رفع الحصانة النيابية بقضية مرفأ بيروت يسلك مساره القانوني.. فماذا عن السياسي!
النشرة الدولية –
لبنان 24 – نوال الأشقر –
تلتئم غدًا الجمعة هيئة مكتب مجلس النواب ولجنة الإدارة والعدل النيابية، لدرس رفع الحصانة عن النواب المُدّعى عليهم في ملف انفجار مرفأ بيروت. يسلك الطلب مسارًا دستوريًّا إلزاميًّا، يتخذ بموجبه المجلس النيابي قراره النهائي في الهيئة العامة، برفع الحصانة عن النواب المعنيين، أو اعتبار ان موضوع الطلب يدخل ضمن صلاحيات المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.
في الشق القانوني استندت دعوة الرئيس نبيه بري إلى النظام الداخلي لمجلس النواب، وفق المادة 92، وتنصّ على “تقديم طلب رفع الحصانة إلى رئيس المجلس، الذي يدعو هيئة مكتب المجلس ولجنة الإدارة والعدل إلى جلسة مشتركة لدرس الطلب. على هذه الهيئة تقديم تقرير بشأنه في مهلة أسبوعين كحدّ أقصى”.
تعمد الهيئة إلى طرح الطلب على التصويت بالأكثرية النسبية، وفق المادة 34 من الدستور، وترفع تقريرها إلى الهيئة العامة لمجلس النواب، ليًصار أيضاً إلى التصويت وفق مبدأ الأكثرية العادية، وإذا تعادلت الأصوات يسقط الطلب.
أمّا في حال انتهت مهلة الأسبوعين ولم تقدّم الهيئة المشتركة تقريرها “وجب على رئاسة المجلس إعطاء علم بذلك للمجلس في أول جلسة يعقدها، وللمجلس أن يقرّر منح الهيئة المشتركة مهلة إضافية بالقدر الذي يراه كافياً أو وضع يده على الطلب والبت به مباشرةً” وفق المادة 93 من النظام الداخلي.
ماذا عن الشق السياسي، هل تشكّل المادة 98 ثغرة يمكن للهيئة أن تنفذ من خلالها لاستنساخ “ارتياب مشروع” ؟ وهل سيكون ردّ مجلس النواب شبيهاً بالرد على رسالة القاضي فادي صوان؟ وهل يمكن للمجلس أن يخلُص إلى اعتبار أنّ موضوع الطلب من صلاحيات المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء وليس من صلاحية القضاء العدلي؟
المادة 98 تنصّ على أنّه “للهيئة المشتركة وللمجلس عند درس ومناقشة طلب رفع الحصانة تقدير جدّية الملاحقة، والتأكد من أنّ الطلب بعيد عن الغايات الحزبية والسياسية، ولا يستهدف حرمان النائب من ممارسة عمله النيابي”. الكتل النيابية بصدد درس خياراتها، النائب الآن عون وهو عضو في هيئة مكتب المجلس قال في اتصال معنا، إنّه “يدرس الملف وأن لا موقف بعد”.
النائب هادي أبو الحسن وفي حديث لـ “لبنان 24” أكّد “أنّ موقف اللقاء الديمقراطي لم يتغير،فمنذ أن كانت القضية بعهدة القاضي صوان أطلقنا موقفًا واضحًا، بوجوب عدم التلطّي خلف المحميّات الطائفية، ولتبقى الحقيقة في انفجار المرفأ فوق أي اعتبار. نحن مع مقاربة هذا الموضوع بعيدًا عن أيّ اجتهادات مذهبية أو طائفية أو قانونية، ويجب أن يكون هذا الموضوع متجرّدًا من أي اعتبارات سياسيّة، وأن تتم ملاحقة المسؤولين على كل المستويات دون استثناء، لأنّه من شأن أي استثناء في المساءلة أن يعيق الملف وسير العدالة”.
النائب محمد الحجار وفي اتصال مع “لبنان 24” أشار إلى أنّ الأمر لم يُبحث بعد على مستوى الكتلة “لكن بأيّ حال، كتلة المستقبل تلتزم بمقتضيات الدستور. وما يهمنا هو معرفة حقيقة ما حصل في الإنفجار الكارثي الذي حلّ ببيروت، ومعرفة من أوصل المواد المتفجرة إلى لبنان، كيف وصلت وكيف انتقلت إلى سوريا، ومن يقف خلفها، ومعرفة المسؤولين الكبار عن هذه المجزرة، وليس أن تقتصر المسألة على الصغار منهم في موقع العبد المأمور، بل نريد أن نعرف من أخذ القرار”.
عن موقف كتلة التنمية والتحرير أشار النائب ميشال موسى لـ “لبنان 24″ إلى أنّ الكتلة لم تجتمع لتحدّد موقفها، ولكن الرئيس بري واضح لجهة تطبيق القانون”.
النائب عماد واكيم أكّد أنّ كتلة “الجمهورية القوية” ستصوّت إلى جانب رفع الحصانات “نحن مع إعطاء القضاء كل التسهيلات وعدم عرقلة عمله، ولا يجب أن تقف مسألة الحصانات حاجزًا أمام سير العدالة. كما أنّ القضاء لن يتبلّى على شخصيات سياسية وأمنية، وبالتأكيد يملك إثباتات ومعطيات”.
مصادر نيابية لفتت إلى أنّ النقطة التقنية في النقاش النيابي، ستتمحور حول توصيف الجهة المخوّلة بالإتهام، وما إذا كان بالإمكان مساءلة النواب والوزراء أمام القضاء العادي، فإذا قرر المجلس أنّ ذلك من صلاحية المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، في هذه الحال يصبح الإتهام من صلاحية مجلس النواب وليس القضاء العدلي. بأي حال يعود للهيئة العامة أن تحسم ذلك، بناءً على نتائج التصويت.
قد يكون من الصعب على المجلس النيابي أن يتمسّك بحصانة نيابية، تظهره أمام الرأي العام معرقلًا للتحقيق، بمجزرة دمّرت نصف العاصمة، وأودت بحياة المئات، فضلًا عن الآف الجرحى والمشرّدين، فيبادر إلى رفع الحصانة النيابية، لكن ماذا عن الحصانة السياسية لكل المسؤولين عن تفجير المرفأ، والعارفين بنيتراته، مهما علا شأنه وموقعهم؟ والأهم هل ستُكشف حقيقة من أتى بنيترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت وخزّنها كل تلك السنوات؟