فلسطين بين “قميص نزار” والإصلاح السياسي
بقلم: صالح الراشد

النشرة الدولية –

تسير فلسطين بشعبها وقيادتها وأرضها على حافة السكين، تبحث عن الطريق الصواب بعد وصولها لمفترق صعب لا يوجد فيه إلا إتجاهين لا ثالث لهما، فاما الإصلاح السياسي الحقيقي القائم على العدل والمساواة والحرية وبالتالي النجاة بالوطن، أو الفوضى التي ستأخذ في طريقها كل ما تم بنائه في السنوات الماضية ، وقد تعصف هذه الفوضى بتاريخ القضية ونضالها على مدى عقود من الزمن، لذا فالحل لا يحتاج لتجار المواقف والأوطان، كما لا يحتاج لمن يتبنون قضية نزار بنات على طريقة “قميص عثمان” التي عصفت بالأمة الإسلامية وكانت أهدافها وغايتها البحث عن مكاسب سياسية خاصة، فالشعب الفلسطيني الأكثر صبراً بين شعوب الأرض قد أصابه الملل من هذه النوعية المتسلقة من الأشخاص على حوادث التاريخ، والذين نجحوا لسنوات في تحويل فلسطين بتاريخها وحاضرها ومستقبلها إلى إقطاعيات خاصة مسترجعين زمن العبودية باسوء صوره.

 

فالسلطة الفلسطينية تقود الشعب صوب الفوضى بالتشارك مع المواطنين الرافعين ل”قميص عثمان” أقصد قميص نزار المُلطخ بدمه، كون كل منهما يتمترس خلف أفكار خاصة غير قابلة للحوار، وهذه كارثة حقيقية حيث يختفي المنطق والفكر ويصبح الشارع هو الحكم، وربما يتطور الوضع وينتقل للسلاح الذي يحكم بالإعدام على الطرفين، لذا فإن المطلوب حالياً من السلطة الوطنية إذا ما أرادت أن تُثبت وطنيتها اللجوء للأمن الناعم، وأن تتحول المؤسسات الأمنية من حماية الفرد والشخص إلى حماية الوطن على الطريقة التونسية التي أنتجت التغير الأسلم والأكثر سلاسة وأماناً في المنطقة العربية، كما على الأمن أن ينقل صورة الأمان للمواطنين الذين يرتعبون من تكرار طريقة قتل نزار ويرتعبون من أن يكونوا هم الضحايا القادمين.

 

وأقر عدد كبير من رجال السياسة في فلسطين بأن منظمة التحرير الفلسطينية بحاجة إلى إصلاح، وكانت التوقعات الفلسطينية أن يتم ذلك في وقت قياسي كون مواقع الخلل معروفة لجميع العاملين في العمل السياسي، وفي مقدمتها دكتاتورية القرار وعدم ضمها لممثلين عن جميع الفصائل كما تغيرت بوصلتها من الكفاح المسلح إلى التنسيق الأمني، وهذه قضايا كفيلة بخروج العديد من التنظيمات من بيت المنظمة الذي اصبح أكثر هشاشية، وبالتالي افتقدت التمثيل الحقيقي للشعب الفلسطيني بصورتها الحالية التي تدعم القرار الغربي أكثر من الحق الفلسطيني، لكن الغريب ان الإصلاح الذي تبناه الكثيرون لم يتحقق بسبب خوف المتنفذين في المنظمة من خسارة مكاسبهم الشخصية، وهؤلاء رجال الظل والقرار حولوا القضية الفلسطينية إلى “أوكزيون” للتنازلات عن المواقف والشعارات التاريخية التي نشأت عليها منظمة التحرير، وكسبت تأييد الفلسطينين بسببها حين  كانت مدرسة عظيمة لأشجع شعوب الأرض.

 

الغريب في الأمر ان عدد المرتعبين من الإصلاح في فلسطين لا يتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة، ويتبع هؤلاء الأشخاص مجموعات من أذرعهم في الأجهزة الأمنية والمراكز السياسية ورجال الإقتصاد ، لذا رفض هؤلاء الإصلاح وقرروا خوض التحديث والمسير عكس التيار الشعبي مراهنين على نجاة مستقبلهم أكثر من الإرتقاء بمستقبل فلسطين، ليزداد تغولهم على الوطن متسلحين بالدعم الصهيوني والأمريكي وبعض الدول العربية، وهذا يعني أنهم لم يتعلموا الدرس من محمد رضا بهلوي شاه إيران والرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك والتونسي زين العابدين بن علي حين تخلت عنهم الدول الداعمة وتركتهم يتحملون لوحدهم جريرة أفعالهم، وعلى الخمس الكبار أن يتعلموا بأنه لا صديق دائم في السياسة، وان الدول الداعمة لهؤلاء الخمسة لن تتاجر بهم طويلاً حيث ستتخلص منهم مع أول هبة لنسائم الربيع السياسي في فلسطين.

 

وحتى يتم إصلاح الهيئة السياسية الفلسطينية، يجب في البداية محاكمة من أعطوا القرار بقتل نزار بنات وليس المنفذين فقط والذين يشكلون المسدس باليد، حيث لم نسمع في التاريخ بأن قاضيا حكم بسجن مسدس قُتل به بريء، وبالتالي سيشعر المواطن الفلسطيني بأن هناك قانون يحميه وسلطة تبحث عن حقه، رغم أنها مقصرة في حماية الشعب الفلسطيني من التغول الصهيوني، وتكتفي بالتنديد والإبقاء على التنسيق الأمني المُقدس حسب وجهة نظر الرئيس محمود عباس،  كما أنه لا يحق لأي فصيل أن يتسيد المشهد على أنه صاحب الإنتصارات، كون هذا الأمر يعني إقصاء النضال والمقاومة بالطرق السليمة من القاموس الفلسطيني، وهذا يعني أيضاً أن فلسطين ستذهب في طريق اللاعودة.

 

فصاروخ المقاومة يحتاج لدعم سياسي، وكلاهما يحتاجان للدعم الإقتصادي والتعليمي والصحي والفني والرياضي، ولكل من هؤلاء دور في ترسيخ إسم فلسطين في فكر شعوب العالم لكن بطرق مختلفة وخاصة، وبالتالي يصبح النجاح شمولياً في الإرتقاء بالقضية الفلسطينية، لذا على فتح التي أدت رسالتها بصورة وطنية في سابق الأيام أن تثبت بأنها لا تزال حاملة المشعل باحتواء الجميع، وعليها رفض الإعتداء على أي فلسطيني مهما اختلف معها بالفكر، وهذا الدور مطلوب من حماس التي ظهرت منذ سنوات وعليها أن تخوض تجربة العمل السياسي كما العسكري، وكيف تسير مع المنظمات الفلسطينية جنباً إلى جنب في الذود عن الوطن السليب، وبالتالي فإن الإصلاح يجب أن يكون شمولياً لفتح وحماس وبقية الفصائل حتى يتم إصلاح منظمة التحرير التي يجب أن تتسع الجميع دون ديكتاتورية اي فرد أو جبهة أو حركة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى