(فيديو) مراكز اقتراع خالية تحرج المتشددين بانتخابات الرئاسة الإيرانية
النشرة الدولية –
الحرة –
نشر راديو “أوروبا الحرة“، الجمعة، مقاطع فيديو تم تجميعها سويا، لم يتسن له التحقق منها، إلا أنها تُظهر ضعف الإقبال على مراكز الاقتراع المخصصة للانتخابات الرئاسية، في مدن إيرانية عدة.
وصورت إحدى الناشطات سرًا مقطع فيديو في العاصمة الإيرانية، طهران، وقالت فيه إن الشرطة “لا تسمح لنا بالتقاط الفيديوهات”.
ولا يظهر في الفيديو سوى اصطفاف بضعة أشخاص على باب أحد مراكز الاقتراع في العاصمة.
وظهر صوت شخص في أحد المقاطع، قال فيه إن الساعة كانت 12:00 ظهرا في مدينة أورمي، وأنه لا آثار لوجود أشخاص يرغبون بالتصويت في المركز المخصص لذلك.
وقال “إنها خالية تماما ولا يوجد أحد بالداخل”، وأضاف “قد ترى شخصا واحدا يأتي كل 5-10 دقائق”.
وصور آخر مقطع فيديو في أحد شوارع مدينة تبريز، وقال “إنها خالية تماما”.
وأضاف أن أهالي المدينة يقولون “لا للتصويت”، وتابع “حولنا المدينة إلى مدينة أشباح”.
وأدلى الإيرانيون بين صباح الجمعة وفجر السبت بأصواتهم لاختيار رئيس جديد للجمهورية، في انتخابات يُتوقع أن تصب نتيجتها في صالح المحافظ المتشدد، إبراهيم رئيسي، وتأتي في خضم أزمة اقتصادية واجتماعية حادة.
وبعد قرابة 19 ساعة من التصويت، أقفلت مراكز الاقتراع أبوابها عند الثانية فجر السبت (21:30 بتوقيت غرينتش ليل الجمعة)، وفقا للإعلام الرسمي.
ودُعي أكثر من 59 مليون إيراني ممن أتموا الثامنة عشرة إلى التصويت، اعتبارا من السابعة صباح الجمعة. وفي حين كانت فترة الاقتراع مقررة حتى منتصف الليل، مددت المهلة ساعتين إضافيتين، وهو ما كانت السلطات قد ألمحت سابقا الى احتمال حصوله في حال الحاجة، لا سيما بوجود الإجراءات الوقائية من كوفيد-19.
ويُتوقع إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الثالثة عشرة في تاريخ الجمهورية الإسلامية (اعتبارا من 1979)، بحلول ظهر السبت (07:30 بتوقيت غرينتش).
وخاض السباق أربعة مرشحين من الذين نالوا الأهلية من مجلس صيانة الدستور. وواجه المجلس انتقادات لاستبعاده أسماء بارزة مرشحة، ما أثار هواجس من تأثير ذلك سلبا على المشاركة.
وفي غياب منافس جدّي، يبدو رئيس السلطة القضائية، رئيسي (60 عاما)، الأوفر حظا للفوز بولاية من أربعة أعوام، خلفا للمعتدل حسن روحاني، الذي لا يحق له الترشح هذه المرة بعدما شغل منصب رئيس الجمهورية لولايتين متتاليتين، اعتبارا من 2013.
إلا أن بعض الدورات الانتخابية الرئاسية في إيران، لا سيما منذ عام 1997، شهدت تسجيل نتائج مخالفة للتوقعات، خصوصا في 2005 مع محمود أحمدي نجاد، وفي 2013 مع روحاني.
وفي حال عدم نيل أي من المرشحين الغالبية المطلقة، تجرى دورة ثانية، في 25 يونيو، بين المرشّحَين اللذين حصدا أعلى عدد من الأصوات.
تحديد مصير “لعدة سنوات”
وأطلق المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي، اليوم الانتخابي بإدلائه بصوته، بعيد السابعة صباح الجمعة، في طهران، مكررا الدعوة الى مشاركة كثيفة لأن “ما يفعله الشعب الإيراني اليوم، يحدد مصيره ويبني مستقبله لعدة سنوات”.
وتُعد نسبة المشاركة موضع ترقب، علما بأن أدنى نسبة مشاركة في انتخابات رئاسية في الجمهورية بلغت 50,6 بالمئة، وسجلت في عام 1993.
وقبل انتخابات 2021، توقعت استطلاعات رأي ووسائل إعلام محلية مشاركة بحدود 40 بالمئة.
ولم تُصدر السلطات أرقاما رسمية حتى إقفال أقلام الاقتراع. لكن وكالة “فارس” التي تعد قريبة من المحافظين المتشددين “الأصوليين”، أفادت بأن النسبة بلغت 37 بالمئة، حتى الساعة 19:30 مساء الجمعة، مشيرة إلى احتمال تخطيها عتبة 50 بالمئة.
وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة قبل أربعة أعوام 73 بالمئة، في حين شهدت الانتخابات التشريعية في فبراير 2020، نسبة امتناع قياسية بلغت 57 بالمئة.
“المرشح الأكثر كفاءة”
وشهدت البلاد حملة من دون حماسة تذكر. وفي شوارع العاصمة، الجمعة، تفاوتت آراء الناخبين بشأن الاقتراع من عدمه.
وقال محمد جواد بور زاده “من المهم المشاركة في الانتخابات، وكل فرد يصوت حسب رأيه. لقد انتخبت اليوم”.
وأكدت ممرضة اكتفت بذكر اسم عائلتها (صاحبيان) أنها ستصوت لرئيسي “المرشح الأكثر كفاءة”.
ومنح مجلس صيانة الدستور الأهلية لخمسة مرشحين من المحافظين المتشددين واثنين من الإصلاحيين، قبل أن ينسحب ثلاثة منهم، الأربعاء.
ويواجه رئيسي، رجل الدين الذي يعد مقربا من خامنئي، المتشددَين محسن رضائي، القائد السابق للحرس الثوري، والنائب أمير حسين قاضي زاده هاشمي، والإصلاحي عبد الناصر همتي، حاكم المصرف المركزي منذ 2018 حتى ترشحه.
وحصد رئيسي 38 بالمئة من الأصوات في انتخابات 2017، وتولى مناصب عدة على مدى عقود، خصوصا في السلطة القضائية، وكان سادن العتبة الرضوية في مسقطه مدينة مشهد المقدسة (شمال شرق).
كذلك، تطرح وسائل إعلام إيرانية اسمه كخلف محتمل للمرشد.
واستبعد مجلس صيانة الدستور مرشحين بارزين، مثل الرئيس السابق لمجلس الشورى، علي لاريجاني، ونائب رئيس الجمهورية، إسحق جهانغيري، وأحمدي نجاد، الذي تولى رئاسة البلاد بين العامين 2005 و2013.
وفي حين يؤكد المجلس الذي يهمين عليه المحافظون التزامه القانون في درس الأهلية، أعطى استبعاده أسماء كبيرة، خصوصا لاريجاني الذي كان يُتوقع أن يكون أبرز منافس لرئيسي، الانطباع بأن الانتخابات حسمت سلفا.
ودعا خامنئي مرارا في الآونة الأخيرة إلى المشاركة بكثافة وتجاهل حملات من معارضين في الخارج وعلى مواقع التواصل، للامتناع عن ذلك.
كما حضّ روحاني، الجمعة، على المشاركة، قائلا “الانتخابات مهمة مهما جرى (…) علينا الذهاب إلى التصويت”.
لكن توجّه بعض سكان طهران أتى مغايرا.
وقال النجار، حسين أحمدي، إن “الوضع الراهن لا يترك لنا أي خيار آخر سوى الصمت والبقاء في المنزل، على أمل أن يؤدي ذلك الى إسماع أصواتنا”.
واعتبر التاجر، سعيد زارعي، أنه “في حال قمت بالتصويت أم لا، لقد تم انتخاب أحدهم بشكل مسبق”.
وأكد الرئيس السابق، أحمدي نجاد، رفضه “أن أكون جزءا من هذه الخطيئة”.
الاقتصاد أولوية
ويحظى الرئيس في إيران بصلاحيات تنفيذية ويُشكل الحكومة، لكن الكلمة الفصل في السياسات العامة تعود للمرشد الأعلى.
وستطوي الانتخابات عهد روحاني، الذي بدأ في 2013، وتخلله انفتاح نسبي على الغرب، توّج بإبرام اتفاق العام 2015 بين طهران والقوى الكبرى بشأن برنامج إيران النووي، بعد أعوام من التوتر.
وأتاح الاتفاق رفع عقوبات عن طهران، مقابل الحد من أنشطتها النووية. لكن مفاعيله انتهت تقريبا مذ قرر الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، سحب بلاده أحاديا منه وإعادة فرض عقوبات اقتصادية قاسية على إيران.
وتتزامن الانتخابات مع مباحثات تجري في فيينا بين إيران وأطراف الاتفاق، وبمشاركة أميركية غير مباشرة، سعيا لإحيائه. وأبدى المرشحون تأييدهم أولوية رفع العقوبات والتزامهم الاتفاق النووي إذا تحقق ذلك.
وشهدت مدن عدة احتجاجات على خلفية اقتصادية، في شتاء 2017-2018 ونوفمبر 2019، اعتمدت السلطات الشدة في قمعها.
وسيكون الوضع المعيشي أولوية للرئيس المقبل، وهو ما شدد عليه خامنئي بدعوته المرشحين إلى التركيز على الشأن الاقتصادي.