الرئيس يطلب تنحيتك… لقد أصبحت «وغداً»!
بقلم: حمزة عليان

النشرة الدولية –

أنصح من يريد معرفة تاريخ دونالد رامسفيلد “مهندس غزو العراق” بمشاهدة فيلم “vice” (نائب الرئيس) للمخرج “آدم مكاي”، هذا الفيلم يروي حياة “المشرّد” ديك تشيني تلميذ رامسفيلد، ترافقا معاً من أيام حكم ريتشارد نيكسون، والشخصيتان تنتميان إلى فئة الصقور أثناء عهد بوش الابن، ويعود إليهما الفضل بأن صبغا “عظمة أميركا” بالقوة العسكرية، رامسفيلد الذي تقلد منصب وزير الدفاع مرتين توفي قبل أيام وهذا الرجل صُنعت حول شخصيته الأساطير.

 

في هذا الفيلم يظهر الوجه الحقيقي “لثعلب السياسة” يسلط الضوء عليه والعلاقة التي تربطه بديك تشيني يوم طلب منه أن “يُبقي فمه مغلقا” وخادماً للسلطة، وينتهي الفيلم بمكالمة خاصة بينهما بعدما انكشفت كذبة أسلحة التدمير الشامل التي ادعى أن صدام حسين يملكها وأن له علاقة بالقاعدة وبأسامة بن لادن.

 

في تلك المكالمة يبلّغ نائب الرئيس “المفجوع” صديقه رامسفيلد أن الرئيس بوش الابن يطلب تنحيته من منصبه فقد أصبح “وغداً” بنظره! في حين أن تشيني رفض الاعتذار لأن واجباته تتطلب اتخاذ قرار حاسم لحماية مصير الأمة الأميركية.

 

لم يكن رحيل رامسفيلد عن هذه الدنيا بالشأن العادي، فحروب أميركا في أفغانستان والعراق دمغته بها وإن كان هناك من يتساءل، كيف نجا من عواقب القرارات التي اتخذها؟

 

شخصيتان طبعتا التاريخ العسكري الأميركي في الخارج، وكانتا تعبيراً عن صورة الدولة العظمى لحظة السقوط الدراماتيكية في الحروب والأزمات الكبرى: الأولى روبرت مكنمارا يوم كان وزيراً للدفاع وشاهداً على الخروج المهين من سايغون وهروب العسكر يوم مغادرتهم أرض المعركة من الحرب الفيتنامية عام 1974، والثانية لرامسفيلد الذي وقف وراء “بيع الحرب ضد الإرهاب” للعالم، فبعد ست ساعات من اصطدام الطائرات بالبرج الشمالي لمركز التجارة العالمي كان الهدف الذي سعي إلى تحقيقه، ضرب العراق دون أن يكون هناك أي صلة بين أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة وبين صدام حسين.

 

موقع “The intercept” الأميركي وصفه “بمجرم الحرب التافه” وسجله كان حافلاً بالأكاذيب كما يقولون! وأخطر ما فعله رامسفيلد “تلفيق” تقارير المخابرات الأميركية و”تزييف” الحقائق بوجود أدلة على امتلاك العراق أسلحة تدمير شامل وعلاقة أبو مصعب الزرقاوي بصدام حسين!

 

فبعد الهجوم في سبتمبر 2001 على مركز التجارة العالمي ومقر البنتاغون، طرح فكرة شن ضربات انتقامية، فكان العراق وأفغانستان هدفاً لحربين مدمرتين، تم إيجاد ما يعرف بمحور الشر الذي أضيف إليه العراق مع إيران وكوريا الشمالية، والعراقيون يتذكرونه جيداً سجن أبوغريب ويورانيوم البصرة ونابالم الفلوجة ومجزرة الحديثة.

 

أثار انتقاد العالم وجلب لنفسه السخرية عندما سئل عن الأدلة التي يمتلكها بوجود أسلحة التدمير الشامل لدى العراق، قال جملته الشهيرة “المعلوم المجهول” وهي عبارة تحولت إلى التندر، وكانت ملهمة للمخرج إيرل موريس الحائز جائزة الأوسكار بإنتاج فيلم سينمائي وثائقي حمل اسم “المعلوم المجهول” فقد دخل المخرج في عقله تماماً كما فعل مع روبرت مكنمارا في فيلمه “ضباب الحرب”.

 

جانب مهم في قصة رامسفيلد تأخذك فيه الأحداث للوقوف على كيفية اتخاذ القرار بدوائر البيت الأبيض وتقربك من دور المستشارين الكبار والمتنفذين والمحيطين بالرئيس والذين أوجدوا له مخارج قانونية تحميه من المساءلة وتبعد عنه صفة “مرتكب الجرائم ضد الإنسانية” وكانت لهم بصمات واضحة في صنع الحروب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى