سعيد والبوعزيزي قلبا أنظمة الحكم فهل ينتصر الفلسطينيون لدم نزار؟
النشرة الدولية – صالح الراشد –
تتبع الدول العربية ذات النهج ويسقط الرؤساء بذات الطريقة، فغالبيتهم العظمى يبحثون عن تنصب أولادهم مكانهم من أجل الحفاظ على مكتسابت العائلة، وثرواتها التي نهبوها من الشعوب التي حكموها بالحديد والنار، ويبدو ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس يسير على طريق محمد حسني مباراك الذي بحث بقوة عن توريث أبنه الحكم في مصر، لكنه سقط بقسوة وغادر منصبه وسط غضب المصريين، وينسحب الأمر على التونسي زين العابدين بن علي الذي كان يُفاضل بين أزواج بناته لتولي الحكم وكان اقربهم سعيد شيبوب، لكن الاقدار كانت أسرع فهرب خارج البلاد للنجاة بحياته وهروباً من المُحاكمة، واليوم يقوم عباس بالبحث عن الطريق لتولي إبنه طارق السلطة، لكن يبدو أن مصيره سيكون نفس مصير مبارك بالسجن أو بن علي بالهروب حيث أموال ولده التي حصل عليها بفضل إستغلاله لمنصب والده، وهذا أمر بالدور الوطني الذي تقوم به الأجهزة الأمنية والتي حمت الشعب في مصر وتونس، فهل تفعلها الأجهزة الأمنية وتحمي الشعب أم تسير على طريق الدم العربي.
سعيد والبوعزيزي
لقد عانت هذه الدول الثلاث ” مصر وتونس وفلسطين” من فساد كبيرهز أركانها وجعلها عرضة للسقوط في اي لحظة، ليكون الإنقاذ بدماء شعوب مصر وتونس الذين رفضوا الإنصياع لحكم الفساد فخرجوا بالملايين حتى اسقطوا الأنظمة، وكان السبب المباشر لنهضة الشعوب هي الدماء التي نزفت والأرواح التي أُزهقت بظلم صارخ، ففي مصر تم قتل الناشط السياسي خالد سعيد في سجون مبارك وفي تونس قام محمد البوعزيزي بحرق نفسه قهراً من ظُلم رجال زين العابدين بن علي، لتنهض الشعوب ويتساقط الرئيسين اللذين قضيا نحبهما دون أن يترحم عليهم ابناء الدولتين، لكن يبدو أن الرئيس محمود عباس لا يُجيد قراءة التاريخ لذا سيقسط بذات الطريقة وربما لن يجد من يقرأ على روحة الفاتحة حتى قاضي قضاة فلسطين محمود الهباش.
طارق عباس والطريق المسدود
سؤال كبير يطرحه المتابعون لما يحصل في فلسطين، فهل سيرث طارق والده كما ورث بشار الاسد والده كون بشار احتل منصب هام في حزب البعث، أم سيتكرر المشهد المصري حين فشل حسني مبارك في توريث إبنه جمال رغم انه اصبح الأمين العام المساعد وأمين عام سياسات الحزب الوطني الحاكم، لذا يبحث عباس عن الطريق المناسبة لزج ولده في فتح والمنظمة من أجل تسهيل عملية التوريث والتي أفسدها الجيش المصري ورفض تولي جمال فيما نجحت سياسة الحزب في سوريا بالحفاظ على منصب الرئيس.
ويتميز طارق عباس بأنه رجل أعمال ناجح بفضل تدفق المال العالمي الممنوح للشعب الفلسطيني بين يديه، ويقوم باستغلاله في مجال الفنادق حيث اشترى فنادق في عديد الدول، وهو يدرك أنه اذا تولى الحكم اي سياسي غيره أو غير رجل من المخلصين لوالده، فسيتم متابعته من خلال المحاكم الدولية لاستعادة المال الفلسطيني المنهوب، وهذا يعني ان امبراطورية عباس خارج فلسطين قد شارفت نهايتها وأنه لن يكون قادراً على جعل ابنه وريث شرعي في ظل تزاحم القيادات الفلسطينية على منصب الرئيس الذي نتوقع أن يصبح شاغراً في القريب العاجل.
دم بنات ينير الطريق
كما ذكرت وعلى طريق خالد سعيد الذي شكل منارة جديدة للاسكندرية في مصر، ومحمد البوعزيزي الذي أنار سماء تونس، ياتي اليوم الدور على دماء الناشط الفلسطيني نزار بنات لتُنير الطريق أمام الشعب الفلسطيني للحصول على حريته، وهنا يأتي الدور على عباس فهل سيحافظ على بقية الدم الفلسطيني ويسير على درب الرئيسين حسني مبارك وزين العابدين بن علي بترك السلطة، أم أن عباس سيتمسك بالسلطة حتى الرمق الأخير على الطريقة اليمنية والليبية ويتم قتله في النهاية، أم سيصمد على طريقة بشار الاسد ويتسبب بهجرة من بقي من الشعب الفلسطيني الصامدين على أرضهم، ليقدم الخدمة الأعظم للكيان الصهيوني بتفريغ فلسطين من أهلها بفضل حرب أهلية داخلية لا تُبقي ولا تذر.
من الرئيس القادم؟
وهنا يبرز السؤال الأهم في مستقبل القضية الفلسطينية، وهو من سيتولى السلطة بعد عباس؟، ومن المؤكد ان قادة منظمة التحرير الذين حاربوا الصهاينة لسنوات طوال لن يسمحوا لطارق عباس أن يرث السلطة كونه ليس من رجال الخنادق في اي من فترات حياته، حتى وان رغبوا في استمرار تدفق المال لجيوبهم، لذا فإن هناك رئيس الوزراء محمد شتية لكنه غير مرغوب من غالبية أعضاء القيادة كما لا يملك اي ولاء من الأجهزة الأمنية، والتي تفضل بدورها الفريق جبريل الرجوب لتولي الرئاسة، فيما يرفض الجميع تولي محمد دحلان منصب الرئيس بل يرفضون دخوله لفلسطين، كما لا يستطيع اي من القادة العسكريين الحلم بتولي السلطة كونهم تابعين لقيادات سياسية، ويبقى الرأي العربي والذي لا يمانع في مجملة على تولي الرجوب أو شتيه المنصب بدوره يحظى دحلان بدعم عربي محدود، فيما الدعم الصهيوني يدعم بصورة مؤكدة دحلان وشتية وبصورة اقل الرجوب، لذا فإن التوقعات تُشير إلى مواجهات صاخبة لتولي السلطة بعد عصر عباس، مما يجعل القيادات الفلسطينية والشعب الفلسطيني البطل على المحك، لذا فإن السيناريو الذي سنشاهده في قادم الايام سيكون صعباً ومحيراً.