لهذه الأسباب لن يكشف التحقيق في انفجار المرفأ عن الجناة الحقيقيين
بقلم: اكرم كمال سريوي
النشرة الدولية –
الثأئر نيوز –
قرابة عام مر على انفجار مرفأ بيروت ولم يصل التحقيق إلى نتائج تكشف حقيقة ما حصل، فلم يُعرف من جاء بنترات الأمونيوم ، ولصالح من ؟ وهل تم تهريب قسم منها عن البور؟ وإلى أين؟ وما هو سبب الانفجار؟ أو من الذي فجر المرفأ ؟ .
بتاريخ ٢٠٢٠/٦/٢٨ تحدثنا في مقالة مفصلة في «الثائر» عن وجود خطة لإغلاق المرافئ في لبنان، (ونتحفظ عن مصدر معلوماتنا طبعاً) وحصل الانفجار وتم تدمير مرفأ بيروت بعد خمسة أسابيع على المقال، (ووفقاً لرأينا لم يكن الانفجار مصادفة، بل عملاً تخريباً مقصوداً) .
وبالعودة إلى موضوع التحقيق فهو ما زال سرياً، وما تم تداوله على وسائل التواصل عن بعض المسؤولين الأمنيين هو من باب التكهن ونسج الخيال، ولا يمت إلى التحقيق بصلة. وبغض النظر عن ذلك فإن استدعاءات القاضي بيطار لبعض السياسيين والأمنيين لها وجهان:
الأول سلبي: فموضوع محاسبة الوزراء والنواب وغيرهم بجرم جنحة المسؤولية التقصيرية في الواجب الوظيفي ، لن يوصل إلى النتيجة المتوخّاة من التحقيق. فاللبنانيون يريدون معرفة المجرم الحقيقي، الذي تسبب بتدمير المرفأ والبيوت وقتل الضحايا الأبرياء .
وخلال هذا العام اختبروا توقيف بعض الأشخاص بجرم المسؤولية التقصيرية، وتم إخلاء سبيل معظمهم، دون أي نتيجة مفيدة لكشف الحقيقة.
الوجه الثاني للاستدعاءات هو إيجابي ، كونه يؤسس ولو بالحد الأدنى إلى إمكانية مساءلة الوزراء والنواب وقادة الأجهزة الأمنية أمام القضاء ، على أمل أن لا تبقى هذه الاستدعاءات والمحاكمات صورية، ويتم من خلال توقيف الذين تثبت مسؤوليتهم وإدانتهم، كشف حقيقة ما حصل، وإعلام اللبنانيين بأسماء وهويات المجرمين الحقيقيين الذين تسببوا بهذه الكارثة الوطنية.
لا يمكن استباق التحقيقات ، مع التأكيد على سرية التحقيق، ومهنية وصدقية القاضي بيطار. لكن تجدر الإشارة إلى النقاط التالية :
١- إن كل ما تم تداوله على وسائل التواصل والإعلام يبقى من قبيل التكهنات، فتفاصيل التحقيق ما زالت سرية، ولم يتم الكشف عنها بعد، وفقط أجهزة مخابرات دولية كبرى، تعلم التفاصيل لكنها لم تكشف عنها للبنان ولا للإعلام.
٢- هناك جرم حصل ويوجد مجرمون لبنانيون ومشتركون أجانب بالجرم ، وعلى التحقيق كشفهم أمام الرأي العام ، ومحاكمتهم إذا أراد القضاء أن يُثبت نزاهته ومصداقيته . فهل سيستدعي قاضي التحقيق، بعض المسؤولين الأجانب المشتبه بهم ، إلى التحقيق؟؟
٣- هل يمكن إدخال وتخزين ذخائر وصواريخ ومواد متفجرة، إلى مرفأ لبناني، بأمر قضائي غامض ومبهم ، وتبقى لسنوات ، دون علم السلطات العسكرية المختصة ، ودون اتخاذها اجراءات السلامة اللازمة ؟؟؟ .
ثم تنفجر هذه المواد ولا يكون هناك مسؤولية على أحد ؟؟؟، بدءاً من رأس الهرم إلى آخر موظف ، كتم معلومات أو تستّر أو شارك أو قصّر بواجباته لتفادي ما حصل ، ومنذ العام ٢٠١٤ وحتى تاريخ الانفجار ؟؟؟
٤- لماذا لم يطلب القضاء اللبناني حتى اليوم، من الأنتربول الدولي توقيف الأجانب المتورطين في الجريمة ؛ كعناصر طاقم الباخرة الذين أصبحوا معروفين، وكذلك أصحاب الشركة التي باعت وتلك التي اشترت هذه المواد ونقلتها إلى بيروت ؟؟؟ .
٥- هل سيكتفي قاضي التحقيق باستدعاء هؤلاء المسؤولين الذين أعلن عنهم ؟؟ أم سيُكمل ويستدعي كل الذين تولوا المسؤولية، منذ تاريخ إدخال نيترات الأمونيوم إلى المرفأ، وحتى تاريخ الانفجار ؟؟؟ دون استثناء ودون انتقائية ؟؟؟
٦- إذا عرف قاضي التحقيق الحقيقة ، فهل يستطيع إعلانها إلى اللبنانيين ؟؟، ومن يستطيع أن يقدّم له ضمانات السلامة من خطر المجرمين ومَن وراءهم ؟؟؟ ولقد سبق وتنحّى القاضي صوان عن التحقيق دون أن يُعلن الأسباب.!!! وهي على الأرجح تتعلق بسلامته وسلامة عائلته.
٧- إذا كانت قوى خارجية هي التي ارتكبت جريمة تفجير المرفأ، و قوى أجنبية قد تمكنت من شحن وإدخال وتخزين المواد المتفجرة الخطرة طيلة هذه السنوات على بور بيروت، فهل ستسمح هذه القوى بكشف عملائها في لبنان ،وكشف حقيقة ما حصل ؟؟؟
هذه الأسئلة لن يستطيع قاضي التحقيق أن يجيب عليها، أو ربما لن يجد لها جواباً مقنعاً، وبالتالي لن يستطيع كشف الحقيقة.
وعلى أمل أن لا تضيع الحقيقة في متاهة الحصانات والمحسوبيات والسياسة، وأن يتم الكشف فعلاً عن الذين ارتكبوا هذه الجريمة بحق بيروت والوطن ، سننتظر نتائج التحقيق. مع العلم أن التجارب السابقة غير مشجّعة، ففي لبنان يصعب كشف المجرمين الحقيقيين، لأنهم أقوى من الدولة، بل ربما هم الدولة الحقيقية، ولهذه الأسباب قد لا نعرف أبداً من أتى بنيترات الأمونيوم، ولا من فجّر مرفأ بيروت، ولن يكشف التحقيق عن الجناة الحقيقيين ، وقد تطول قائمة الاستدعاءات، وقنابل التحقيق الدخانية في الإعلام، حتى يغيم المشهد وتختفي كل الحقيقة، دون أن تندمل جراح ذوي الشهداء، ولا أن يرتاح اللبنانيون.