودة لمنزل الأب. كل هذا جاء بعد حزمة إصلاحات هائلة للمرأة السعودية منها منع الزواج لمن هم أقل من 18 عاما”.

وفي 2018، منحت السعودية المرأة حق قيادة السيارة بعد سنوات من الجدل، فيما أصدرت لاحقا قوانين تسمح للنساء بالسفر وإصدار الوثائق الشخصية وإنهاء المعاملات الحكومية دون إذن من ولي الأمر الذي كانت موافقته ضرورية في فترة سابقة.

وبشأن تطلعاتهن نحو مزيد من الإصلاحات، قالت تغريد بندر إن الشيء الوحيد المتبقي هو السماح للمرأة بالزواج دون اشتراط موافقة محرم.

تشرح بندر قائلة: “جميع القرارات ذات الأهمية في حق المرأة تمت بالفعل، فعلى سبيل المثال، المرأة المطلقة التي كانت لا يمكنها إثبات نسب أطفالها أصبح بإمكانها إصدار بطاقة عائلة باسمها وأسماء أطفالها ما سهل كثير من الأمور الدراسية (…) هذا جعل الأم تعد بمثابة عائل موازٍ للأب ولا يقل عنه أهمية (…) القرار الوحيد الذي تبقى هو زواج المرأة دون وجود محرم”.

وأوضحت بندر أن القرارات الإصلاحية ليست في صالح المرأة فقط، بل هي في صالح كامل المجتمع السعودي، لافتة إلى أن الدولة “تسير في الطريق الصحيح لتحقيق طموحات الشعب بقيادة ولي العهد”.

وتابعت: “استقلالية المرأة تجعلها عنصر فعال في المجتمع يملك قراره بمفرده ويعمل بحرية على نهضة بلاده دون قيود”.

أما أحمد فتقول “إننا ننتظر المساواة الكاملة في كل شيء”، بما في ذلك تمكين المرأة في المناصب الرفيعة.

ووصلت المرأة في المملكة خلال السنوات السابقة لمناصب قيادية تتمثل في نائب وزير وسفيرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button