ولد عبد عزيز أول رئيس موريتاني يسجن بتهم فساد… امتنع عن المثول أمام اللجنة متحججاً بحصانة تمنحها له مادة دستورية
النشرة الدولية –
اندبندنت عربية – أقريني أمينوه –
في الذكرى الثانية لانتخاب الرئيس الموريتاني الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني، أحال قطب التحقيق المعني بمحاربة الفساد، الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز إلى السجن، بعد مخالفته إجراءات المراقبة القضائية المشددة عليه منذ (آذار) مارس الماضي.
بداية القصة
في مطلع عام 2020، شكّل البرلمان الموريتاني لجنة تحقيق، مهمتها التقصي في 11 ملفاً يُعتقد أن تسييرها طالته شبهات فساد، وحين خرج التقرير إلى العلن بعد سبعة أشهر من العمل، استمع خلالها النواب لمئات المسؤولين الحكوميين، فيما امتنع الرئيس السابق ولد عبد العزيز عن المثول أمام اللجنة، متحججاً بحصانة تمنحها له مادة دستورية، فوجهت إليه النيابة العامة تهماً بالفساد وغسيل الأموال والإثراء غير المشروع.
حزب الرئيس يستنكر
قبل أشهر، انخرط الرئيس السابق في حزب الرباط الوطني من أجل الحقوق وبناء الأجيال وهو الحزب المعارض الذي تأسس قبل خمسة أعوام، وتحالف مع ولد عبد العزيز خلال الأشهر الأخيرة، وأعلن “اندماجه” مع أنصار الرئيس السابق.
هاجر أنصار عزيز كما يُطلق عليه إلى الحزب، وكوّنت نشاطاتهم الحزبية قاعدة سياسية لانتقاد ما تعرّض له زعيمهم.
في المقابل، يقول القيادي في الحزب والوزير السابق المهندس محمد ولد جبريل، “ما أقدم عليه النظام الحاكم في موريتانيا هو انتهاك صارخ للدستور الموريتاني في حق الرئيس. وكما تعلمون فإن محمد ولد عبد العزيز سلّم السلطة في انتخابات 2019 وقرر البقاء في المعترك السياسي، إلا أن ذلك لم يرُق للنظام الحالي الذي قرر منذ عامين شن حملة دعائية شرسة ضد الرئيس السابق واتهامه في ما أصبح يُسمّى بحملة تصفية الحسابات السياسية في البلاد ضد عزيز”.
واعتبر ولد جبريل أن “النظام فشل في حملته فشلاً ذريعاً بعدما اتضح للرأي العام الوطني، أن هذه الحملة الهدف منها إخراج الرئيس السابق من المعترك السياسي ومنعه من حقه في الانتماء لحزب سياسي ومن التعبير عن مواقفه في ما يجري في البلد ولم ينجح أيضاً بعدما فشلت الحكومة في تدبير شؤون الدولة وموريتانيا تعرف أزمة ارتفاع أسعار خانقة وأيضاً أزمة أمنية واجتماعية، برهنت على ضعف النظام في التصدي لمشكلات الشعب”.
وخلص ولد جبريل إلى أن “ارتفاع عدد الداعمين للرئيس السابق في الأشهر الأخيرة شكّل هاجساً للنظام، مما دفعه في البداية إلى وضعه تحت الإقامة الجبرية ومن ثم إحالته أمس إلى السجن”.
أنصار النظام يدافعون
إحالة الرئيس السابق إلى السجن يقرأها أنصار الرئيس الموريتاني الحالي بشكل مغاير. ويرى المحلل السياسي المقرب من النظام الموريتاني عبد الله اشفاغ المختار أن “الملف بيد العدالة الموريتانية وسيظل كذلك إلى أن تكتمل مراحل التقاضي. وأعتقد أن العدالة لم تقبل بالاستهتار بهيبتها (في إشارة إلى رفض الرئيس السابق التوقيع في مخفر الشرطة)”.
تاريخ طويل من سجن الرؤساء
التاريخ السياسي المعاصر في موريتانيا، مليء بقصص سجن الرؤساء السابقين، فغالبية الرؤساء الموريتانيين تعرّضوا للحبس، إذ سُجن المنقلبون على أول رئيس للجمهورية المختار ولد داداه في سجن ولاته شرق موريتانيا، كما سجن الرؤساء المصطفى ولد محمد السالك ومحمد خونه ولد هيدالة وسيدي محمد ولد الشيخ عبد الله.
فرض إجراءات أمنية خاصة
في المقابل، فرضت السلطات الموريتانية إجراءات أمنية مشددة في محيط قصر العدل خلال الاستماع إلى الرئيس السابق، وتزامناً مع صدور قرار إحالته إلى السجن، ومنع الأمن أي تجمعات، بخاصة أن إحالة الرئيس السابق تُصادف يوم اجتماع الحكومة الأسبوعي الذي عادة ما يُنظم فيه أصحاب القضايا وقفات احتجاجية.
وينتظر أن يوضع ولد عبد العزيز في شقة خاصة لمدة أسبوعين، بسبب الإجراءات الصحية المفروضة المصاحبة لجائحة كورونا، قبل أن يُنقل إلى سجن، لم يحُدد بعد.