الإعلام حَوّلَ دول السراب لتابع ذليل تنتظر الموت
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
تغيب الحقيقة ولا تظهر إلا بعد فوات الأوان في ظل وجود إعلام الجهل والتجهيل الذي يغزوا العالم بكل قوة، فقد أظهر الإعلام للعديد من العرب ان احتلال العراق وإعادتها لعصور ما قبل التاريخ بأنها مصلحة للعراقيين ومن أجل حريتهم، وأعاد الإعلام المُضلل والذي ينتشر بشكل كبير في مناطق الخليج العربي حيث المال المُتأتي من النفط الأسود، ليزرع صورة سوداء لليبيا وسوريا واليمن فاتحاً الطريق أمام تقبل العالم العربي لتدميرها وقتل أبنائها، والغاية واضحة جلية بفرض الهيمنة والسيطرة على منابع النفط التي خارج السيطرة الأمريكية، وبالتالي دخلوا على الأمة بمفاهيم يدركون خطورة وكذب معانيها وتجهل الشعوب العربية كهنها، وفرضوا على الأمة ما تُشاهد شعوبها بعد سيطرتهم على القرار في المؤسسات الإعلامية والدول التي تملكها، ليفرضوا على المشاهدين مجموعات من المحللين والخبراء السياسيين والعسكريين والاقتصاديين من طينة الجهلاء العملاء ويهتفون بما يُؤمرون، فزادوا من تجهيل الشعوب بقضاياها التاريخية وقللوا من خطورة المستعمر الأمريكي.
وتظهر وتتواصل هذه الطريقة بصورة قمة في البشاعة بالتعامل مع القضية الفلسطينية، حتى وصل الأمر بعدد من أبناء الأمة العربية من جُهلاء التاريخ والمعتاشون في الحاضر والذين لا يستطيعوا إستشراف المستقبل إلى الإساءة للقضية والشعب الفلسطيني، وبالتالي فقد نجحت عملية غسل الدماع بغرس أفكار وهمية كاذبة في عقول شبه فارغة بعد نزع القضايا الوطنية منها وتحويل أصحابها لمجرد أنعام يعبثون في الأرض، ليتحول البعض عن دعم القضية الفلسطينية والتعامل معها على أنها ليست قضيتهم، والفضحية الكُبرى أن عدد من هؤلاء قد أساءوا لتاريخ بلادهم حين أعلنوا وقوفهم مع الصهاينة في تصديهم لهجمات المقاومة الإرهابية، اعتبروا الفعل البطولي للمقاومة تدمير لمنازل ومحال الأبرياء الذين حضروا من جميع أقطار الأرض ليحتلوا فلسطين، فيما أغلق حمقى العرب أعينهم عن تهجير الملايين ومقتل المئات من الفلسطينين في غزة والضفة، والغريب والأكثر قذارة أن هؤلاء أصحاب العقول الفارغة يعتبرون أن هذا القتل والتهجير حق مكتسب ودفاع عن النفس الصهيونية التي لا يتختلفون عنها في شيء.
لقد نجح المُخرج والمُنتج المسيطرين على المؤسسات الإعلامية العربية في فرض فكرهم ورأيهم في تحديد الصورة النهائية لمعاني الظلم والقهر والاستبداد والحرية والحرب المقدسة والارهاب، لنجد ان الفلسطينين الباحثين عن الإستقلال يتم تصنيفهم في قنوات العهر الإعلامي كإرهابيين، وأن العراقيين الرافضين للوجود الأمريكي إرهابيين ايضاً، فيما يروجون لما يقوم به الكيان الصهيوني على أنه حرب مقدسة مشروعة، لقد عبث الإعلام في ذهن حمقى العرب لدرجة أن الأمريكي كوشنير شكر أحد القنوات ووصفها بأنها فتحت لهم الطريق لنشر فكرهم في المنطقة، وحقاً بعد أن فتحت هذه القنوات شاشاتها للصهاينة للدفاع عن رايهم تحول العديد من العرب من شرفاء إلى صهاينة بامتياز.
ان الإعلام ليس السلطة الرابعة كما يحلوا وصفها عند جهلاء العمل وإدارة الدول كونه السلطة الأولى، حيث يسيطر على الفكر الشعبي ويغرس ما يشاء من أفكار، كما أنه يفتح الطرق لنقاش قضايا كانت تعتبر من المحرمات مثل التعامل مع الصهاينة والشذوذ الجنسي والفكري، وبالتالي ساهم في تغير ثقافة المجتمع والتي أصبحت تتقبل الخيانة على أنها مجرد وجهة نظر وأن الشذوذ حرية، وكنا نقول سابقاً لا خير في أمة تأكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تصنع، لنضيف إليها لا خير في أمة يسير إعلامها حسب الأجندات الخارجية، كون الخير سينتهي في تلك الشعوب وتتحول إلى مجرد آلالات تعمل كما يُملى عليها من تجار الشعوب والدماء والمواقف، فتنهار منظومات تلك الدول ويتبعها الإنهيار التام حين تصبح مجرد سراب بلا قوة أو واقع، لتتحول إلى تابع ذليل يفعل ما يؤمر بانتظار الموت الحقيقي الذي يقترب كلما زاد جهل الشعوب.